مصنع كوكا كولا.. استثمار نادر في غزة وخطوة للحد من البطالة
بلغ الاستثمار في مصنع كوكاكولا بغزة نحو 20 مليون دولار ويشغل نحو 120 عامل وموظف.
غزة- إسلام راضي- بوابة اقتصاد فلسطين
قبالة مقر ضخم في المنطقة الصناعية على الأطراف الشرقية لمدينة غزة يجرى تباعا التحميل في عشرات شاحنات النقل صناديق حمراء تضم عبوات بأحجام متعددة من مشروب (كوكا كولا) الغازي تمهيدا لنقلها إلى السوق المحلي في قطاع غزة.
وتحمل جميع الشاحنات شعار (كوكا كولا) الشهير وتبدأ عملها صباح كل يوم من أمام المصنع الذي افتتح حديثا في قطاع غزة ويؤمل أن يكون نقلة على طريق توسيع رقعة الاستثمار والحد من المعدلات القياسية للبطالة في القطاع المحاصر إسرائيليا منذ عشرة أعوام.
ويقول مدير شركة المشروبات الوطنية، صاحبة امتياز المصنع، ياسر عرفات لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن الشركة تفتخر بأن تكون المؤسسة الوطنية التي تنفذ أكبر استثمار في قطاع غزة، خاصة بعد سنوات من الركود الاقتصادي وتداعيات الحصار المؤلمة.
وذكر عرفات أن مبلغ استثمار إقامة المصنع بلغ 20 مليون دولار أمريكي، معتبرا أنه رافعة للاقتصاد المحلي في قطاع غزة بعد معاناته على مدار أعوام من إغلاق عشرات المنشآت الصناعية وتوقف عشرات المشاريع الأخرى للاستثمار والتنمية.
ويوضح أن 120 عاملا يعملون حاليا في المصنع وأن هذا العدد سيرتفع إلى 350 بعد نحو عامين من عمل المصنع، فيما أن حوالي 1200 شخص يعملون بشكل غير مباشر (للمصنع) وسيزيد العدد إلى 3500 شخص في الفترة نفسها.
وكل العاملين في المصنع هم من سكان قطاع غزة، فيما يلاحظ أن افتتاح المصنع أعاد الكثير من حيوية المنطقة الصناعية في شرق غزة بعد أن تراجع الإقبال على العمل فيها لسنوات طويلة بفعل إغلاق عدد كبير من المصانع تباعا.
وتؤكد بيانات ومؤشرات حول سوق العمل في قطاع غزة صدرت حديثاً عن البنك الدولي ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" والجهاز المركزي للإحصاء أن أكثر من نصف سكان القطاع غير ناشطين اقتصادياً وأن معدل البطالة في هذه البقعة يعد الأعلى على مستوى دول العالم المختلفة.
وأشار البنك الدولي الى أن غزة تعاني من أعلى معدلات البطالة في العالم، وأن نسبتها ازدادت في الربع الثالث من العام الماضي لتصل إلى 43.2%، وأن 55% من تعداد السكان في غزة هم غير ناشطين اقتصادياً.
وبينما أظهرت بيانات جهاز الإحصاء أنه دخل في الربع الثالث من العام الماضي 17 ألف عامل إلى سوق العمل إلا أن الجهاز نفسه أكد لم يحصل من العدد المذكور سوى أقل من 17% على فرص التوظيف.
كما وصفت أونروا في تقرير حديث لها وضع سوق العمل في قطاع غزة بالأسوأ مما تشير إليه معدلات البطالة العامة وذلك إذا تم الأخذ بالاعتبار العوامل المتعلقة بانخفاض معدل المشاركة العمل والعمال المحبطين غير المشمولين ضمن المتعطلين عن العمل والعاملين بدوام جزئي ممن يصنفون تحت فئة العاملين، والعمل غير الرسمي المنتشر، وطول مدة البطالة وانخفاض الأجور.
ويعاني قطاع غزة من حصار إسرائيلي مشدد منذ منتصف عام 2007 كما أنه تعرض لثلاث حروب إسرائيلية متتالية في الفترة من 2008 و2014 وهو ما قوض تقريبا أنشطته الاقتصادية ودفع بمعدلات البطالة القياسية.
وكان دخول أجهزة مصنع (كوكا كولا) إلى قطاع غزة عبر معبر (كرم أبو سالم/كيروم شالوم) التجاري واجه عقبات عديدة واستغرق الكثير من الوقت، كما أن تركب تلك الأجهزة استمر عدة أشهر بإشراف خبراء وتقنيين أجانب.
ويمتد خط الانتاج في منشآت عدة بينها المصنع الرئيسي والمخازن على مساحة 15 ألف متر مربع في قلب المنطقة الصناعية (كارني) شرق مدينة غزة.
وكان الإنتاج الفعلي للمصنع بدأ في مايو من العام الماضي.
وخلال مراسم افتتاح المصنع رسميا التي جرت مطلع الشهر الماضي أكد مؤسس ورئيس مجلس أدارة شركة المشروبات الوطنية في الأراضي الفلسطينية زاهي خوري أن "افتتاح أول مصنع تعبئة للشركة في غزة يمثل خطوة هامة ضمن خطط التوسع في أعمالنا".
وشدد خوري على أن افتتاح فرع رسمي لكوكا كولا في غزة غير المستقرة "يعد تجربة فريدة ورسالة لكثير من المستثمرين والشركات العالمية بأن غزة قابلة للاستثمار الناجح إذا ابتعدنا عن الخوف وذلك من شأنه تخفيف نسبة البطالة".
وتملك شركة المشروبات الوطنية ثلاثة مصانع للتعبئة تابعة لها في الضفة الغربية.
وداخل المصنع الذي يرتدي فيه العاملون لباساً أسود طبع عليه شعار كوكا كولا، تقوم رافعات تعمل محركاتها بالغاز بنقل عبوات فارغة في صناديق بلاستيكية حمراء تضعها على سكة آلية لغسلها قبل تعبئتها بالمشروب ونقلها لمخزن كبير بجانب المصنع.
ولجأت الشركة في عملها الى نظام العبوات الزجاجية التي يعيدها المستهلك فارغة لضمان خفض سعرها وتجنب آثار اي إغلاق إسرائيلي محتمل على قطاع غزة إلى جانب حماية البيئة كما مسئولو التسويق في المصنع.
وتغطي منتجات المصنع حالياً نحو 90% من مناطق قطاع غزة.
ويقول محمد رضوان الذي يدير (سوبر ماركت) تجاري في وسط غزة إن مشروبات (كوكا كولا) المنتجة محليا تحظى بإقبال كبير نظرا لأنها تباع بأسعار أقل نظرا لخاصية عبواتها كما ضمان الزبائن أن منتج بمواصفات عالمية غير قابلة للغش.
ويؤكد اقتصاديون أن الاستثمار في مشاريع على غرار مصنع (كوكا كولا) في قطاع غزة يعد طوق النجاة الوحيد لتفعيل الأنشطة التجارية والاقتصادية والحد من المعدلات القياسية للفقر خصوصا في صفوف الشبان المقبلين حديثا على سوق العمل.