غزة: طوابع وعملات نادرة في عتمة الحصار
نُظم في غزة الأسبوع الحالي أول معرض لهواة جمع العملات والطوابع البريدية في القطاع المحاصر.
غزة- إسلام راضي- بوابة اقتصاد فلسطين
على مدار 30 عاما لم تكل عزيمة فايز الدسوقي من قطاع غزة في اشباع رغبته في جمع الطوابع البريدية من أي مكان تطال يداه كهواية صاحبته منذ ريعان شبابه.
ولازمت هواية جمع الطوابع البريدية الدسوقي (48 عاما) في مختلف مراحل حياته لتكتب قصته بجمع الأوراق الصغيرة والقيمة والتي تحمل طريقة الحصول على كل واحدة منها حكايات المعوقات وفي المقابل عزيمة هذا الهاوي.
ويقول الدسوقي إن أول طابع بريد اقتناه كان عبارة عن هديه من صديق له يسكن مدينة حيفا ومن ثم ظل ينشغل بمراسلة معارف وأصدقاء له في مختلف دول العالم حتى يرسلون له أنواع الطوابع المختلفة ويعمل على اقتنائها.
ويتذكر أنه جمع أول ألبوم كامل من الطوابع البريدية عام 1990، واليوم يفتخر بأنه يقتني ما يزيد عن 30 ألف طابع بريد جمعهم عبر طرق مختلفة ابتدعها تماشيا مع ظروفه لفترة زمنية، وهي طوابع لممالك ودول ذهبت واندثرت وأخرى باقية إلى يومنا وأعيان وشخصيات وأماكن واحداث تاريخية ومعارك وانتصارات متعددة.
ويروى أنه ظل يعاني الأمرين في اقتناء الطوابع البريدية من الخارج بسبب قيود الاحتلال الإسرائيلي خاصة الطوابع التي تحمل رسم معين أو أي صورة أو أي شخصية "حيث كنا نأتي بالطوابع من الدول العربية بشق الأنفس خاصة الطوابع التي تتعلق بالقضية الفلسطينية أو الدول العربية".
ويتمنى الدسوقي أن يحصل هو وأقرانه من الهواة على اهتمام أكبر كأن تشكل لهم مؤسسة تحتضنهم وتحتضن مقتنياتهم بعد مماتهم حتى تستفيد منها الأجيال القادمة.
وظل هواة جمع العملات والطوابع البريدية في الظل تماما على مستوى قطاع غزة حتى أقيم هذا الأسبوع أول معرض مخصص لإبراز ما يقتنوه.
والمعرض الذي نظمته رابطة هواة جمع العملات والطوابع البريدية وأقيم في بيت الصحافة في غزة، ضم العشرات من طوابع البريد الفلسطينية والأجنبية والمئات من القطع النقدية قدموها للزوار نحو 15 هاوي لهذا المجال.
وأحد هؤلاء الناشط في مجال جمع العملات القديمة عبد الرحيم الخالدي الذي أبدى سعادته وفخره بعرض ما عمل على اقتنائه على مدار 25 عاما من عملات ورقية ونقدية قديمة أمام الزوار في المعرض.
وذكر الخالدي لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، أنه بدأ هواية جمع العملات بالصدفة بعد أن عثر على عملة قديمة جدا واحتفظ بها لتبدأ لديه الهواية تدريجيا بالاهتمام بكل عملة قديمة يصادفها والاحتفاظ ومن ثم تبادل العملات مع هواة من أقرانه.
ويوضح أنه يحتفظ بمجموعات كبيرة ومنوعة من العملات القديمة تعود للعام 1917 وما بعد هذا التاريخ أغلبها فلسطينية وعربية قديمة ويطمح في زيادة ما لديه لما تمثله من إرث تاريخي قيم رغم الأعباء المالية التي تعيق ذلك لديه.
ويشير الخالدي إلى أنه استغل فرصة مشاركته في معرض متخصص بهواة جمع العملات والطوابع البريدية لأول مرة ليحصل بنظام التبديل مع نشطاء مثله على عملات ترمز إلى العصور المتعاقبة في فلسطين، تم عرضها على ألواح خشبية متلاصقة.
وأبدى مدير الخدمات البريدية في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في قطاع غزة منذر كراز سعادته بمطالعة ما عرضه هواة جمع العملات والطوابع البريدية باعتبار ذلك دليلا على التنوع الثقافي للفلسطينيين.
ويعتبر كراز في تصريحات لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، أن اللافت في المعرض وجود عملات تم تداولها في فلسطين في حقب زمنية مختلفة حتى الجنيه الفلسطيني الذي كان متداولا في العهد البريطاني تم عرضه.
ويؤكد أن مثل هذه المعارض تعد فرصة مهمة لتبادل الخبرات بين هواة جمع الطوابع والعملات المحليين في وقت لا تسمح فيه القيود على المعابر من نقل هذه المعارض للمشاركة خارجيا.
ولا توجد أعداد رسمية لهواة جمع العملات والطوابع البريدية في قطاع غزة فيما تغيب سياسة حكومية واضحة لدعمهم كإنشاء معرض دآئم لمقتنياتهم كما يقولون باعتبار هذه الطوابع والعملات جزءا من الهوية والتاريخ الفلسطيني ينبغي المحافظة عليه.
ويقول محمد الزرد أمين عام رابطة هواة جمع العملات والطوابع البريدية في قطاع غزة لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن الهواة في هذا المجال يعانون الأمرين في تنمية نشاطهم رغم بساطته ويؤثر عليهم الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع سلبا.
ويوضح الزرد أن الحصار الاسرائيلي يؤثر من ناحيتين الأولى هي تنقل الهواة لحضور المعارض الخارجية، والثانية أن البريد الفلسطيني لا يسمح بدخول العملات والطوابع فيه ويفتش وأي طوابع يتم إرجاعها إلى المصدر ولا يسمح لها بدخول إلى قطاع غزة.
ويعتبر الزرد أن تنظيم أول معرض في قطاع غزة لهواة جمع العملات والطوابع البريدية يعد حدثا ثقافيا هاما كونه بمثابة اجتماع لسفراء العالم باعتبار أن عرض كل عملة أو طابع بريدي يحملون رسالة في نقوشهم أو رسوماتهم.
واشتمل المعرض على طوابع بريدية لدول مختلفة منها بريطانيا وايرلندا وفرنسا وطوابع فلسطينية، إضافة إلى عملات معدنية عثمانية ومصرية تداولت في فلسطين وعملات معدنية وورقية من مختلف الدول العربية وقطع نقود تاريخية تعود للعصور الرومانية والبيزنطية.