غياب نظام تعرفة وطني للمياه عبء على المواطن والبلدية
تختلف تعرفة المياه ما بين الضفة وغزة وما بين المحافظات الفلسطينية على اختلافها. وتعود ذلك لاختلاف مصادر المياه واختلاف تكلفة وصولها للمواطن، لكن هل أسعار المياه عادلة في المحافظات؟
حسناء الرنتيسي، بوابة اقتصاد فلسطين
ينتقد عبد الرحمن التميمي، مدير عام مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين، غياب نظام تعرفة وطني لأسعار المياه يضع المعايير لحساب التكلفة، كون المياه سلعة يجب أن لا تربح، بل يكفي أن تغطي تكاليفها.
ويرى التميمي أن المشكلة تكمن بوجود جهات مستفيدة. معتبرا أن هناك نظاما مؤسسيا قائم منذ الإدارة المدنية لم يغيره أحد، فمصلحة مياه بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور رغم وجودها في مناطق (أ) ما زالت تعمل وفقا لأمر عسكري.
ويبرر كمال عيسى، مدير دائرة الاقتصاد والتعرفة بسلطة المياه، اختلاف التعرفة من محافظة إلى أخرى باختلاف مصدر المياه، فهناك مناطق تنتج المياه ومناطق تشتريها، ويعتمد أيضا على المسافة التي تُضخ المياه خلالها والطبيعة الجغرافية للمنطقة، كون استهلاك الكهرباء للمضخات يؤثر على فارق التكاليف على المواطن.
اشكالية اختلاف التعرفة
يوضح شداد العتيلي رئيس سلطة المياه السابق: "الآبار الزراعية في طولكرم تنتج المياه بتكلفة تتراوح ما بين 20 أغورة ونصف شيقل وتباع بشيقل ونصف. في حين تصل المياة للبلدية في الخليل، التي لا تملك مصادر مياه، بتكلفة 5 -6 شيقل وتصل القرى والتجمعات في منطقة (ج )عندما يتعاملوا بالصهاريج بكلفة ال10 كوب ب120 عن طريق البلدية، او عن طريق السوق السوداء توصل أحيانا 400 شيقل، اي كل كوب يباع بنحو 50 شيقل."
ويشير العتيلي إلى أن شركة المياه الإسرائيلية مكاروت تبيع المياه للسلطة بسعر 2.84 شيقل لكل الكوب، وتوزع الأخيرة المياه للبلديات "بمخسر" حسب وصفه، بسعر 2.60 شيقل لكل كوب.
ويوضح أن القانون الجديد، حدّد أنه يجب أن تحول دائرة المياه الى شركة تشتغل على أسس ربحية، اي لم تعد فكرة انتاج المياه من الآبار او شراء المياه من اسرائيل وبيعها بسعر أقل قائمة.
وأصدر الرئيس محمود عباس قرارا بقانون، رقم (14) لسنة 2014م بشأن المياه، نص على إنشاء شركة تسمى "شركة المياه الوطنية" تكون مملوكة بشكل كامل لدولة فلسطين، كما نص على أن تضع السلطة السياسات العامة لتحديد التعرفة للمياه والصرف الصحي بموجب نظام يصدر عن مجلس الوزراء.
التعرفة لا تغطي التكاليف
من جانبه، يرى المدير التنفيذي لمجلس تنظيم قطاع المياه محمد سعيد الحميدي أن عدم قيام تعرفة المياه على أسس واضحة تضمن ديمومة عمل مقدم الخدمة، يؤدي الى خسائر واضحة عند مقدم الخدمة وعجزه عن أداء مهامه بالشكل المطلوب، وبنفس الوقت قد تنعكس سلبا على المستهلك بغياب العدالة بأسعار المياه وسعر الربط، ، فبعض البلديات تدفع 200-300 دينار لتصل المياه للمواطن كخدمة ربط، وبعض البلديات 2000-3000 دينار. وربط الخدمة يدفع لمرة واحدة.
وحسب مجلس تنظيم قطاع المياه/ فإن ما نسبته 85% من احتياجاتنا من المياه تغطى من خلال إسرائيل، من شركة مكاروت عبر دائرة المياه ثم للبلديات، بينما هناك بلديات لها آبارها الخاصة فيها.
وتنخفض تعرفة المياه في قلقيلية واريحا مثلا كونها تنتج المياه ولا تعتمد على شركة مكاروت، في حين يرتفع سعر المياه في رام الله نظرا لاعتمادها على مياه شركة مكاروت.
وأكد الحميدي أن مجلس تنظيم قطاع المياه يعاود النظر في التعرفة، معتبرا أنها غير عادلة أحيانا للمواطن واخرى للبلدية، كما في قلقيلية. وأوضح أن دور مجلس تنظيم قطاع المياه يكمن في أن الحفاظ على توازن ما بين التعرفة وتكاليف المياه بحيث لا يكون هناك خسارة أو ربح.
المواطن مستلم رابع
التميمي ينسب المشكلة في ارتفاع تكلفة المياه لاعتبار المواطن اليد الرابعة المستلمة للمياه، ويوضح "مصلحة مياه رام الله مثلا تشتري مياه من مكاروت الاسرائيلية عن طريق بلدية القدس، فتصل للمواطن مرورا بعدة جهات، اي هكذا.. ميكاروت، ثم بلدية القدس، ثم مصلحة بلدية رام الله، ثم للمجالس القروية ثم للمواطن، فيدفع المواطن المصاريف الجارية لأربع جهات، فلماذا لا يزود مباشرة بالمياه؟"
وقد عقّب الحميدي على ذلك بضرورة وجود جهة واحدة تأخذ المياه من مكاروت الاسرائيلية، وهي دائرة مياه الضفة الغربية، هذه الجهة توزع المياه من خلال عدد من خطوط الربط، هناك عدة أنابيب ونقاط ربط للمياه القادمة من إسرائيل، والوحيدة المسؤولة عنها هي دائرة مياه الضفة الغربية.
الفاقد وديون البلديات
هناك عدة أنواع للفاقد في المياه، وهو ما يتم خسارته، أي لا تحصل البلديات على ثمنه، وتتفاوت نسبته من جهة لجهة، هناك بلديات لديها الفاقد في هذا النوع بنسبة 50% حسب الحميدي الذي أوضح أن الفاقد في المياه ما بين إسرائيل والضفة تخصمه اسرائيل من أموال المقاصة، ويقول أن معظم الفاقد من المياه يكون من بعد استلام المياه من مكاروت للضفة، أي فاقد داخلي.
وقد بلغت الديون حسب الحميدي على البلديات في الضفة نحو مليار و100 ألف شيقل على أكثر من 220 مقدم خدمة (بلدية).
ويبلغ سعر المياه لمدينة رام الله للكوب الواحد 7.04 شيقل، منها ما يزيد عن 3.2 كتكاليف تشغيل، وتكاليف موظفين 13 أغورة، و2.92 أغورة سعر المياه، وسعر الطاقة (للضخ) 59 أغورة، و20 أغورة تكاليف أخرى.
متوسط سعر بيع المتر المكعب من المياه في محافظات الضفة وغزة كما في الرسم البياني التالي.