القصور والتهميش يبددان موروث غزة التاريخي
يزور ما معدله 35 إلى 40 ألف شخص سنويا الأماكن الأثرية والسياحية الواقعة تحت الإشراف الحكومي في قطاع غزة، وجميعها يتم دخولها بالمجان، لكن من خلال زيارتها ستلمس التقصير الحاصل في صيانتها وتطوير الخدمات فيها.
غزة- إسلام راضي- بوابة اقتصاد فلسطين
رغم أن تذاكر دخول المواقع الأثرية والسياحية في غزة مجانية؛ فإن الأرقام المتوفرة تعكس حجم ضعف الإقبال عليها، وهو ما يعزوه متخصصون إلى ضعف الترويج الإعلامي والاجتماعي لها وعدم تجهيزها أو على الأقل أغلبها بشكل كامل لاستقبال الزوار.
قصر الباشا .. نموذج
ويعد قصر الباشا -وهو عبارة عن متحف- من أشهر المواقع الأثرية في قطاع غزة، والمبنى الأثري الوحيد الواقع في قلب البلدة القديمة لمدينة غزة.
تقول مسؤولة قصر الباشا هيام البيطار لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن المتحف تم افتتاحه في العام 2010 ليكون أول متحف حكومي في مدينة غزة بالمجان لعرض آثار غزة المكتشفة بناء على الحفريات التي قامت بها وزارة السياحة والآثار.
وتوضح البيطار أن المتحف يعرض العديد من القطع الأثرية الهامة التي تثبت تاريخ غزة عبر حقب تاريخية متنوعة، ويتم عرضها بعد أرشفتها في خزائن خاصة، وهو ما يجعل المتحف قبلة الزوار الأكبر على مستوى قطاع غزة.
وتشير البيطار إلى أنهم يستقبلون سياحا أجانب وعاملين في مؤسسات دولية وصحفيين إلى جانب وفود محلية متنوعة، فيما يصل عدد الزوار للمتحف شهريا بنحو ستة آلاف شخص.
ويعود بناء قصر الباشا في غزة إلى العصر المملوكي في عهد السلطان الظاهر بيبرس عام (1260 – 1277م).
ويقع قصر الباشا في البلدة القديمة وسط مدينة غزة، حيث تعتبر شاهدا على الحضارة المعمارية المملوكية والعثمانية بما تضمنه كذلك من مواقع أثرية أخرى.
وكان قد تم تحويل مبنى القصر إلى متحف وطني صنف كأول متحف حكومي في غزة في بداية عام 2010، مع توفير عدد من المرشدين المتخصصين لاستقبال وإرشاد الزوار وتقديم الشرح المفصل لهم عن كل ما يحويه القصر.
ويطمح القائمون على قصر الباشا بحسب البيطار بأن يكون القصر نواة للمتحف الوطني الأضخم، لكن المضي في هذا المشروع يتطلب مبالغ مالية كبيرة يصعب مجرد الحديث عن توفيرها في ظل تصاعد الأزمات الإنسانية في قطاع غزة منذ عدة سنوات.
الحصار يعزل الاثار
وتفرض إسرائيل حصارا مشدد على قطاع غزة منذ منتصف عام 2007، ويعد السفر إلى خارج قطاع غزة أمرا معقدا بالنسبة إلى مواطني قطاع غزة خاصة منذ تصاعد أزمة إغلاق معبر رفح صيف عام 2013.
وينعكس تعقيد أزمة عدم إتاحة مجال السفر للخارج بانتعاش ملموس للإقبال على المنتجعات والمطاعم السياحية في قطاع غزة، فيما يبقى هذا الأثر محدودا فيما يتعلق بالمناطق الأثرية والسياحية التي يقدر أعدادها بالعشرات.
ويقول وكيل وزارة السياحة والآثار محمد خلة لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إنه يوجد في قطاع غزة 15 موقعا أثريا و150 بيتا أثريا و20 مسجدا أثريا إضافة إلى ثلاث كنائس قديمة، وسوق قديمة، وسبيل واحدة، وزاويتان.
ويوضح خلة أن جميع هذه المواقع مفتوحة أمام الزائرين بشكل مجاني "من أجل تعريف الشعب الفلسطيني والوافدين إليه بحضارته وتاريخه وارتباطه بهذه الأرض".
قصور ومصاعب حكومية
ويعترف خلة بوجود قصور كبير في الترويج الإعلامي للمواقع الأثرية والسياحية في قطاع غزة "إذ أن الجهد المبذول في هذا الموضوع محدود، ويتراوح بين بعض المنشورات وإنجاز دليل أثري لكل المواقع، وهو ما يمكن تبريره بأن الوضع السياسي يسيطر على نشاط الإعلام المحلي".
ويسبب غياب دعم مالي منتظم وعدم وضع نظام تذاكر مسبقة للدفع لدخول الأماكن الأثرية والسياحية في قطاع غزة تظهر مصاعب حكومية هائلة جراء انعدام الموارد اللازمة لتمويل أعمال صيانة وترميم وحماية الأماكن الأثرية والسياحية، وهو ما يسبب مزيدا من التهميش لها كما يقول خلة.
ويدعو خلة الجهات المعنية الدولية والعربية والإسلامية إلى إيلاء الاهتمام المناسب بآثار فلسطين، خاصة آثار قطاع غزة، وتقديم كافة أشكال الدعم التي تدعم فرص حمايتها من الاندثار بعيدا عن أي اعتبارات سياسية.
وتشرف وزارة السياحة والآثار منذ فترة على مشاريع ترميم لمواقع الكنيسة البيزنطية والبلاخية الأثري (ميناء الأنثيدون القديم)، والتنقيب في تل رفح الأثري ودير القديس هيلاريون، غير أن مسار تلك المشاريع يتم ببطء بسبب مصاعب التمويل المالي.