الرئيسية » محلي »
 
01 أيلول 2016

مكب رمون إلى الواجهة.. وحلٌ قريب لمكبات غرب رام الله

في التاسع من آب، زادت حدة التوتر في قرية رمون، مع شعور السكان، أن مشروع المكب بات قاب قوسين أو أدنى. في حين أن الجهات القائمة على المشروع تؤكد أنها ماضية قدما، ليصبح حلم إقامة المكب واقعاً على الأرض. 

\
من شرق رام الله إلى غربها، تحديدا بلدة نعلين، يتنفس الأهالي هناك هواءً قادما من مكب النفايات التابع للبلدية، هواء يدفع الأهالي إلى "الحبس المنزلي"، حيث باتوا لا يطيقون الخروج من منازلهم، أو حتى فتح نوافذها، تجنبا لاستنشاق الروائح الكريهة الناتجة عن عمليات الحرق في المكب.
 
البداية من رمون..
 
وصل طاقم من مجلس الخدمات المشترك لإدارة النفايات الصلبة في محافظة رام الله والبيرة، مدعوم بقوة أمنية فلسطينية، برفقة  حفار لأخذ عينات من التربة في موقع المكب برمون، لاحظ الأهالي ذلك، وتجمهر عددٌ منهم في الموقع، من بينهم أعضاء في المجلس القروي، حدثت مشادات ومواجهات أسفرت عن عدم إتمام أخذ العينات من التربة، في حين قام الأمن بإطلاق النار في الهواء لعدم تفاقم المشهد.
 
اللجنة الشعبية: نرفض "زهرة الفنجان" في بلدتنا
يؤكد محمد جميل عضو اللجنة الشعبية لمقاومة المكب، على رفض المشروع بالمطلق نظرا لقربه من التجمعات السكنية في البلدة. ونظرا لتجربة مكب زهرة الفنجان. تجربة اعتبرها جميل بأنها كارثة لا يريدون أن تحصل في رمون. وتابع " كان المشروع مقررا في مكان بعيد عن البلد، وكانت الفكرة لدينا أن المشروع يتضمن تدوير النفايات دون طمرها، وتفاجأنا أن الموضوع فقط طمر للنفايات، في مكان لا يبعد إلا كيلو هوائي واحد فقط عن الهيكل التنظيمي للقرية. نحن شاهدنا مكب زهرة الفنجان، ولا نريد أن ننقل المكاره الصحية الى بلدتنا".
أهالي رمون ليسوا ضد إقامة مكب مركزي للنفايات في محافظة رام الله والبيرة، والاحتجاجات ضد المشروع، كانت بسبب قربه من السكان، ونظرا لأن الأرض المخصّصة هي زراعية ومخصصة أيضا لرعي الأغنام. أسباب أخرى يوردها عضو اللجنة الشعبية محمد جميل. مضيفا "هذه الأرض مطلّة على الغور الفلسطيني، يجب أن تكون منطقة سياحية يتم الاعتناء بها، حيث توجد بها بعض الآثار. طرحنا موقعا آخر، لكنه قوبل بالرفض، رفضنا للمكب بسبب الموقع فقط". 
يعيش في رمون قرابة 3500 مواطن، بالإضافة الى قرابة 10 آلاف مغترب غالبيتهم في الولايات المتحدة، ومعظمهم "أي السكان" وفق جميل يجمعون على رفض إقامة مكب النفايات على أراضيهم. وأضاف: "نرفض اقامة المكب، وسنقف ضده، ونرفض بالمطلق فكرة استملاك الأراضي".
 
مجلس الخدمات: مكبٌ بأحدث المواصفات بتكلفة 14 مليون يورو
"سيقام المكب طبقا لأعلى المواصفات العالمية بتكلفة تصل الى 14 مليون يورو بتمويل خارجي، وسيخضع لمراقبة مشددة من كل الجهات، من سلطة البيئة، مجلس الخدمات المشترك، الحكم المحلي. لن يكون مكرهة صحية كما يتصور الأهالي، ولن يشتمل فقط على طمر النفايات". هكذا افتتح المهندس حسين أبو عون المدير التنفيذي لمجلس الخدمات المشترك في رام الله والبيرة حديثه لمراسل "آفاق البيئة والتنمية". وتابع: "سيكون هناك خط لفصل النفايات، وحدة لمعالجة عصارة النفايات ووحدة أخرى لجمع غاز الميثان الذي سيستخدم في توليد الطاقة التي من الممكن أن تسد حاجة بلدة رمون وبعض القرى المجاورة من التيار الكهربائي".
 ووفقا لإدارة مجلس الخدمات، فإن المكب سيبنى وفقاً لأحدث المواصفات العالمية بحيث يكون معزولا بطبقة من المواد العازلة لمنع تسرب العصارة، اضافة لشبكة لتصريف عصارة النفايات ومياه الأمطار لعدم وصولها للمياه الجوفية. مشيرة إلى أن عملية الطمر ستكون فقط للنفايات العضوية التي تعتبر مفيدة للأرض.
 
"إذا ما عجبكم المكب سكروه"
انتقد أبو عون اصرار الأهالي على رفض اقامة المكب، واعتقادهم أنه سيكون كارثة عليهم، وقال: "إذا ما عجبكم سكروه، كيف ممكن محاسبة المشروع قبل أن يرى النور؟. محافظة رام الله والبيرة مهددة بكارثة بيئية اذا لم يتم توفير مكب لها في أسرع وقت، فالمدن الثلاث (رام الله، البيرة، بيتونيا)، تنقل نفاياتها الى مكب زهرة الفنجان قرب جنين، وهذا الوضع لا يمكن أن يستمر، ففي المحافظة 53 مكبا عشوائياً، تنغص حياة السكان بسبب أعمال الحرق المستمرة لهذه المكبات".
 يعرض مجلس الخدمات على سكان القرية المشاركة في إدارة المكب ومراقبته، من خلال تزويد القرية بمركز لمراقبة الروائح، ونظام مراقبة بكاميرات لتسجيل أي خرق أو مخالفة، بالإضافة إلى استعداد تعيين موظفين للمكب من نفس القرية.
المكب سيتحول لمتنزه عام بعد 25 سنة
ويشدد المجلس على لسان مديره التنفيذي على أن "المشروع لا يشمل نهائياً وقطعياً المستوطنات، مع العلم بأن المشروع تم الاعتراض عليه بشدة من قبل المستوطنين لأسباب استيطانية وأطماع في التوسع الاستيطاني.
 وتجدر الاشارة الى أن المساحة الرسمية للمشروع هي 208 دونمات (47 دونماً أراضٍ حكومية) يتبقى منها 161 دونماً أراضي خاصة مملوكة لأهالي من قرية رمون ومن بلدة دير دبوان، حيث بدأ مجلس الخدمات فعلياً بشراء بعض الأراضي بعد الحصول على الموافقة الرسمية من قبل الاحتلال الإسرائيلي لإنشاء المكب (تم شراء 18 دونما بسعر 10 آلاف دولار للدونم). وتصل المدة المفترضة لهذا المشروع الى 25 سنة، يتم تحويله بعد انقضاء المدة الى متنزه عام يخدم المنطقة الشرقية للمحافظة.
 كما فنّد أبو عون ما وصفها الإدعاءات بأن الأرض المخصصة هي زراعية خصبة وأضاف: " على  مدار 8 أعوام سابقة، تمت مراقبة الموقع من قبل المجلس والجهات المختصة ولم يتم إثبات أن الأرض يتم زراعتها موسمياً أو بشكل دائم". مشيرا في معرض رده على أن المكب قريب من السكان " يبعد عن قرية رمون 3 كم هوائي وعن بلدة دير دبوان 3.5 كم هوائي، وذلك مثبت في الدراسات البيئية الرسمية.
  في بدايات الحديث عن مشروع المكب واختيار الموقع من أصل 17 موقعا مرشحا وذلك من قبل شركة دولية مختصة في هذا المجال، اقترح بعض الأهالي موقعا بديلا، وتم عرض المقترح على الشركة المختصة وعلى الجهات المعنية، حيث تم استبعاد المقترح لعدة أسباب منها أنه يقع في وسط المحمية الطبيعية بناء على تصنيفات سلطة جودة البيئة الفلسطينية، اضافة للطبيعة الجغرافية المعقدة للموقع والذي يشمل على أودية تؤدي جميعها لمنطقة أريحا والأغوار والتي تصب في عيون للمياه يستفيد منها سكان أريحا والقرى المجاورة".
 مكب نعلين.. قصة أخرى
"ضيق مستمر في التنفس، وروائح كريهة تلازمنا لساعات طويلة"، معاناة يقول الشاب حذيفة سرور، إنها باتت تواجه سكان المنطقة الشمالية من بلدة نعلين غرب رام الله، بفعل عمليات الحرق في مكب النفايات التابع للبلدية.
يقول سرور وهو في العشرينيات من عمره:  " كل المنطقة تعاني من الدخان المتصاعد من المكب، خصوصا الروائح الكريهة والغازات المنبعثة منه بسبب الحرائق، أشعر غالباً بضيق تنفس وأنا شاب رياضي، فما بالك بالناس العاديين".
 ليس هذا فحسب يتابع سرور "أصبحنا نشاهد حشرات نلاحظها لأول مرة؛ ناموس أسود مرقط، تسبب لسعته احمراراً شديدا في الجلد. في أوقات كثيرة، لا نستطيع فتح النوافذ، لكننا نضطر لذلك في فصل الصيف، هذا الأمر يجعل بيوتنا مُعبقة بروائح الزبالة ".
مكب بلدة نعلين، واحد من بين 14 مكباً عشوائياً في منطقة غرب رام الله والبيرة، تنبعث منه أدخنة بين الحين والآخر، بفعل أعمال الحرق المستمرة فيه. ويوضح رئيس البلدية نادر الخواجا في حديثه لمراسل "آفاق البيئة والتنمية" أن من يقوم بأعمال الحرق عمال يبحثون عن الخردة والحديد في المكب. نافيًا بشكل مطلق علاقة البلدية بذلك. وأضاف: "أتحدى أن يثبت أحد قيام البلدية أو أي عنصر فيها بحرق النفايات في المكب، نحن نتبع أسلوب طمر النفايات في هذا المكب، بعد أخذ موافقة من الجهات المعنية باتباع هذا الأسلوب لحين إيجاد مكب صحي بديل يخدم المحافظة. نحن مضطرون للتخلص من نفاياتنا في هذا المكب بانتظار تنفيذ حلّ".
وأكد الخواجا على قرب توفير مكب بديل في الفترة المقبلة، يستقبل كل النفايات من جميع المكبات العشوائية في رام الله والبيرة، لحين اقامة مكب النفايات في بلدة رمون شرق رام الله.
المدير التنفيذي لمجلس الخدمات المشترك في المحافظة حسين أبو عون أكّد على ما ذكره الخواجا بخصوص توفير مكب بديل لكل المكبات العشوائية في منطقة غرب رام الله تحديدا.

وأضاف: "لدينا مشروع لإغلاق كل المكبات العشوائية وتوحيدها في مكب واحد، وتجري حاليا المشاورات مع الارتباط الفلسطيني للحصول على موافقة اسرائيلية لإقامة مكب في مقلع سابق للحجر قريب من نعلين سيتم ترحيل النفايات اليه لمدة عامين. في حال حصولنا على الموافقة سنحل مشكلة النفايات وسيشرف عليه مجلس الخدمات المشترك، لمنع أي هيئة أو شخص من القاء النفايات عشوائيا، وسنمنع أي عمليات للحرق، وقد حصلنا على وعودات من الهيئات المحلية لتمويل العمل في المكب، التكلفة بسيطة، تتراوح ما بين 10-12 ألف شيقل".

فراس الطويل- مجلة آفاق البيئة

مواضيع ذات صلة