نقمة أزمة الكهرباء في غزة نعمة لمخابز الطين الشعبية
في الوقت الذي شهدت فيه أفران الطين تراجعا في نسبة الاستخدام في غزة بسبب الحداثة والتطور، عاودت الأفران الطينية لتأخذ مجدها في ظل أزمة الكهرباء وتفاقمها دائما في فصل الشتاء أشعلا ناره مجددا وزاد إقبال الأهالي عليه ليس فقط في خبز الخبز البلدي بل كذلك في الطهي خصوصا ولائم الأرز بالدجاج واللحم.
غزة- إسلام راضي- بوابة اقتصاد فلسطين
يكثف أبو غالب حسنين ساعات عمله لتلبية طلبات زبائنه الذين عادوا لاستخدام أفران الطين في منازلهم في محاولة للتغلب على تفاقم أزمة انقطاع التيار الكهربائي في قطاع غزة.
ويعمل حسنين (47 عاما) منذ صغره في تجهيز أفران الطين في منطقة شعبية مشهورة في مدينة غزة باسم "الفواخير"، وهي مهنة ورثها عن والده ويقول أنها لم تنتعش في حياته كما حصل في الشهور الأخيرة في ظل تفاقم أزمة الكهرباء.
ويضيف حسنين لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، أن "الناس هنا في غزة لم تكن تبحث عن طلب أفران الطين إلا كبار السن منهم، لكن اليوم نظرا لأزمة انقطاع الكهرباء زاد الطلب على الأفران وانتعش عملنا".
ويشير إلى أن كثيرا من العائلات تتمسك بإعداد الخبز البلدي، وفي ظل أزمة الكهرباء تعاود اللجوء إلى طلب فرن طين تضعها في حديقة منزلها أو على أسطحها للتغلب على الأزمة.
وفي العديد من مناطق غزة الفقيرة أجبر غياب الكهرباء وتفاقم انقطاعها معظم ساعات النهار بشكل شبه يومي الأهالي على نفض الغبار عن أدوات كان يعتقد أنها أصبحت من الماضي وذلك لتسيير حياتهم اليومية.
ويندرج اللجوء إلى الخبز على فرن الطين القديم في قطاع غزة في إطار محاولات التغلب على واقع صعب أو مسايرة الأزمة لحين انفراجها، وفي الحالتين صورة مؤلمة لسكان القطاع من دون توفر كهرباء ما يعيدهم عقودا إلى الوراء.
ومن ذلك انتعاش قياسي للإقبال على مخابز أفران الطين الشعبية والتي حظيت مؤخرا بتضاعف توافد الأطفال، حاملين قوت أسرهم لخبزه على الحطب ما جعل بنقمة أزمة الكهرباء نعمة لأصحابها.
ويبدو نعيم شراب في نهاية الثلاثينات من عمره سعيدا وهو ينشغل بترتيب طلبيات زبائنه في مخبزه القديم المصنوع من الطين في حي الزيتون شرق مدينة غزة.
ويقول شراب، إن عمله يشتمل على إعداد الخبز البلدي وكافة أنواع المعجنات وتجهيز وجبات الدجاج المشوي والأرز المطبوخ بأواني فخارية بالدجاج واللحم.
ويضيف أنه يعمل كذلك في تحميص المكسرات خاصة الفستق والقهوة العربية، وذلك كله باستخدام نار الحطب داخل موقد مصنوع من الطين.
ويحتفظ فرن شراب بهيئته التاريخية بسطحه المكون من الصفيح وجدران بدائية، ويقول الرجل إن الفرن قارب عمره على المائة عام لكنه ما يزال يعمل رغم كل ما واكب حياة الناس من تطور.
والفرن عبارة عن غرفة معزولة حراريا تستخدم للتسخين أو الخبز وهو أكثر شيوعا للاستخدام في الطهي.
ويعد فرن الطين تراثا شعبيا، وكثيرا ما تقيم العائلات نماذج صغيرة منه داخل ساحات منازلها، لكن التطور والكهرباء دفع كثيرا إلى تراجع مكانته وجعلها تقتصر على كبار السن وفي أحياء محددة من قطاع غزة.
ويقول شراب إنه يتلقى عشرات الطلبات يوميا للعائلات لتجهيز الخبز والولائم لما تحتفظ له نكهة الخبز بالنار والحطب من مذاق خاص وشهي.
ويقر الرجل بأن الفرن واجه سابقا تراجعا في عمله واقتصاره على الولائم الكبيرة للعائلات، غير أن اشتداد أزمات قطاع غزة خاصة تفاقم أزمة انقطاع الكهرباء ونقص كميات غاز الطهي أنعش عمله كثيرا.
ويضيف أن الحداثة والتطور كادا أن يطفئا نار الفرن لكن أزمة الكهرباء وتفاقمها دائما في فصل الشتاء أشعلا ناره مجددا وزاد إقبال الأهالي عليه ليس فقط في خبز الخبز البلدي بل كذلك في الطهي، خصوصا ولائم الأرز بالدجاج واللحم.
ويؤكد رئيس مجلس إدارة جمعية المخابز في قطاع غزة عبد الناصر العجرمي أن تفاقم أزمة انقطاع الكهرباء عادة ما يحمل انتعاشا لعمل مخابز الطين الشعبية التي يقبل عليها العائلات المتمسكة بالخبز البلدي ولا تجد في الخبز الجاهز بديلا عنه.
ويوضح العجرمي لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، أن العدد المتبقي لمخابز الطين في قطاع غزة يعد محدودا جدا ولا يزيد عن عشرة على الأغلب لكنها تحتفظ بجاذبيتها والإقبال عليها من العديد من العائلات خاصة في طهي ولائم الأرز بالأواني الفخارية بالدجاج أو اللحم.
ويشدد العجرمي على أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي تعطل كثيرا عمل مخابز قطاع غزة الحديثة، والتي يقدر عددها بمائة مخبز، وعندما تنقطع الكهرباء لأكثر من 12 ساعة يوميا فإن إنتاج تلك المخابز يتراجع كثيرا ويزيد من أعباء تكلفة الإنتاج لأصحابها.