قطاع غزة.. رزمة أزمات اقتصادية مع كل مولود
زيادة أعداد السكان في قطاع غزة تفاقم تدهور الأوضاع فيها، وتأتي هذه الزيادة في ظل تفاقم أزمة انقطاع الكهرباء وشح الماء، إضافة إلى توقف مشاريع البنية التحتية منذ بداية الحصار الإسرائيلي قبل أكثر من 10 سنوات، فالقطاع يحتاج بنية تحتية وخدمات تستوعب الأعداد المتزايدة كل عام من المواليد.
غزة- اسلام راضي- بوابة اقتصاد فلسطين
وصل عدد سكان قطاع غزة إلى مليوني نسمة وسط مصاعب نقص حاد في الخدمات الأساسية وارتفاع قياسي في معدلات الفقر والبطالة نتيجة للحصار الإسرائيلي المتواصل منذ نحو عشرة أعوام وتحذيرات من تضاعف الأزمات الاقتصادية نتيجة للزيادة السكانية الحاصلة.
وأعلنت وزارة الداخلية في غزة في 12 أكتوبر الجاري أن عدد سكان القطاع الساحلي تجاوز الرقم 2 مليون نسمة في ظل تسجيل حالة ولادة جديدة بمعدل كل أقل من عشرة دقائق.
إذ ترصد إحصائيات صادرة عن مكاتب الإدارة العامة للأحوال المدنية في وزارة الداخلية في غزة تسجيل 4983 مولوداً جديداً في شهر سبتمبر الماضي، بواقع 166مولوداً يومياً و7 مواليد جدد كل ساعة.
ويجعل ذلك قطاع غزة الذي لا تتجاوز مساحته 365 كيلو متر مربع من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان على مستوى العالم.
زيادة سكان وتوقف خدمات
يقول النائب المستقل في المجلس التشريعي عن غزة رئيس اللجنة الشعبية لرفع الحصار عنها جمال الخضري إن تزايد عدد سكان قطاع غزة في ظل عدم ترافق ذلك مع تطوير وزيادة الخدمات الأساسية المقدمة لهم بما يشمل مشاريع الاسكان ومشاريع الكهرباء والمياه والبنية التحتية والمدارس والجامعات والمستشفيات يشكل أزمة وخطورة كبيرة.
ويوضح الخضري في تصريحات لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين" أن غزة تعاني من شلل وشبه توقف لتطوير الخدمات فيها بفعل الحصار الإسرائيلي، إضافة إلى ثلاثة حروب شنتها إسرائيل على مدار ستة أعوام دمرت معظم المقدرات الأساسية.
وينبه الخضري لخطورة واقع سكان غزة الإنساني "إذ أن نحو 80% منهم يعيشون تحت خط الفقر ويعتمدون على تلقي المساعدات من مؤسسات دولية وعربية واسلامية، فيما معدل دخل الفرد اليومي لا يتجاوز 2 دولار وهي من النسب الأقل في العالم، كما أن 80% من المصانع في غزة اما مغلقة بشكل جزئي أو كامل بسبب الحصار، ومعدلات البطالة وصلت لحوالي 60% تقريبا".
ويشير الخضري إلى أن إسرائيل عمليا "تخنق" سكان غزة اقتصاديا بتشديد قيود إدخال البضائع خاصة مواد البناء، ومنع نحو 300 سلعة من الدخول، بالتزامن مع فرض قيود مشددة على التصدير وكل ما يمكن أن يساهم في التنمية، وهذا ينعكس بشكل كبير على معدلات البطالة ومعدلات الفقر ويهدد بانفجار إنساني غير مسبوق في القطاع.
عبء كبير مستقبلي
من جهته يشدد مسؤول الإعلام في الغرفة التجارية في غزة ماهر الطباع على أن الزيادة الكبيرة في ارتفاع المواليد التي يشهدها قطاع غزة لا بد أن يوازيها تحسين وتطوير للبنية التحتية والخدمات العامة، وإلا فإن هذه الزيادة السكانية ستكون عبئاً كبيراً في المستقبل.
ويقول الطباع لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن تجاوز عدد سكان قطاع غزة لـ2 مليون نسمة في ظل استمرار وتفاقم الأزمات التي يعاني منها القطاع ستكون عبئاً كبيراً خاصة على الآباء في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، كما سوف تواجه الحكومة العديد من التحديات لتوفير الخدمات الملائمة.
ويشير إلى أن هذه الزيادة تأتي في ظل تفاقم أزمة انقطاع الكهرباء وشح الماء، إضافة إلى توقف مشاريع البنية التحتية منذ بداية الحصار الإسرائيلي قبل أكثر من 10 سنوات، فالقطاع يحتاج إلى مدارس ومستشفيات وطرق وحدائق ووحدات سكنية لاستيعاب الأعداد المتزايدة كل عام من المواليد، ما يتطلب وضع خطط للبنية التحتية والخدمات لتكون جاهزة لاستيعاب هذه الزيادة.
ويبرز الطباع بأن قطاع غزة "أصبح نموذجا لأكبر سجن بالعالم بلا إعمار وبلا معابر وبلا خدمات وبلا تنمية، ما يهدد بانفجار قادم لا محالة يجب تفاديه عبر ضغط دولي حقيقي على إسرائيل لإنهاء الحصار وفتح كافة المعابر التجارية وإدخال كافة احتياجات قطاع غزة من السلع والبضائع وعلى رأسها مواد البناء لتغيير هذا الواقع وتدارك المشاكل المستقبلية الناتجة عن الزيادة السكانية المرتفعة".
ضغوط نفسية واجتماعية
يؤكد الخبير الاقتصادي مدير مؤسسة (بال ثينك) للدراسات الاستراتيجية في غزة عمر شعبان، أن وصول عدد سكان قطاع غزة لرقم 2 مليون "أمر مقلق ويزيد من مخاطر الاكتظاظ الحاصل في القطاع الصغير جغرافيا والمنهك اقتصاديا".
ويشدد شعبان لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، على وجوب أن يتم معالجة هذه الزيادة السكانية الكبيرة بجدية شديدة "لأن القطاع يعيش حالة فقر غير مسبوقة وضغط نفسي واجتماعي واقتصادي وثقافي ما يتطلب مجموعة من السياسات التي تأخذ تداعيات هذه الزيادة بالاعتبار".
كما يؤكد أن قطاع غزة تحول إلى سجن كبير ثلثي سكانه تحت خط الفقر ويعانون سلسلة مشاكل اجتماعية واقتصاديه وسياسية، ما يهدد بازدياد حالة التطرف والجرائم والسطو على المنازل والتسرب من المدارس، وهناك الكثير من المؤشرات لها علاقة بالصحة العامة ولها علاقة بزيادة عدد الوفيات وكلها مؤشرات تدل على حالة القطاع هي حالة يرثى لها وتزداد سوءا".
ويحذر شعبان من تداعيات اقتصادية خطيرة للزيادة السكانية الحاصلة في قطاع غزة بزيادة معدلات الفقر والاحباط والمشاكل الاجتماعية والسلوكيات المنحرفة خاصة بين الشباب، مشددا على الحاجة الماسة إلى تحقيق المصالحة الوطنية وعودة السلطة الفلسطينية لقطاع غزة ومعالجة الانقسام كمدخل لإنهاء الحصار الإسرائيلي.