الرئيسية » أقلام اقتصادية »
 
28 كانون الثاني 2017

البوابة الموحدة للمساعدات الاجتماعية ... خطوة نحو العدالة الاجتماعية

بقلم : مؤيد عفانة  عضو الفريق الاهلي لشفافية الموازنة العامة في فلسطين

قررّ مجلس الوزراء فيجلسته رقم (136)بتاريخ 24/1/2017، اعتماد البوابة الموحدة للمساعدات الاجتماعية في فلسطين، حيث جاء في نص القرار "اعتماد البوابة الموحدة للمساعدات الاجتماعية، وتشكيل لجنة توجيهية تضم في عضويتها عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، وذلك بهدف الوصول إلى أكبر تغطية ممكنة للأسر المحتاجة والفقيرة، ومنع الازدواجية في تقديم المساعدات، وتحقيق العدالة في التوزيع وتكافؤ الفرص، وتخطيط المساعدات وتنسيقها على المستوى الوطني من خلال التنسيق الشامل بين كافة الشركاء من مزودي الخدمات والمساعدات الاجتماعية"

وسبق ذلك بحوالي الشهرين، وتحديدا في التاسع من تشرين ثاني/نوفمبر الماضي، تنظيم الفريق الاهلي لشفافية الموازنة العامة في فلسطين مؤتمرا حول قضايا الموازنة العامة، عرض فيه دراسة استقصائية حول المساعدات الاجتماعية والنقدية في فلسطين، واصى فيه بـ " ضرورة قيام مجلس الوزراء بإطلاق البوابة الالكترونية للمساعدات النقدية والاجتماعية، والتي من شأنها تنسيق تلك المساعدات، ومنع الازدواجية وتحقيق العدالة في التوزيع، وتعزيز التنسيق بين المؤسسات الرسمية والاهلية العاملة في مجال المساعدات".

وقرار مجلس الوزراء يمثّل خطوة عملية هامة تحدّ من "فوضى المساعدات الاجتماعية" في فلسطين، تبعا لتعدد الجهات التي تقدّم المساعدات الاجتماعية والنقدية، وعدم وجود تنسيق او ربط حاسوبي كامل فيما بينها، مما يؤدي الى ازدواجية المساعدات، وحرمان اطراف اخرى من فرص تلك المساعدات، وخلق حالة من الارباك في تقديم المساعدات، مما ينتج عنه عدم تحقيق العدالة والاخلال بمبدأ تكافؤ الفرص.

كما ان حالة "فوضى المساعدات" وعدم وجود بوابة موحدة لها، تُغيّب الشفافية، وتوفّر فرصا للفساد ومظاهرة من محسوبية ومحاباة وغيرها، وتحقق اجندات شخصية او حزبية، خاصةً وان المساعدات الاجتماعية والنقدية تشكّل ارقاما مالية كبيرة في فلسطين، جزء منها يأتي عبر المساعدات الدولية للسلطة الوطنية الفلسطينية، وجزء اخر من خلال الخزينة العامة، وجزء ثالث يأتي من تبرعات المواطنين الفلسطينيين انفسهم، وجزء رابع من الدعم الخارجي للمؤسسات الدولية والاهلية.

فتبعا لبيانات وزارة التنمية الاجتماعية بلغت قيمة المساعدات النقدية المباشرة عام 2016، (520) مليون شيكل، بتمويل محلي وخارجي، استفادت منها حوالي 120 الف اسرة، اضافة الى مساعدات نقدية اخرى بقيمة (60) مليون شيكل، استفادت منها (20) الف اسرة، تم تمويلها من الخزينة العامة، عدا عن المساعدات الاخرى التي تقدمها وزارة التنمية الاجتماعية، مثل كفالات الايتام، والاعفاءات المدرسية، والمساعدات الطارئة، ومساهمات دفع فاتورة الكهرباء للأسر الفقيرة وغيرها.

وتبعا لبيانات صندوق الزكاة المركزي فقد تم توزيع حوالي (26.4) مليون شيكل خلال النصف الاول من العام 2016، كمساعدات اجتماعية ونقدية في محافظات الضفة الغربية لوحدها، كما ان هيئة الاعمال الخيرية انفقت على مشاريعها ومساعداتها الخيرية في فلسطين في العام 2015 مبلغ (18.47) مليون دولار، اي ما يكافئ (70) مليون شيكل، عدا عن المساعدات التي تقدم عبر مكتب السيد الرئيس ومكاتب المحافظين، ووكالة الامم المتحدة لرعاية وتشغيل اللاجئين الفلسطينيينUNRWA، وغيرها من المؤسسات الدولية والاهلية، والتي تقدم مساعدات اجتماعية ونقدية في فلسطين، والحملات الخيرية المختلفة.

ومن المأمول ان يتبع قرار مجلس الوزراء اجراءات عملية على الارض، تبدأ من اعداد قاعدة بيانات موحدة لكافة مستحقي المساعدات الاجتماعية والنقدية، تضم بيانات تفصيلية وواضحة، وقائمة على مهنية وموضوعية في جمع البيانات وتبويبها، وتوحيد معايير الاستحقاق، ونشرها بشكل شفاف ومعلن للمواطنين، ومن ثم توزيع المساعدات أيا كان مصدرها اعتمادا على البوابة الموحدة، وبما يكفل منع الازدواجية،وتحقيق العدالة في التوزيع وتكافؤ الفرص بين كافة المواطنين، والوصول الى الفئات الاكثر تهميشا والاقل حظا، كما ان تطبيق البوابة الموحدة للمساعدات النقدية سيعمل على ترشيد النفقات، من خلال منع الازدواجية ومنح من لا تنطبق عليه المعايير، الامر الذي سيمكّن الجهات العاملة في موضوع المساعدات الاجتماعية الى الاستثمار في الخدمات الاجتماعية الاخرى، من تأهيل للحالات الاجتماعية، وتعزيز مفهوم إدارة الحالة الاجتماعية، للانتقال بتلك الاسر من حالة الفقر الى الانتاج من خلال التأهيل والدعم للاستثمار في مشاريع بدلا من المساعدات النقدية الاغاثية، الامر الذي يدفع تجاه تحقيق التنمية المجتمعية، وليس مساعدات اغاثية تدور في فلك حالة الفقر فقط، كما ان البوابة الموحدة للمساعدات الاجتماعية ستعمل على تعزيز الشراكات في المساعدات الاجتماعية، بين القطاع الحكومي والاهلي، وضرورة العمل على دمج القطاع الخاص ايضا في تلك الشراكات، وتحمّل مسؤولياته المجتمعية، وفي مجمل عملية التنمية الاجتماعية، وصولا الى اجتراح استراتيجية وطنية عبر قطاعية لمكافحة الفقر في فلسطين بشكل شمولي، وبأبعاده المختلفة، الاقتصادية والاجتماعية.

مواضيع ذات صلة