الرئيسية » منوعات »
 
21 كانون الثاني 2017

طلبات المدير ليست أوامر

المقولة المصرية الشهيرة «طلباتك أوامر يا افندم» ليس لها أصل في علم الإدارة! فليست كل «طلبات» المدير بمثابة «الأوامر» التي يجب تطبيقها بحذافيرها.

\

كثير من الموظفين وحتى المديرين أنفسهم لا يدركون الفارق بين أربعة مصطلحات رئيسية في التعامل الإداري المهني، وهي: الأوامر والتعليمات والتوجيهات والطلبات.

فعندما «يأمر» المدير موظفاً أو يرسل إليه «تعليماته» فإنه يلزمه بعمل ما، وهو ما يختلف عن «توجيهاته» و«طلباته» غير الملزمة، كما سنرى في السطور المقبلة.

عندما «يأمر» مدير موظفاً ما فإنه يمارس عليه سلطته الرسمية – كما هو معلوم في الإدارة – وعلى المرؤوس الامتثال بالطاعة لهذا الأمر الشفهي الصادر عن مديره، فيحسن الإصغاء إلى كل كلمة يلفظها هذا المسؤول، لكن كيف نعرف أن المدير الذي يحدثنا قد بدأ بتوجيه أوامره إلينا؟ الإجابة ببساطة هي أن المسؤول إذا ما وجه أمراً معيناً فإن أمره هذا يغلب عليه الحسم والوضوح.

ويتضح ذلك جلياً في الأوامر العسكرية. وفي معظم الأحيان تأتي الأوامر بنبرة رسمية، وتتفاوت من شخص لآخر. كما تتميز هذه الأوامر، التي يجب أن يحملها المرؤوسين على محمل الجد، بعبارات صريحة تبدأ أحياناً بكلمات مثل «افعل..» أو «لا تفعل..»، وعلى المرؤوسين الالتزام بتنفيذها فور سماعها، وإلا تمت محاسبتهم على عدم الطاعة.

وتعد الأوامر، التي تسمى Orders/‏Commands، حساسة جداً، فأي سهو أو شرود ذهني أو عدم فهم صحيح لما يتناهى إلى أسماعنا من أوامر يجعلنا عرضة للتنفيذ الخاطئ لهذا الأمر الشفهي، ولذا يفضل البعض أن تكون أوامرهم مكتوبة لتقطع الشك باليقين. غير أنه في حالات لا يجد المدير وقتاً لكتابة كل أمر، لذا فهو يتوقع أن الموظف قد بذل ما في وسعه للتأكد من فهمه للأمر الإداري الموجه إليه.

أما التعليمات (Instructions) فتعني تقديم المدير لمرؤوسيه معلومات متعلقة بتحديد إجراءات العمل أو بنظام التنفيذ على نحو منظم يضمن إنتاجية أكبر وأداءً أفضل. وهذه التعليمات في معظم الأحيان تأتي مكتوبة لتنفي أي التباس في الفهم، ولكنها يمكن أن تصدر شفاهة، وعندئذ يتعين أن يلقي إليها المرؤوسون آذاناً مصغية.

وهذه التعليمات يمكن أن تقدم إلى مجموعة من العاملين، كأن يلقي مسؤول تعليمات الأمن والسلامة داخل المؤسسة، أو تعليمات بكيفية أداء عملية ما أو مهمة محددة. ويتوقع من يصدر هذه التعليمات أن يحسن الموظفون فهمها، ليباشروا تنفيذها، وتتم محاسبتهم رسمياً إن هم لم يلتزموا بذلك.

التوجيهات (Directions) هي نصائح شفهية من المدير للمرؤوسين تساعدهم على حل مشكلة في العمل، وتأتي هذه التوجيهات (غير الملزمة عادة) لضمان أداء أفضل في حل المشكلة، خاصة أن خبرة المدير تفوق خبرة مرؤوسيه، لذا فهو يسدي إليهم توجيهاته ليجنبهم الوقوع في مشكلات ربما سبق وأن وقع فيها المدير نفسه أو قد ينبههم إلى تجارب أخرى سلبية خاضها سابقاً زملاؤهم.

أما الطلبات (Requests) الصادرة عن المسؤولين فعادة ما تكون ذات نبرة ودية، يغلب عليها التأدب عند طلب أمر ما من المرؤوسين في العمل. والمرؤوس ليس ملزماً بتنفيذ الطلبات لكن جرى العرف أن يلتزم «أدبياً» بتلبيتها. ولا يحاسب الموظف «رسمياً» أو يوبخ على عدم تنفيذه لما طلب منه. غير أن «عدم تجاوب» المرؤوس مع طلبات مديره أو عدم اكتراثه بها قد يشعر المدير بالضيق لهذا التجاهل، مما قد يضطره – أحياناً – إلى تغيير صيغة «الطلب» إلى نبرة «أمرية» ملزمة!

كثيراً ما يخلط الموظفون بين «الأوامر» و«التعليمات» و«التوجيهات» و«الطلبات»، وهذا الخلط يدفع البعض إلى التساهل في مسألة التفاعل الجدي مع «أوامر» المدير الملزمة، ظناً أن المدير إنما «يوجههم» فقط، وشتان بين الاثنين، فالأول ملزم وانتباهنا إليه بتركيز يضمن التطبيق السليم لهذه الأوامر، بل ويجنبنا التوبيخ أو المساءلة الإدارية، أما الثاني (وهو التوجيه) فهو غير ملزم،.

ولكن يبقى الاستماع إليه مستحباً، لكنه لا يرقى إلى منزلة «الأوامر والتعليمات» الإدارية الملزمة، اللتين كثيراً ما يغفل الموظفون عن أهمية الامتثال لهما على نتائج أعمالهم بصورة عامة وعلى مزاج المدير بصورة خاصة!

محمد النغيش- البيان
 

مواضيع ذات صلة