اقتصاديون يحذرون من عواقب إلغاء الوكالات التجارية بغزة
يرى خبير اقتصادي أن إلغاء الوكالة التجارية هو إلغاء لاسم فلسطين كوكيل للشركات العالمية في قطاع غزة ويعني استيرادها عبر مورد إسرائيلي.
غزة- إسلام راضي- بوابة اقتصاد فلسطين
أعلنت وزارة الاقتصاد في غزة الأسبوع الماضي عن إلغاء الوكالات التجارية الممنوحة للتجار في القطاع وفتح المجال للاستيراد المفتوح من دون امتيازات، ما أثار تساؤلات عن دوافع القرار وتأثيره على إمكانية تعزيز الاحتكار بدلا من تحقيق الهدف المعلن بإنهائه.
وكان في قطاع غزة ما يزيد على 90 وكالة تجارية، علما أن وزارة الاقتصاد كانت نبهت كما أعلنت أصحاب الوكالات في يناير الماضي ينبتها إصدار قرار الإلغاء، كما أنها منحتهم بعد صدور قرارها مهلة ستة أشهر لتسوية أوضاعهم.
ويقول وكيل وزارة الاقتصاد أيمن عابد لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن هدف القرار المذكور هو "محاربة الاحتكار" وتنشيط الاقتصاد في قطاع غزة عبر فتح المجال أمام الاستيراد المفتوح.
ويوضح أن ما دعاهم إلى إلغاء الوكالات التجارية "وجود عدد كبير من التجار المحتكرين للسلع الأساسية والمتحكمين في الأسعار ولا يمكن وقف هذه الظاهرة من دون إلغاء ما يملكونه من وكالات حصرية".
ويضيف أن هذه الخطوة "من شأنها إحداث تنمية اقتصادية في غزة، وإعطاء فرصة تنافسية بين التجار لتنمية أعمالهم إلى جانب ضمان انخفاض الأسعار لمعظم السلع بسبب المنافسة والجودة".
خطر تعزيز الاحتكار
لكن المحلل الاقتصادي حامد جاد يعتبر أن القرار قد يحمل وضعا معاكسا تماما بزيادة احتكار السلع من طرف من يدفع مال أكثر، إلى جانب أنه سيضعف جودة السلع.
ويشرح جاد لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، بأن القرار المتخذ يفتح الباب امام استيراد السلعة الواحدة من أكثر من مورد وهذا بالتالي من شأنه أن يضعف جودة السلعة المستوردة وفي الوقت ذاته قد يتم التلاعب بأسعار تلك السلعة بحسب توجهات التاجر الذي يملك الكميات الأكبر منها.
ويوضح أنه عندما يتم استيراد السلعة من منتجها الأصلي فإن هذا المنتج يضمن جودة المنتج الذي يورده لوكيله ويكون مطابقا بالمواصفات اللازمة للسوق، في المقابل عندما يتم استيراد هذه السلعة من أكثر من مصدر فلن يكون هناك ما يكفل أو ما يتطلب أن يتم مراجعة الوكيل لهذه السلعة بحكم وجود أكثر من مورد.
ويشدد جاد على أن الوكالات التجارية معمول بها في كل دول العالم واستيراد السلع من أكثر من مصدر بدلا من أخذها من منتجها الأصلي يعني استيرادها عبر مورد إسرائيلي وبالتالي هذا الأمر سيحمل فائدة للخزينة الاسرائيلية وليس للخزينة الفلسطينية، كما أن إلغاء الوكالة التجارية هو إلغاء لاسم فلسطين كوكيل للشركات العالمية في قطاع غزة.
تمهيد لتسهيلات مصرية!
من جهتها رفضت جمعية رجال الأعمال ممثلة برئيسها علي الحايك التعقيب لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين" على قرار وزارة الاقتصاد في هذه المرحلة.
إلا أن عضو كبير في مجلس إدارة الجمعية طلب عدم ذكر اسمه، ربط بين قرار وزارة الاقتصاد وما يتردد عن تسهيلات اقتصادية جديدة سوف تدخلها مصر إلى قطاع غزة.
وقال بهذا الصدد "إن القرار الوزاري جاء للتهيئة لمرحلة مستقبلية جديدة في العلاقة الاقتصادية مع مصر عبر الانفتاح أكثر على السلع والبضائع المستوردة من مصر وهو ما يتم السعي إليه في غزة بشدة".
وكان القرار الوزاري استبق توجه وفد من رجال أعمال وتجار من قطاع غزة إلى منتجع "العين السخنة" في مصر مطلع هذا الأسبوع لبحث إدخال تسهيلات مصرية اقتصادية تجاه القطاع.
ونفت وزارة الاقتصاد أن تكون خطوة إلغاء الوكالات التجارية مرتبطة بما يتردد عن ترقب بدء علاقة اقتصادية جديدة بين غزة ومصر أو أن يكون لها أي اعتبارات بعيدة عن مساعي وزارة الاقتصاد لمنع الاحتكار والتنشيط الاقتصادي.
كما يشار إلى أن القرار صدر من دون الاتفاق عليه مسبقا مع وزارة الاقتصاد في الضفة الغربية كما لم يسبقه مشاورات مع الوكلاء والتجار وكبار المستوردين بحسب عدد كبير منهم.
إلغاء الحماية
يوضح الخبير الاقتصادي في غزة خالد البحيصي أن ما أعلنت عنه وزارة الاقتصاد في غزة هو إلغاء للوكالات التجارية الخاصة بالسلع لا بالوكالة الأم والأساسية.
ويشير البحيصي لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إلى أنه لا يحق لأحد أن يُلغي الوكالة (الخاصة بالشركة الأم) لكن ما يُلغى هو الحماية من شراء سلع الوكالة بمعنى أن أي تاجر من غزة يمكنه شراء سلع من تجار اشتروها من الشركة الأم.
ويعتبر أن للقرار المذكور آثارا إيجابية أهمها إلغاء بعض الاحتكارات الجارية في السوق المحلي ويفتح الباب أمام المنافسة بين الشركات على تجويد السلع المقدمة، والدفع باتجاه انخفاض أسعار السلع.
في المقابل يؤكد البحيصي أن القرار الوزاري له آثارا سلبية ستنعكس على بعض الشركات خاصة تلك التي تملك كميات كبيرة من سلعة ما لأن دخول أي كميات إضافية من هذه السلعة سيزيد من خساراتها.
ويضيف أن القرار نفسه سيزيد من ظواهر التهرب الجمركي عبر تقديم التجار فاتورة أقل من القيمة الحقيقية للسلعة، خلافًا لما توفره الشركات الكبيرة من فاتورة سليمة تعكس القيمة الحقيقية لسلعها.