صندوق النقد الدولي متشائم.. وتدابير جزئية للأزمة المالية
يتوقع صندوق النقد نموا في الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني بنسبة 3.3% فقط خلال العام الحالي (2.7% في الضفة الغربية و5.5% في قطاع غزة)، كما يتوقع نموا بنسبة 3.5% على المدى المتوسط (خلال السنوات الثلاث المقبلة)
قال صندوق النقد الدولي، إن أوجه عدم اليقين، على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، تلقي بظلال ثقيلة على آفاق النمو الاقتصادي في الأرض الفلسطينية.
جاء ذلك في التقرير، الذي عرضت نتائجه رئيس بعثة الصندوق للضفة الغربية وغزة، كارين أونغلي، خلال مؤتمر صحافي عقد في واشنطن وبث في معهد أبحاث السياسات الاقتصادية "ماس" في رام الله عبر تقنية الاتصال المرئي، وسيقدمه الصندوق إلى لجنة تنسيق المساعدات الدولية للشعب الفلسطيني في اجتماع تعقده على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت لاحق من أيلول الجاري.
وقال التقرير: "لا يزال الاقتصاد الفلسطيني يواجه اضطرابات حادة، في الوقت الذي تفرض فيه المخاطر الأمنية والآمال المتلاشية في تحقيق السلام ضغوطا هائلة على آفاق النمو. إذ لا تزال عملية السلام الإسرائيلية- الفلسطينية متعثرة وليس واضحا ما إذا كان تجدد جهود السلام الدولية سيكسبها زخما، ومع وصول المصالحة السياسية الداخلية إلى طريق مسدودة، فإن التوقعات للانتخابات البرلمانية يكتنفها عدم اليقين وسط أوضاع الأمنية المتوترة، ورغم تسارع وتيرة إعادة الاعمار في قطاع غزة فيما يبدو منذ أواخر عام 2015، إلا أن الوضع الإنساني هناك متردٍ".
ويتوقع صندوق النقد نموا في الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني بنسبة 3.3% فقط خلال العام الحالي (2.7% في الضفة الغربية و5.5% في قطاع غزة)، كما يتوقع نموا بنسبة 3.5% على المدى المتوسط (خلال السنوات الثلاث المقبلة) "وهو مستوى لا يكفي لخفض البطالة وتعزيز مستويات نصيب الفرد من الدخل".
وقال التقرير إن هذه الآفاق تبقى عرضة لمخاطر جسيمة، تتمثل باحتمال تصاعد العنف، والمزيد من الانخفاض في الدعم المقدم من المانحين، وعدم القدرة على احتواء الإنفاق بصورة فعالة، والتهديدات الإسرائيلية بقطع علاقات المراسلة المصرفية.
واعتبر صندوق النقد انه رغم استمرار الحاجة إلى إجراءات حازمة في مجال السياسات الداخلية الفلسطينية لأجل الحد من المخاطر، إلا أن التحسن الأكثر عمقا في آفاق الاقتصاد الفلسطيني يستلزم حدوث انفراجة سياسية.
وحذر من تفاقم أوجه عدم اليقين السياسية والأمنية الحالية. ومع تزايد احتمالات انخفاض التمويل المتاح من الجهات المانحة، قد يؤثر ذلك على استمرارية مركز المالية العامة الذي يواجه ضغوطا بالفعل، ما يؤدي إلى مزيد من المخاطر المؤثرة على النمو والرخاء.
وعلى صعيد المالية العامة، توقع صندوق النقد أن تزداد إدارة المالية العامة صعوبة، رغم الأداء الجيد في النصف الأول من العام 2016، حيث ساهمت الإيرادات المحلية القوية وزيادة إيرادات المقاصة في خفض العجز، رغم ضغوط الإنفاق على الأجور والصحة.
وقال: "في حين تمكنت السلطات من سداد بعض المتأخرات القديمة، فقد أدى تأخر المساعدات المقدمة من الجهات المانحة إلى تشديد أوضاع التمويل وتراكم بعض المتأخرات الجديدة".
وأشار التقرير إلى الانخفاض الملحوظ في حجم المساعدات من الجهات المانحة، وقال: "حتى في حالة الحصول على الدعم المتأخر من الجهات المانحة، ستواجه الخزينة الفلسطينية فجوة تمويلية ضخمة تبلغ 500 مليون دولار تقريبا أو 3.5% من إجمالي الناتج المحلي، وفي حال استمرار الدعم المقدم من الجهات المانحة عند مستواه الحالي، فقد تتجاوز فجوة التمويل 600 مليون دولار".
وتابع صندوق النقد، "ينبغي على جميع الأطراف، السلطة الفلسطينية، وحكومة إسرائيل، والجهات المانحة، الاضطلاع بدور في ضمان ضبط أوضاع المالية العامة على نحو تدريجي موات للنمو".
فلسطينيا، حث التقرير السلطة الوطنية على اتخاذ تدابير من شأنها تقييد الإنفاق، سيما تجنب فرض ضغوط متزايدة على فاتورة الأجور، إلى جانب تكثيف الجهود الحالية التي تهدف إلى تحصيل الإيرادات، موضحا انه "ينبغي أن تتضمن جهود السلطة الفلسطينية نحو ضبط أوضاع المالية العامة، عبر تطبيق مجموعة من التدابير التي تهدف إلى تعبئة الإيرادات المحلية، وترشيد النفقات، بهدف الحد من النفقات المتكررة المفرطة، وتوسيع نطاق تغطية التحويلات للمساعدة في زيادة فعالية الوصول إلى الأسر الأكثر فقرا من دون رفع التكلفة، وتوجيه جزء أكبر من النفقات نحو الاستثمار".