غزة تنتظر وعود المانحين
صيف 2014 شنت اسرائيل عدوانا شرسا على قطاع غزة استمر 51 يوما، أدى الى استشهاد وجرح الآلاف، علاوة على تدمير آلاف المنازل والوحدات السكنية والمصانع والورش، ومنذ ذلك الوقت وعملية اعادة الاعمار تسير بشكل شديد البطء، وهناك من يرى أنه إذا استمرت آلية الإعمار بالشكل المعمول به حاليا، فإنها ستستمر لعشرات السنين وفق ما تؤكده منظمات وجهات محلية ودولية، والأمر يعتمد على أموال المانحين.
بعد مرور أكثر من عامين على انتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لا تزال عائلة عبيد الممتدة من بلدة بيت حانون الحدودية شمال قطاع غزة، تقطن في بيوت متنقلة (كرفانات) في ظروف إنسانية سيئة.
قبل أيام مرّ عامان على انعقاد مؤتمر المانحين بالقاهرة لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي، لكن هذه الوعود لم ينفذ منها إلا القليل، ما زاد من سوء الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في الشريط الساحلي المحاصر منذ حوالي عشر سنوات.
يقول جمال عبيد من بلدة بيت حانون: "لا نزال نسكن أنا وثلاثة من إخوتي في "كرفانات" بعد مرور أكثر من عامين على تدمير منزلنا خلال العدوان الإسرائيلي".
وتابع عبيد (35 عاما): تم بناء طابق واحد من بيتنا الخرساني المكون من أربع طبقات وتسكنه أسرة والدي فقط، فيما باقي الأبناء وأسرهم ما زالوا مشردين في "الكرفانات"، مشيرا الى أنهم سيقضون الشتاء الثالث هذا العام في تلك البيوت إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
وأكد عبيد لـ"وفا"، أنهم يعيشون أوضاعا إنسانية صعبة للغاية، خاصة في فصلي الشتاء والصيف من حيث البرد وارتفاع درجات الحرارة.
وشنت إسرائيل صيف 2014 عدوانا شرسا على قطاع غزة استمر 51 يوما، أدى الى استشهاد وجرح الآلاف، علاوة على تدمير آلاف المنازل والوحدات السكنية والمصانع والورش.
وحذرت مؤسسات دولية ومحلية مؤخرا، من تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة إذا استمر تعثر عملية إعادة الأعمار وفق الآلية الدولية المتبعة، وتأخر المساعدات والمعونات الدولية المتفق عليها في مؤتمر المانحين.
وفي هذا الإطار، حذر مدير عمليات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بو شاك، من خطورة الأوضاع في غزة وتزايد الإحباط واليأس وانعدام الفرص واستمرار الحصار وتأثيراته السلبية على مختلف مناحي الحياة.
تحذيرات المسؤول الأممي، جاءت في مؤتمر صحفي عقده بغزة، بعد تزايد حالات الإحباط واليأس بسبب الحصار وارتفاع نسب الفقر والبطالة بين سكان قطاع غزة، الذين وصل عددهم قبل أيام إلى مليوني نسمة.
وقال بو شاك إن الاجراءات الإسرائيلية تحد من حرية الحركة، وتلقي بظلال قاتمة حول عملية التنمية وتحقيق انفراجة في الوضع في ظل استمرار الحصار والحرمان من الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه الصالحة للشرب.
واتهم المسؤول الأممي إسرائيل بأنها تعيق الموافقة على أسماء قدمتها "الأونروا" لإعادة إعمار منازل مهدمة منذ أيار/ مايو الماضي.
كما حذرت ثمانون منظمة أهلية من تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة بشكل خطير، منوهة الى ارتفاع نسبة البطالة إلى نحو 42%، وأن نحو 65% من السكان يعيشون تحت خط الفقر (38% فقر مدقع)، فيما يعتمد نحو 80% على المساعدات الإغاثية.
وبحسب الفريق الوطني لإعادة الإعمار، فقد بلغ عدد المنازل المتضررة ضررا شديدا أو جزئيا 160 ألف وحدة سكنية، منها 6800 وحدة متضررة بشدة ولا تصلح للسكن، و153200 وحدة متضررة بشدة وطفيفة.
بدوره، كشف الخبير الاقتصادي ماهر الطباع، أن ما تم صرفه لإعادة إعمار قطاع غزة منذ عدوان 2014 هو 46%، أي 1.596 مليار دولار أميركي من أصل 3.5 مليار تم التعهد بتقديمها خلال مؤتمر المانحين في القاهرة.
وحذر الطباع "من أن عملية إعادة الإعمار سوف تستغرق سنوات طويلة في حال لم يحدث أي تغيير جوهري في السياسات الإسرائيلية تجاه قطاع غزة وإنهاء الحصار المفروض منذ أكثر من عشر سنوات.
وفصل الطباع لـ "وفا"، توزيع المبلغ المذكور كما يلي: 612 مليون دولار للأمور المستعجلة، و251 مليونا للمساعدة في ميزانية "الأونروا" و89 مليونا للوقود، و386 مليونا للبنية التحتية، و253 مليونا عبارة عن مساعدات إنسانية طارئة، و299 مليونا لدعم الميزانية الحكومية.
وذكر الطباع أن عدد الوحدات السكنية التي جرى إعادة بنائها من جديد، قد بلغت 1181 وحدة سكنية وهي تمثل فقط 10.7% من كافة الوحدات التي تم تدميرها تدميرا كليا، ولا يزال نحو 50% من المنازل المدمّرة تدميرا جزئيا وشديدا بحاجة إلى ترميم.
وأشار الى أنه لم تتم تلبية سوى 16 % من احتياجات إعادة إعمار القطاع الكلية الموضّحة في التقييم المفصّل الذي أُعد بعد العدوان، إضافة الى أن مجمل ما تم توريده من مادة الاسمنت للقطاع الخاص لإعادة الإعمار لا يتجاوز 915 ألف طن منذ إعلان وقف إطلاق النار، وهذه الكمية تمثل حوالي 30% من احتياج القطاع في الوضع الطبيعي خلال الفترة السابقة.
الشهر الماضي سمحت قوات الاحتلال، كما يقول المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، بتوريد 78 ألف و747 طنا من الإسمنت و9 آلاف و418 طنا من حديد البناء، و192 ألفا و133 طنا من "الحصمة" إلى غزة، مشيرا إلى أن هذه الكميات محدودة جدا ولا تلبي الحد الأدنى من احتياجات القطاع الفعلية.
ويحتاج قطاع غزة يوميا، إلى 7 آلاف طن من "الحصمة" و4 آلاف طن من "الإسمنت" وألفي طن من حديد البناء، حسب اتحاد المقاولين في غزة.
وإذا ما استمرت آلية الإعمار بالشكل المعمول به حاليا، فإنها ستستمر لعشرات السنين وفق ما تؤكده منظمات وجهات محلية ودولية.
زكريا المدهون