الرئيسية » في دائرة الضوء »
 
03 تشرين الأول 2016

خبير: ارتفاع ايرادات المقاصة لا يعبر عن قوة اقتصادنا

لإيرادات المقاصة دور كبير في مالية الحكومة، فهي تغطي نفقات الأجور والرواتب، كما تساهم في نفقات غير الاجور أحيانا.

\

حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين

إيرادات المقاصة عبارة عن الإيرادات التي يتم تحصيلها نتيجة المعاملات التجارية بين السلطة الوطنية الفلسطينية والجانب الإسرائيلي، ويتم تحويلها إلى وزارة المالية وفقاً لجلسات المقاصة الشهرية. وتشمل الجمارك (وهي الجمارك على المستوردات للسلطة الوطنية الفلسطينية أو نتيجة للاستيراد المباشر عبر المواني وتحصلها إسرائيل نيابة عن السلطة الوطنية الفلسطينية )، ضريبة القيمة المضافة، ضريبة المحروقات، ضريبة الشراء.

ويوضح د. بكر اشتية، استاذ الاقتصاد في جامعة النجاح، أن المقاصة كانت تشكل من مجموع نفقاتنا تقريبا 40% سنة 2015، وحسب موازنة 2016 كان مقرا ان تشكل تقريبا 50%، ومن المتوقع أن تكون ايراداتنا من المقاصة مليار و100 مليون دولار تقريبا، فيما كانت مليار و990 مليون في 2015، وتتوقع السلطة ان جبايتها من المقاصة ستزيد ل2 مليار و100 مليون.

المقاطعة وايرادات المقاصة

اعتبر انه من الطبيعي أن تزيد ايرادات المقاصة بشكل سنوي، والسبب هو أن اعتمادنا على الاستيراد من الخارج أو زيادة استهلاكنا من المنتجات الاسرائيلية، فتقليل استهلاكنا للمنتجات الاسرائيلية هو لصالح استهلاك المنتجات من الخارج وليس لصالح المنتج الوطني، وواضح من بيانات غرف التجارة والصناعة أن عجز الميزان التجاري تفاقم في 2015، ومن المتوقع أن يتفاقم بشكل أكبر في 2016.

وتشير بعض التقارير الى جهود المقاطعة للمنتجات الاسرائيلية مشيدة بما أسمته بدورها في تقليل استهلاك المنتجات الاسرائيلية بمبالغ طائلة، بينما أشار اشتية الى أن ما حصل هو انخفاض في فاتورة المحروقات، لأن نصف ما تحقق من فاتورة المقاصة عبارة عن ايرادات محروقات، فعندما انخفض سعر المحروقات عالميا انخفضت فاتورة المحروقات، فظهر أن اعتمادنا على اسرائيل أقل كتحليل ظاهري وغير واقعي.

وأشار اشتية الى أن احتياجنا من المحروقات يزيد بشكل سنوي، لكن فاتورة المحروقات قلت، وبالتالي انعكس ذلك على فاتورة المقاصة، ولا علاقة للتقليل من استهلاك المنتجات الاسرائيلية بالأمر في شيء، فاستهلاكنا من اسرائيل لم ينخفض نهائيا.

وأوضح "حتى المحروقات عندما يقل ثمنها لا تؤثر على حجم المقاصة للسلطة، لانها بالنهاية هي ضريبة ستأخذها اسرائيل على اللتر، فتأخذها على حجم الاستهلاك وليس على قيمتها وثمنها".

وعناصر إيرادات المقاصة تتمثل في ثلاث، أولا استهلاكنا من اسرائيل وهو لم ينخفض، وثانيا وارداتنا من العالم الخارجي وقد زادت، وثالثا العمالة في اسرائيل وقد زادت لتصبح 113 ألف عامل في 2016، فهذه المكونات الثلاث تغذي ايرادات المقاصة للسلطة الفلسطينية حسب اشتية.

والذي أوضح أنه من الطبيعي أن زيادة ايرادات المقاصة لا تعبر عن قوة الاقتصاد الفلسطيني إنما تعبر عن قوة لوزارة المالية حتى يصبح عندها تحصيل ضريبي إضافي، ويعبر عن عجز مركب على قدرتنا على خلق اقتصاد فلسطيني ومكونات الناتج المحلي الإجمالي.

صافي الاقراض والمقاصة

كما أن لصافي الاقراض دور في فاتورة المقاصة، فقد كان في 2015 تقريبا مليار شيقل، أي أن اسرائيل تقتطع صافي الاقراض من المقاصة في وقت غير محدد وهو رقم غير بسيط، وعادة اسرائيل تحول أموال المقاصة بعد أن تقتطع صافي الاقراض، ولست متأكدا إن كان الربع الثاني مشمولا بالاقتطاع لصافي الاقراض (اشتية يتحدث)، ويتابع "فإذا كان الاقتطاع سيحدث في آخر السنة فستظهر ايرادات المقاصة مع نهاية العام."

مشيرا إلى أن صافي الإقراض في 2016 متوقع أن يكون 2018 مليون دولار، ويفترض أن يقتطع من أموال المقاصة.

وإذا لم يتم اقتطاعها سيظهر أن هناك ارتفاع في ايرادات المقاصة، وفي كل الأحوال نحتاج هذه المقاصة لكنها من مظاهر ضعف اقتصادنا الفلسطيني، فنحن نمول عجز المزازنة بعجز الميزان التجاري، فهي تغذي واردات أكثر وصادرات أقل تغذي عجز موازنتنا، وليست مؤشرا ايجابيا كما يوضح اشتية.

وتظهر التقارير أن صافي الإقراض أصبح فيه "حلحلة" مع الجانب الاسرائيلي، فكلما خفضت اسرائيل اقتطاعها لصافي الإقراض تأثرت ايرادات المقاصة ايجابا.

الدين العام والمقاصة والانفاق

ينقسم الدين العام لقروض محلية وخارجية ومتأخرات لصالح القطاع الخاص، ويقول اشتية أن الحكومة تغفل متأخرات القطاع الخاص عندما تتحدث عن الدين العام، ومتأخرات القطاع الخاص هي قروض ومبالغ كبيرة.

ويشير اشتية الى أن مجموع الدين العام يصل 4 مليار و590 مليون دولار تقريبا، وكجزء من الناتج المحلي الاجمالي يساوي المبلغ 62% منه، فالرقم كبير جدا، ولكن باعتماد القروض للمصارف المحلية والقروض الخارجية فقط دون المتأخرات للقطاع الخاص تكون النتيجة 31% من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا الرقم يقترب من الخط الأحمر العالمي في خدمة الدين العام، والذي أصبح رقما مؤرقا.

المساعدات .. الدين العام.. المقاصة

وقال اشتية انه في الوقت الذي تزيد فيه ايرادات المقاصة تقل المساعدات الخارجية، وهذا الانخفاض في المساعدات سيؤدي لتراكم الدين العام.

ففي سنة 2014 المساعدات التي جاءت للسلطة لدعم الموازنة الجارية كانت مليار و333 مليون دولار، وفي 2015 أصبحت 800 مليون دولار، بينما في عام 2016 توقعت السلطة أن تكون 750 مليون دولار، والان تتوقع ان يصلها فقط 400 مليون دولار، فأي زيادة على بند المقاصة لا تعني أن وضعنا المالي سليم.

وعن أسباب تراجع المساعدات قال اشتية أن أداءنا المالي غير مقنع للمانحين لذلك تتقلص المساعدات للسلطة، اضافة الى ان القضايا العالمية المستجدة باتت أهم بنظر المانحين من القضية والشعب الفلسطيني، فهم يرون ان هناك من هو احق منا بالمساعدات.

وقال أن المساعدات من العالم كانت تشكل نصف الإنفاق العام في فلسطين، في 2016 متوقع أن تشكل فقط 20% من مجموع الإنفاق العام، ولم تعد المساعدات هي الشغل الشاغل للحكومة، فعندما تشكل ايرادات المقاصة 50% من الإنفاق العام تكون هي الأهم للحكومة، فترتبط السياسة المالية بها.

وقد ساهمت المنح والمساعدات الخارجية خلال الربع الثاني 2016 في تخفيض العجز المتحقق ليبلغ نحو 8.3 مليون شيقل، أو ما نسبته 0.1% من الناتج المحلي الاجمالي، مقارنة بفائض بلغ نحو 725.8 مليون شيقل في الربع السابق، نحو 5.7% من الناتج المحلي، ونحو 872.3 مليون شيقل في الربع المناظر، أي نحو 7.0% من الناتج المحلي.

الإنفاق العام.. استهلاكي

وفيما يخص الانفاق العام فيجدر الاشارة الى خلل هيكلي مزمن في توزيعه، حيث يتركز معظم الانفاق في النفقات الاستهلاكية من أجور ورواتب ونفقات تحويلية وسلع وخدمات وغيره، بينما حجم الانفاق على المشاريع التطويرية متواضع.

وهذا ما أكده اشتية بقوله "نحن شعب استهلاكي والسلطة كوزارة مالية لا مشكلة لديها في ذلك، فمنذ الأزل وانفاقنا استهلاكي، وحتى نحن كشعب فلسطيني 89% من القروض هي استهلاكية، كلما زاد الاستهلاك يزيد الاستيراد من اسرائيل ومن الخارج ما يغذي بند المقاصة والضرائب للسلطة."

وحسب بيان لسلطة النقد فإن الربع الثاني من العام 2016 شهد انخفاضا ملحوظا في ايرادات الجباية المحلية (ضريبية وغير ضريبية)، تزامنا مع ارتفاع في النفقات الجارية الفعلية، ما دفع لعجز في الرصيد الجاري بنحو 402.1 مليون شيقل، أي ما يعادل 3.2% من الناتج المحلي الاجمالي، مقارنة بفائض بنحو 261.3 مليون شيقل خلال الربع السابق، وفائض بنحو 7.6 مليون شيقل في الربع المناظر 2015.

وتتوقع وزارة المالية أن يصل العجز على أساس الالتزام نحو 630.3 مليون شيقل.

أما الرصيد الكلي قبل المنح والمساعدات فقد حقق عجزا بحوالي 606.7 مليون شيقل أو ما نسبته 4.8% من الناتج المحلي الاجمالي، مقارنة بفائض بلغ 118.8 مليون شيقل في الربع السابق، وعجز بلغ حوالي 136.8 مليون شيقل في الربع المناظر.

مواضيع ذات صلة