الرئيسية » في دائرة الضوء »
 
26 آب 2016

الزواج في غزة.. مصاريف عالية وفرح رغم الحصار

رغم أن مصاريف الزواج في الضفة الغربية تكاد تكون أضعاف مصاريفه في غزة، إلا أن هذه التكاليف تثقل كاهل الشاب الغزي وربما تنفره من الزواج، في ظل نسب الفقر والبطالة العالية.

\

غزة- إسلام راضي – بوابة اقتصاد فلسطين

يشهد شارع "الرشيد" المطل على البحر غرب مدينة غزة مع حلول ساعات المساء بشكل شبه يومي اكتظاظا متزايدا نتيجة كثافة مرور مواكب الأفراح في طريقها إلى الصالات المنتشرة على جانبيه.

وعادة ما يحظى قطاع غزة خلال شهور الصيف بمثل هذا الوقت من العام وبالتزامن مع الإجازة الصيفية بأكبر نسبة من حفلات الأفراح مع ملاحظة تفاوتها من عائلة إلى أخرى حسب المقدرة الاقتصادية والمستوى الاجتماعي.

وكان قطاع غزة شهد خلال عام 2015 إتمام أكثر من 20 ألف عقد زواج في أكبر إحصائية تسجلها المحاكم الشرعية في تاريخ القطاع بحسب رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي فيه حسن الجوجو.

ويقول الجوجو إن المجلس الأعلى لم ينه حتى الآن إتمام إحصائية عقود الزواج لهذا العام بالنظر إلى عدم انتهاء فصل الصيف الذي يعد الأكثر إقبالا على الزواج فيه، لكنه توقع أن ينخفض عدد عقود الزواج لهذا العام عن العام الماضي.

ويعتبر الجوجو أن تكاليف الزواج باتت أكثر ارتفاعا من السابق، لا سيما فيما يخص المهور، بحيث بات يبلغ المتوسط لها مبلغ 3 ألاف دينار أردني بعد أن كان ينحصر بمبلغ ألفي دينار في الأعوام السابقة.

مراسيم متنوعة

وتتوزع مراسيم الزفاف في قطاع غزة على عدة أيام، وإقامتها كلها أو جزء منها، تعتمد على مقدرت الشاب ومقدرة عائلته الاقتصادية.

وتبدأ تلك المراسيم بحفل خاص بالشباب، عادة ما تتم إقامتها أمام منزل بيت العريس وفي حالات ضيقة داخل صالة أفراح، وفي الغالب فإنها تنتهي بحفلة عشاء تقدم فيها وجبة "السماقية" الأكثر شهرة بهذا الصدد في قطاع غزة.

وأكثر الحفلات ارتيادا في غزة تلك التي يحيها فرقة فنية وهو ما يكلف بين 500 إلى ألف دولار أمريكي، يضاف لها تكاليف زينة الحفلة والمسرح بنحو 600 دولار وتصوير تلفزيوني وفوتوغرافي من 200 إلى 300 دولار.

ومؤخرا ارتبطت العديد من حفلات الزفاف في غزة بفرقة الزفات "الفدعوس" التي يكلف حجزها من 150 إلى 400 دولار أمريكي، وهي تتكون من عازف المزمار واثنين إلى أربعة من ضاربي الطبل، يحدثون جميعا موسيقى صاخبة ترافق زفة العروسين.

وتبدأ فرقة الفدعوس بدقّ طبولها ظهيرة يوم الفرح عندما يتجمّع الرجال أمام الوليمة، وتستمرّ بعد رجوع العريس من الحلاق "المزين"، وترافق سيارة الفدعوس سيارات أهل العريس المتجهة لإحضار العروس من منزل والدها، وتستمرّ بضرب الطبول حتّى وصول موكب العُرس إلى صالة الفرح.

وتضمّ الموسيقى الصارخة التي تحدثها فرقة الفدعوس مختلف أنواع الأغاني القديمة والحديثة والشعبية. لكن التركيز اتّجه مؤخّراً إلى الزفّات المصرية وأحيانا السورية، مع الاحتفاظ بالنكهة الفلسطينية.

وعادة ما يتخلل الحفلات تقديم "النقوط" وأكثره في قطاع غزة يقدم إلى المغني وفرقة الفدعوس، فيما يقدم في مناطق أخرى إلى العريس، ويتراوح النقوط من 20 شيقل إلى 200 شيقل.

وثاني أيام مراسيم الأفراح يخصص إقامة وجبة غذاء وتحدد إن كانت عامة لكل المدعوين أو خاصة لعائلة العريس والعروس بحسب المقدرة الاقتصادية علما أن متوسط غذاء الفرح لا يقل عن مبلغ ألفين دولار.

فرحة العروسين المشتركة

أما أهم مراسيم الأفراح بالنسبة للعروسين فإنها ترتبط بحفلة داخل صالة أفراح وفي غالبتها العظمى تكون مخصصة للنساء فقط.

ويقول رئيس هيئة المطاعم والفنادق والخدمات السياحية في قطاع غزة صلاح أبو حصيرة إن موسم الصيف يستحوذ علىحصة الأسد في حجز صالات الافراح في قطاع غزة ويمكن وصفه بأنه موسم تشغيلها الرئيسي.

ويوضح أبو حصيرة أن عدد صالات الأفراح في قطاع غزة حاليا يتجاوز الـ50صالة أفراح موزعة على مختلف المناطق، لكنها تتركز في مدينة غزة وأكثرها شهرة تلك الواقعة على شاطئ البحر.

ويشير إلى أن متوسط حجز صالات الأفراح في قطاع غزة يزيد عن 300 دولار أمريكي، وهو ما يعد مناسبا للأوضاع الاقتصادية السائدة في القطاع، مع العلم أن هناك صالات تحجز بأقل من هذا السعر وأخرى بنحو 10 أضعافه حسب كل قاعة.

عبء اقتصادي

على أن التكاليف الاقتصادية المذكورة أعلاه تعد عبئا كبيرا على العرسان وعائلاتهم في قطاع غزة خاصة عند إضافة ما يطلبه الزواج من تكاليف أساسية أخرى مثل تجهيز الشقة وعفشها.  

الشاب محمد علي من مدينة غزة يقول إنه خريج جامعي ويبلغ (27 عاما) لكنه لا يفكر بالزواج مطلقا، لأن المهر وتجهيزات الفرح ومتطلبات الحياة العائلية بعد الزواج خارج إمكانياته.

أما الشابة وردة الحلو (25 عامأ) التي تعمل معلمة للغة عربية فتعزو تراجع إقبال الشباب في قطاع غزة على الزواج لتدهور الأوضاع الاقتصادية وهو ما تأمل أن لا يجبرها على دفع الكثير من أعوام عمرها قبل الزواج وتكوين عائلة أخيرا.

ويرى الخبير الاجتماعي من غزة ماهر مسعود أن هناك نسبة الإقبال على الزواج مقبولة نوعا ما في قطاع غزة ولكن في المقابل توجد نسبة لا بأس منها لا تستطيع مجرد التفكير بالزواج.

ويشرح مسعود أن الوضع الاقتصادي والمادي للشخص الذي يريد الزواج هو أول اساسيات ومتطلبات الفكرة لأنه يحتاج الى تكاليف باهظة الثمن في ظل انتشار الفقر والبطالة.

ويضيف أن كثيرا من الشبان ممن يقدمون على الزواج دون أن يكون لديهم مصدر مال ثابت فإن الخلافات والمشاكل تعصف بحياتهم الأسرية بعد فترة بسيطة من الزواج ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى الانهيار والانفصال.

وبحسب إحصائيات المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في غزة فإن نسب الطلاق ارتفعت في قطاع غزة خلال عام 2015 بمعدل 1 في المائة وهو ما عزته إلى عدة أسباب تعد الأوضاع الاقتصادية السيئة أبرزها.

مواضيع ذات صلة