كيف يتأثر النظام المالي الفلسطيني بتقلبات أسعار الصرف؟
حتى الآن ما تزال الموازنة الفلسطينية تتعرض لضغوط انخفاض سعر الدولار. وتوضح بيانات وزارة المالية أن توقعات سعر صرف للموازنة الحالية حددت بـ 4 شواقل فيما المعدل الشهري لسعر الصرف وصل مرة واحدة إلى 3.92 شواقل في كانون الثاني من العام الحالي ثم شهد انخفاضات عدة كان أكثرها في شهري نيسان وأيار بواقع 3.7 شواقل.
حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين
تكمن خطورة انخفاض السعر، التي مردها غياب العملة الوطنية، عند النظر إلى موازنة الحالية التي حددت بـ 4.251 مليار دولار أمريكي بسعر صرف 4 شواقل، وفجوة تمويلية بلغت بـ 386 مليون دولار. لكن مع انخفاض سعر الصرف فإن الموازنة ستصاب بعجز أكبر من المتوقع.
وعن آلية تأثرنا بسعر صرف العملات، يوضح الباحث في شؤون الموازنة العامة، مؤيد عفانة، إن الحكومة تضع الموازنة بعملتي الدولار والشيقل، لكن معظم نفقاتها وإيراداتها تكون بعملة الشيقل، ما يعني زيادة التأثر بسعر الصرف عند تحويل العملات.
وضرب عفانة أمثلة عدة عن آلية تأثرنا بسعر الصرف، منها: أموال بعض الدول المانحة التي تأتي بعملة الدولار، إذ ستشهد انخفاضا عند تحويلها إلى عملة الشيقل جراء هبوط سعر الصرف منذ بداية السنة المالية بعكس توقعات الموازنة.
وأيضا، أموال المقاصة التي تحول من إسرائيل بعملة الشيقل، غير أن تحويلها إلى عملة الدولار لسد بعض ديون السلطة سيؤثر حتما على الموازنة بشكل سلبي أو ايجابي، وفقا لسعر صرف العملات.
ولنفترض أيضا، أن الحكومة اضطرت لتسهيل ائتماني من أحد البنوك الفلسطينية بقيمة 60 مليون شيقل بسعر فائدة يبلغ 5%، معتمدة في سد تلك الأموال على منحة مالية ستصل من الولايات المتحدة في وقت محدد بعملة الدولار، غير أن تغطية ذلك المبلغ يبقى مرهون بسعر العملات وقت الصرف، فاما أن تغطي المنحة المبلغ أو لا.
الدين العام والاقتراض من المصارف
تتأثر قيمة الدين العام لا سيما الاقتراض من الجهاز المصرفي بتغيرات سعر الصرف، حيث إن غالبية الدين المحلي والأرصدة المكشوفة لدى المصارف هي بعملة الشيقل حسب بيانات سلطة النقد.
وتوضح سلطة النقد في بيان الاستقرار المالي لعام 2015 أن آثار تقلبات أسعار الصرف تنعكس على أصول القطاع المصرفي، وتزيد من صعوبة إدارة مخاطر الصرف وتسوية مختلف المعاملات.
وتزداد حدة هذه المخاطر مع زيادة التقلبات التي تشهدها أسعار صرف العملات، لذلك تحاول المصارف باستمرار مواءمة أصولها وخصومها بالعملات المختلفة، والتحوط من مخاطر أسعار الصرف، خاصة وأن الدولار الأمريكي استحوذ على حوالي 39.7% من أصول المصارف في نهاية العام 2015، بينما شكلت نسبة الأصول بعملة الدينار نحو 26.8% والأصول بعملة الشيقل حوالي 30.1% والأصول ببقية العملات الأخرى بنحو 3.4% حسب البيان ذاته.
ومن إحدى طرق التحوط، قال إسماعيل صبيحات، مدير دائرة التسهيلات في البنك التجاري، إنه بناء على تعليمات سلطة النقد عند منح أي شخص قرض يجب النظر إلى دخله فان كان مثلا دخله 400 دولار يجوز اقتطاع 200 دولار كقسط شهري أي 50% من دخله بالإمكان أن تقتطع بعملة أجنبية.
التسهيلات وودائع الجمهور
يشير صبيحات إلى أنه خلال عام 2015 تحسن سعر صرف الدولار مقابل الشيقل مقارنة بالعام 2014.
وانعكست تقلبات أسعار الصرف على التسهيلات الائتمانية وودائع الجمهور، حيث تراجعت نسبة التسهيلات بعملة الدولار إلى 50.3% مقارنة بحوالي 58 % عام 2014.
وجاء هذا الانخفاض لصالح كل من الشيقل والدينار والعملات الأخرى، اذا ارتفعت نسبة التسهيلات بعملة الشيقل من 29.5% الى 34.1%، وحصة الدينار من 11.9% الى 14.8%، في حين ارتفعت حصة التسهيلات بالعملات الأخرى من 0.6% الى 0.8% خلال نفس الفترة.
أما على مستوى الودائع فقد تراجعت الأهمية النسبية للودائع بعملة الدولار من 39.7% في عام 2014 الى 37.1% في عام 2015، حيث استفاد من هذا التراجع ودائع الشيقل التي ارتفعت حصتها من 30.8% الى 33.5%، في حين حافظت ودائع الدينار على ثبات نسبتها عند مستوى 25.7%، وكذلك حافظت الأهمية النسبية للودائع بالعملات الأخرى على ثباتها عند 3.8% خلال نفس الفترة حسب البيان ذاته لسلطة النقد.
ويشير اسماعيل صبيحات، مدير التسهيلات في البنك التجاري الى أن تحسن الدولار خلال عام 2015 انعكس بشكل كبير على التسهيلات، فعندما يسدد العميل الدولار بـ 4 شيقل، أي ان قسطه يكون مثلا 200 دولار فيدفع 800 شيقل، وعندما يهبط الدولار الى 3.5 مثلا فانه سيدفع القسط 700 شيقل، فكلما انخفضت قيمة العملة يكون ذلك لصالح الزبون، علما بأن رواتب الموظفين كلها غالبا بالشيقل، والأقساط بالدولار والدينار، فكلما ارتفع سعر الدولار تربح البنوك ويخسر الزبائن، حيث تزيد الأقساط عليهم.
أما ودائع الجمهور فهي ثابتة كما يوضح صبيحات، فإذا أراد المودع تحويلها للشيقل يكون الأثر بأنه كلما ارتفع الدولار يكون أفضل، وكلما انخفض يكون الأثر سلبيا، فمثلا من وضع وديعة ب100 ألف دينار قيمتها 500 ألف شيقل عندما يصبح سعر الصرف 5.5 شواقل يرتفع سعرها إلى 550 ألف شيقل، عند الصرف.