الرئيسية » أقلام اقتصادية »
 
22 كانون الثاني 2017

حينما يكون قانون حماية المستهلك على مقاس المنتج

\

مضى أكثر من عقدٍ على اقرار قانون حماية المستهلك الفلسطيني، وبفضولٍ علميٍ مني وكوني مواطن مستهلك أولًا، فأضعُ بين أيديكم خلاصة بحث قانوني حول قانون حماية المستهلك الذي تعلمنا في كلية الحقوق أنه الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية، وأن غاية القانون هي انصافه، لم يمضِ الوقت الكثير واذ أنا بي قد انتهيت من قراءة القانون الذي يحوي في متنه خمس وثلاثون مادة تعالج حقوق المستهلك.

في الحقيقة أن الأمر ليس بالكم بل بالنوع، وفي الحقيقة المرّة أن مشرعنا وضع خطوط عريضة تنظم حماية المستهلك.

وكون الحديث يطول في ذكر المآخذ على القانون سأقتصر في مقالي هذا عن أمر يحتاجه ويتعامل به كل مواطنٍ فلسطيني.

كيف حمى المشرع الفلسطيني المستهلك في تعاملاته البنكية:

في الحقيقة أن متلازمة النقل عن المشرعين المصري والأردني لم تسعف مشرّعنا في تدارك النقص بل وقع في شركه، فلم يخصص في مواده الخمس والثلاثين أية مواد لتنظيم هذه العلاقة، بلا شك أنني ارتبت من الأمر فاستعنت بقانون المصارف الذي وجدته يحدد العلاقة بين المصارف وسلطة النقد، ولعلي فرحت لمّا عثرت على تعليمات سلطة النقد التي تصدر بشكل دوري، واذا بها أيضًا وضعت نقاط عشوائية فضفاضة لم تحدد هذه العلاقة، مع علمي المسبق أن هذه التعليمات مهما بلغت فهي لا ترقى لمستوى القانون.

أين المشكلة؟

المشكلة في أن الوضع الاقتصادي يجبر كل شخصٍ منا على الاقتراض من البنك، وبما أن لا قانون ينظم ويردع، فيبقى المقترض (المستهلك) لقمةً سائغة في يد المصرف، لا تحديد للفائدة، ولا تحديد لسقف العمولات، وعن تجربة شخصية عند ذهابي لأحد البنوك خالعًا عني دور المحامي وجدت أن موظف البنك يدخلني في متاهات لا أول لها ولا آخر، حتى أنه بحنكته قد أثناني عن قراءة بنود عقد الاقتراض، وقد اتقنت الدور ولم أطلب مزيدًا من الإيضاح الذي لن أجده.

المشكلة في الثقافة السائدة أيضًا:

إن قلة الوعي القانوني لدى العامة تجعل كل ما يشغل بال المستهلك هو السعر، وكما هو معروف في أوساطنا الشعبية (المهم ما غلبوني في السعر)، عزيزي المستهلك إن الحماية القانونية لك أكبر من الثمن الذي تدفعه فلك من الحقوق الكثير فلا تحصرها في الثمن لك حق الإعلام والإختيار والرجوع، وغيرها الكثير من الحقوق.

علاج العجز التشريعي:

قد عُلّمنا في كلية الحقوق أن عجز التشريع الخاص تسدهُ القواعد العامة، وفي حالتنا الفلسطينية القواعد العامة هي مجلة الأحكام العدلية الصادرة سنة 1876 والتي مهما بلغت ريادتها وإتقان صنعها لن تمنحها التطورات الاقتصادية قوة الصمود، فأمام عصر العولمة وظهور أصناف البيع عبر الانترنت والبطاقات المصرفية والنقود الالكترونية، فلا يصح القول بأن المجلة قادرة على مواكبة هذه التطورات.

وإن كان هنالك ما أسديه للمشرع الفلسطيني هو أن يتجه صوب النماذج العربية الرائدة في مجال حماية المستهلك مثل المشرع المغربي الذي يحتوي قانونه على 206 مواد نظمّت بشكل مفصل كل قضايا المستهلك.

دور جمعيات حماية المستهلك:

بعد البحث عن الموقع الالكتروني لجمعية حماية المستهلك يتهيأ لك من الوهلة الأولى أنها قرية مهجورة، ثلاثة أخبار أحدثها نُشِرَ عام 2014، تعريفٌ بدورها أنها جمعية رقابية مساعدة، لا نشرات توعية، لا أبحاث إلا واحدًا يرجع تاريخه لعام 2009 حول ندوة شاركت بها الجمعية في إحدى الدول.

وفي الختام كما يتبين أن عمومية النص التشريعي و تجرده جعل من مفهوم حماية المستهلك مفهومًا بلا ضابط محدد مما من شأنه التضحية بالمستهلك في سبيل حماية المنتج (الحرفي).

 

 

مواضيع ذات صلة