الرئيسية » محلي »
 
12 تشرين الأول 2016

غزة.. العروض على المواد الغذائية خطر يهدد البسطاء

انتقد تقرير محلي سياسة إطلاق حملة "تخفيضات" للأسعار على المنتجات وخصوصًا الغذائية التي لا يفصلها عن تاريخ انتهاء الصلاحية إلا أيام معدودة لا تتجاوز الشهر، فحسب التقرير تستهوي هذه العروض البسطاء لكنها تعتبر خطرا يهدد صحتهم.

\

ناقش تقرير أخير لمركز العمل التنموي / معا انتهاج العديد من المحال التجارية في قطاع غزة سياسة إطلاق حملة "تخفيضات" للأسعار على المنتجات وخصوصًا الغذائية التي لا يفصلها عن تاريخ انتهاء الصلاحية إلا أيام معدودة لا تتجاوز الشهر.

ويقول حسن "33" عامًا: "لقد اعتدت على اقتناء مثل هذه المعلبات ودائما ما أبحث عن حملات تخفيضات الأسعار لأنه في حال بقاء السعر على ما هو عليه يصعب الشراء".

وأشار إلى أنه لا يقترب من الأجبان والألبان التي تدخل ضمن نطاق العرض لأنها تبدو غير صحية وهى أقرب إلى التلف، لافتًا النظر إلى أن العديد من المواطنين ينتظرون هذه التخفيضات لأنها تمكنهم من شراء ما يحتاجونه بأسعار أقل.

عروض الشوكلاتة البائرة

الشاب محمود والذي يعمل سائق توزيع بضائع في إحدى شركات التجارة العامة بمدينة غزة، يعرض بين فترة وأخرى أمام بيته المتواضع كميات من أكياس الشوكلاتة المغلقة والتي شارفت صلاحيتها على الانتهاء، وذلك من أجل بيعها لسكان الحي بسعر أقل مما هي عليه في الأسواق.

ويقول محمود -طالبا عدم الكشف عن اسمه كاملًا- إنه يقوم بشراء هذه الحلوى قبل تلفها في الشركة التي يعمل بها بعد تأخر تسويقها- ومن ثم يبيعها في حارته بسعر الجملة ويتربح من وراء كل كيس ( 1 كيلو) بشيقل فقط.

ويشدد على أن هذه الحلويات صحية ولا غبار عليها شرط أن يتم استهلاكها في غضون أيام قليلة لا تتجاوز الأسبوع.

في المقابل، يؤكد المسن أبو نايف السعيد لمجلة آفاق البيئة والتنمية أنه لم يقترب يومًا من هذه العروض لأنها تؤثر على السلامة الصحية لمتناوليها، مضيفًا: " ابني اشترى ذات مرة العديد من هذه الأصناف من بينها عبوة حليب سائل تنتهي صلاحيتها بعد 24 ساعة ليكتشف فور نزع الغطاء أنها تالفة وذات رائحة كريهة جدا، ولم يقتصر على عبوة الحليب بل كذلك عبوة جبنة كانت تالفة رغم أن تاريخ الانتهاء بعد ثلاثة أشهر".

وأضاف المسن السعيد أن أحد أطفال الجيران تم نقله إلى المشفى نتيجة تناوله بعض المعلبات المنتهية الصلاحية، وكان والده قد اشتراها بعد تأكيدات من صاحب المحل التجاري بأن التاريخ المدون صالح لشهرين.

وفي استطلاع للرأي أجرته "آفاق البيئة والتنمية" على عدد من المواطنين في أحد المحال التجارية أثناء حملات عروض لتخفيض الأسعار بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، أكد عدد منهم انهم لم ولن يقتربوا من تلك المنتجات لأن صلاحيتها تنتهى بعد أيام ليس إلا.

وأشار البعض إلى أن السكاكر والحلويات التي عليها العرض يتم تخزينها منذ فترات طويلة لأن طعمها يدلل على أنها قديمة وذات مذاق لاذع ومرّ، وهى تلتصق باليد فور إزالة الغلاف.

ودعوا المسؤولين وأصحاب القرار إلى محاكمة التجار الذي يعمدون إلى بيع البضائع المنتهية الصلاحية أو التي لم يتبقى على فترة صلاحيتها إلا أيام، رغم أنه تم إنتاجها منذ سنتين ويزيد، في إشارة إلى المعلبات وما شابه.

تسوق خاطئ

بدورها، حذرت خبيرة التغذية الدكتورة سعاد عبيد من خطورة بعض المنتجات التي شارفت صلاحيتها على الانتهاء، فقد تكون بداية عرضة لفساد غذائي وهو ما يؤدي إلى نمو بعض أنواع البكتيريا الممرضة فيها، وبالتالي إلحاق الضرر بصحة المستهلك.

لكنها في الوقت نفسه تنبه إلى أن هذا الأمر لا ينطبق على جميع المنتجات فبعضها تكون قد شارفت صلاحيتها على الانتهاء وتبقى صالحة للاستهلاك.

ونوهت إلى أن العديد من المنتجات التي تعتمد في حفظها على التبريد، قد تبدأ تظهر عليها أعراض الفساد الغذائي في حالة الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي لساعات طويلة وهو ما يفقدها التبريد.

وتشير عبيد إلى أن هذه المشكلة تنتشر بكثرة في العديد من المحلات التجارية خصوصًا وأن التيار الكهربائي ينقطع في قطاع غزة لساعات طويلة من عشرة أعوام تقريبًا.

وبينت أن بعض المنتجات مثل المعلبات إذا لم تُحفظ بشكل سليم أو إذا تعرضت أثناء فترة التخزين إلى انبعاج المعلبات أو ظهرت عليها علامات الانتفاخ فهذه إشارة إلى أن المنتج غير صالح للاستهلاك.

ونصحت المواطنين بالابتعاد عن الممارسات الشرائية الخاطئة من قبيل ما تروجه المحلات التجارية من عروض أسعار على بعض المنتجات الغذائية، فمن يتبع مثل هذه السلوكيات يعرض صحته للخطر.

"ليست ظاهرة"

ويرفض وكيل وزارة الاقتصاد في غزة عماد الباز اعتبار ترويج بعض التجار لسلع "فاسدة" على أنها ظاهرة منتشرة في القطاع الساحلي الفقير الذي يعتمد غالبية سكانه البالغ عددهم زهاء مليوني نسمة على المساعدات الدولية.

وقال لمجلة "آفاق البيئة والتنمية" إن ما يتم إتلافه من جانب وزارة الاقتصاد لا يتجاوز النصف في المائة مما يتم إدخاله من معبر كرم أبو سالم التجاري (الخاضع للسيطرة الإسرائيلية) وما تنتجه المصانع في غزة من كميات تبلغ آلاف الأطنان.

وأضاف: "بالتالي فإن الحديث عن اتلاف كميات من المواد الغذائية هنا أو هناك بين الفينة والأخرى لا يعني هذا أن البضائع الفاسدة أصبح انتشارها ظاهرة في قطاع غزة".

ووصف الوضع في قطاع غزة من حيث عمليات الرقابة التي تقوم بها وزارة الاقتصاد بأنها غاية في الجودة وممتازة.

وينوه إلى أن قطاع غزة يعيش في ظل ظروف استثنائية بسبب تواصل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة في اليوم الواحد ما يتسبب بخسارة التجار ملايين الدولارات بسبب عدم توفر التبريد للعديد من السلع كالأجبان والألبان واللحوم بأنواعها المختلفة.

لكنه يشدد على أن هذه الظروف ليست مبررًا بأي حال من الأحوال لقيام التاجر ممن تفسد عنده السلعة بترويج سلع فاسدة للمستهلك.

ويؤكد أن التاجر عليه مسؤولية تشغيل المولدات الكهربائية في فترة انقطاع التيار الكهربائي حتى يستطيع أن يحافظ على السلع.

ويشير إلى أنه في كل دول العالم ومنها الدول الغربية يتم اتلاف كميات كبيرة من السلع الفاسدة قبل ترويجها في الأسواق، مطمئنًا في هذا السياق بأن هناك رقابة حقيقية على مدار الساعة في الأسواق والمحلات التجارية.

وحول الاجراءات التي تتخذها وزارة الاقتصاد لمعاقبة التجار المخالفين للشروط الصحية يبيّن الباز أن وزارته لا توقع عقوبات على المخالفين وإنما تتحرز على السلع الفاسدة وتقوم بإتلافها، وتحرر محاضر ضبط وتحولها إلى النيابة العامة لإجراء التحقيقات اللازمة مع مرتكب الجريمة، فقد يتم اعتقاله على ذمة التحقيق، ثم يتم إحالة الملف إلى المحكمة.

وتابع: "وهنا يأتي دور القضاء بضرورة تطبيق العقوبات المنصوص عليها في حماية المستهلك".

لكنه يعرب عن أسفه الشديد لما يسلكه القضاء بشأن التجار المخالفين حيث لا يتم تطبيق العقوبات بحقهم، فأحيانًا يأخذ القاضي بعنصر الرأفة تجاه التجار المخالفين ويكتفي ببعض الغرامات البسيطة دون أن يلجأ إلى الحبس.

وتابع: "من أجل ذلك طالبت وزارة الاقتصاد النائب العام (في غزة) بضرورة تشكيل دائرة للجرائم الاقتصادية مؤلفة من رئيس نيابة ومجموعة من وكلاء النيابة".

وينوه إلى أن هذه الدائرة يترتب عليها أن يكون هناك سرعة في إجراء التحقيقات اللازمة من طرف النيابة وأن يكون هناك سرعة في احالة ملفات التجار المخالفين إليها.

كذلك أشار إلى مطالبة وزارته مجلس القضاء الأعلى بضرورة تشكيل محاكم مختصة بالجرائم الاقتصادية، فيها قضاة متخصصون وهذا يترتب عليه السرعة وتوقيع العقوبات المنصوص عليها في قانون حماية المستهلك".

وينوه إلى أن ستين مفتشًا في وزارة الاقتصاد ينتشرون في محافظات قطاع غزة من شماله إلى جنوبه لمراقبة الأسواق، وهذا عدد غير معقول بالنسبة إلى عدد سكان قطاع غزة البالغ عددهم قرابة المليوني نسمة.

وقال "من كل 35 ألف مواطن هناك مفتش واحد لهم فقط وبالتالي هذا لا يعقل".

وأضاف: "من أجل ذلك طالبنا منظمة الأغذية العالمية (الفاو) وغيرها من المؤسسات الدولية بضرورة دعم وزارة الاقتصاد بإبرام عقود مع موظفين مختصين في هذا المجال خاصة في الصناعات الغذائية".

ويشير إلى أن الوضع المالي لحكومة غزة مأساوي من ناحية مالية، وبالتالي هي غير قادرة على توفير موظفين، لذلك طالبنا المؤسسات الدولية المختصة بالأغذية بأن تساعدنا في إبرام عقود سنوية مع عدد من المختصين حتى يتم سد العجز فيما يتعلق بالموظفين".

وقد سرت في الفترة الأخيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي شائعات عن قيام بعض المحلات التجارية في قطاع غزة ببيع سلع فاسدة دون أي تأكيد من وزارة الاقتصاد.

وتابع: "نحن نقوم بضبط سلع وإتلافها من حين إلى آخر، وبالتالي من الأفضل عدم الارتكان إلى كل ضجة يحدثها المواطنون حول سلع فاسدة، لأن الحقيقة والمعلومات الكاملة نصدرها نحن "وزارة الاقتصاد" من خلال صفحتنا الالكترونية".

 

مواضيع ذات صلة