أسلوب 0.99 أغورة: كيف يزيد البيع.. وهل يعد خداعا؟
كثير من الاحيان نرى في محال الملابس عروضا تنتهي بـ 99. أغورة فكيف يؤثر هذا الرقم علينا رغم أننا ندفع الأغورة الناقصة لعدم العمل بها هنا، وهل فعلا تعد هذه الطريقة احتيالا؟
حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين
لم يجد تاجر الملابس أبو أحمد في رام الله ردا قويا عندما قالت له المواطنة المقدسية إنك تخدع الزبائن بوضع لوحة تسعر قميص أطفال بـ 39.99 شيقلا بينما يضطر المستهلكون لدفع 40 شيقلا في الحقيقة.
من الواضح أن مجادلة المواطنة المقدسية للتاجر ليس من باب الغش فقط إنما من باب قدرتها على التوفير في حال اشترت أكثر من قطعة ملابس "عندما نشتري أكثر من سلعة على مدار العام فان ذلك سيحدث فرقا في السعر".
تلك المحادثة وان كانت لا تصلح بالضفة الغربية وقطاع غزة نظرا لعدم وجود عملة الأغورة، لكنها تلخص درسا هاما في التسويق بشأن استخدام السعر المنتهي بـ 0.99 أغورة والذي نجده في معظم محالنا التجارية. فهل هو فعلا يعد خداعا للمستهلك؟
يرى أستاذ التسويق في جامعة بيرزيت، د. عنان أبو ارميلة، إن تلك الطريقة لا تعد خداعا إنما أسلوب تسويقي لجذب المشتري من خلال الاعتماد على الرقم الأصغر " إذا كان سعر السلعة 3.99 لكنها فعليا تباع بسعر 4 شواقل فان المستهلك سيتذكر السعر 3 شواقل".
من جهته أوضح مسؤول وحدة الشكاوى في حماية المستهلك، محمد شاهين، أن أسلوب الـ 0.99 أغورة مستخدم بكثرة لدى التجار الفلسطينيين فهو أسلوب جاذب، لكن حسب القانون يجب أن توضع الأرقام الصحيحة.
أسلوب تسويقي عالمي
بروفيسور تسويق مساعد في جامعة Freed-Hardeman البروفيسور Lee E. Hibbett، يقول في مقال له أن هذه الخدعة مستخدمة عالميا منذ عقد من الزمان رغم عدم معرفة مبتكرها.
والذي أوضح أن هذا الأٍسلوب يحقق مبيعات أكثر، حيث يترك الرقم على اليسار أثرا أكبر في أدمغتنا كمستهلكين، فعقولنا تمتلك ما يكفي من الكسل لخداعنا فتظهر لنا السلعة التي سعرها 4.99$ وكأنها في الحقيقة سعرها 4.00$ فقط.
وبناءً على مقال بعنوان ”mind your pricing cues“ نُشر في مجلة جامعة Harvard للأعمال، فإن إضافة الأرقام 0.99 في نهاية السعر تظهر كما أنّ هنالك عرضًا على هذه السلعة، كما أن الوعي بالقيمة الحقيقية للسعر لدى المستهلك تكيّف خلال الزمن ليؤمن بأنه يحصل على صفقة أفضل عند شرائه لسلعة تنتهي بـ .99 حتى لو كان التخفيض في حده الأدنى.
بروفيسور التسويق Eric Anders في جامعة Northwestern Kellogg school of management وبروفيسور علم التسويق في MI.T’s Sloan school of managementالبروفيسور Duncan Simester في دراسة أجرياها على قوة تأثير هذا الرقم على عقل المستهلك، إذ طلبا من أحد المتاجر المحلية المتخصصة في بيع الفساتين النسائية أن تزيد سعر العرض على حد الفساتين من 34$ الى 39$. وما حدث كان صادما، فبدلا من أن يقل الطلب على القطعة زاد بمقدار الثلث حسب أندرسون. ولكن وعلى سبيل الملاحظة، طُلب من المتجر زيادة سعر السلعة من 34$ إلى 44$ فلوحظ عدم تغير نسبة الطلب عليها.
ما الفرق بين السوق المحلي والعالمي
يرى أبو رميلة، أن التسويق لدينا لا يتم عادة بطرق إبداعية عازيا السبب إلى مبدأ "المفاصلة" على السعر بينما في الخارج يكون السعر ثابتا مشيرا إلى أن ذلك أفضل للمستهلك والتاجر نظرا لوجود الشفافية ولأنها لا ترهق الطرفين.
وأضاف، أن خصوصية أسواقنا القائمة على التنوع في مصادر البضائع كالصينية والتركية والمقلد.. يفتح المجال بشكل كبير للعمل بمبدأ "المفاصلة".
التسويق ابداع
يوضح أبو رميلة أن هناك طرقا قانونية في التسويق لكنها لا يشترط أن تكون أخلاقية. وضرب مثلا في العروض التي تضعها بعض المحال على انخفاض قطعة ملابس من 700 شيقل إلى 300 شيقل، مشيرا إلى أن هذه الطريقة تثير رغبة المستهلك في الشراء رغم أن سعره يكون مرتفعا حتى في أوقات التخفيض، لكن هذه الطريقة تخلق مبررا للمستهلك بالشراء.
بينما يرى شاهين أن آلية وضع الأسعار يجب أن تكون ضمن حملة محددة تبلغ بها وزارة الاقتصاد قبل بدأ الحملة ويتم وضع الأسعار بناء على الفواتير وتكون محدودة الزمن وليس بشكل عشوائي كما يتم حاليا، فهذا هو نوع من الخداع للمستهلك، إلا أن غياب الرقابة والفوضى في السوق الفلسطيني تجعل هؤلاء التجار يمارسون الخداع والغش على المستهلك بشكل كبير.