لماذا فشل تطبيق قرار الحد الأدنى للأجور؟
بعد عامين على بدء تنفيذ قرار الحد الأدنى للأجور، ما زال أكثر من ثلث العاملين في القطاع الخاص يتقاضون أجوراً تقل عن المبلغ الذي حُدد بـ 1450 شيقل، وتعتبر النساء الأكثر تعرضا للاستغلال بالأجور فنصف العاملات في القطاع الخاص يتقاضين أجوراً دون الحد الأدنى.
(بوابة اقتصاد فلسطين/ عدسة آيات يغمور)
رام الله- بوابة اقتصاد فلسطين| أسماء مرزوق- لم يُحدث تطبيق قرار الحد الأدنى من الأجور فرقاً كبيراً لصالح العمال ففي العام الأول من تطبيقه كان عدد من يتلقون أجوراً تقل عنه يصل إلى 117 ألف عامل، ليصبح عددهم نهاية عام 2014 حوالي 104 ألف عامل. علما أن المنتفعين من القرار أقل بكثير من الفرق الحادث، فهناك أسباب مختلفة لانخفاض عدد العاملين كارتفاع البطالة، خصوصاً في غزة جراء العدوان الأخير. فحسب جهاز الإحصاء المركزي من الصعب قياس عدد المنتفعين من القرار.
أين الخلل؟
يعزو مدير معهد الأبحاث والسياسات الاقتصادية، سمير عبد الله، الخلل في تطبيق القرار، رغم مضي عامين على نفاذه، إلى الحكومة التي لم توجد آليات لتنفيذه، قائلا: "الحكومة غير قادرة على فرض القرار بسبب عدم وجود رقابة كافية ولا آلية عقاب للمؤسسات غير الملتزمة".
ويضيف: هناك قطاعات غير قادرة على تحمل عبء القرار لأن إنتاجية العامل فيها تقل عن الحد الأدنى للأجور مثل قطاعات الغزل والنسيج والخدمات العامة. وفي حال أجبرت هذه المؤسسات على تطبيق القرار قد تضطر لإغلاق أبوابها أو تقليص عدد موظفيها. مشيراً إلى أن القرار كان يستوجب دراسته وربطه بالحد الادنى للأجور وبالإنتاجية وكذلك بالمناطق الجغرافية، قبل إقراره.
ويتابع عبد الله: على الحكومة إيجاد الية للتعامل مع هذه القطاعات، من خلال دعم أجور العمال فيها أو وضع حد أدنى مختلف عن بقية القطاعات أو حتى استثناءها من القرار، علماً أنها منشآت تعيل بمجموعها عشرات آلاف العائلات.
العمل تعترف
حكوميا، وافق مدير عام التفتيش في وزارة العمل عبد الكريم دراغمة على أن هناك صعوبة بتطبيق القرار في بعض القطاعات الضعيفة مشيراً إلى أن هناك جهودا لم تفلح حتى الآن بإيجاد اتفاق يدعم تطبيق الحد الأدنى للأجور في هذه القطاعات من خلال آلية لتقديم شيء من المساعدة حتى تلتزم بالقرار.
ويضيف: هناك مسؤولية تقع على الحكومة في ضعف تطبيق القرار، فعند اقراره قبل عامين لم يتم تزويد الوزارة بأي سيارة إضافية للتفتيش أو بمفتشين مؤهلين بل تم الاعتماد على إمكانيات الوزارة لتحمل العبء الكبير الجديد، مشيراً الى أن الوزارة تقوم بكل ما تستطيع تقديمه من خلال وضع خطة تفتيش لكل مديرية.
ويتابع: "نحن الآن في خضم حملة تفتيش واسعة على المنشآت في كل أنحاء الضفة الغربية خصوصا تلك المشغلة للنساء، سينتج عنها توجيه تنبيهات وإحالة عدد كبير من غير الملتزمين بالقرار إلى القضاء".
العمال لا يشتكون
تتقاضى سهام، التي تعمل في إحدى رياض الأطفال في حي أم الشرايط في رام الله، 800 شيقل شهرياً. تقول أنها وزميلتيها طالبن المديرة بتطبيق قانون الحد الأدنى للأجور منذ أكثر من عام، ولكنها تحججت بظروف المؤسسة المالية، وقالت حسب سهام: "الي مش عاجبها تترك". علما أن المؤسسة غير مسجلة وغير منصاعة لقانون العمل كحال عدد كبير من رياض الأطفال والحضانات والمؤسسات الصغرى.
تعلق المستشارة القانونية في وزارة العمل بثينة سالم: "أكبر المشكلات التي نواجهها في ضبط أرباب العمل المخالفين للقانون هو تواطئ العمال معهم، يتسترون على صاحب العمل خوفا من خسارة شغلهم".
المبلغ غير منصف أصلاً
انتقادات كثيرة وجهت لحد ادنى للأجور يقل عن حد خط الفقر (2300) شيقل. لكن الوصول لهذا الرقم لم يكن بالسهل فقد جاء بعد مفاوضات عسيرة بين الأطراف الثلاثة (الحكومة، أرباب العمل، اتحاد العمال). لكن هل مازال المبلغ مقبولا بعد عامين ونصف العام على إقراره؟
الأمين العام لاتحاد نقابات العمال شاهر سعد يقول لبوابة اقتصاد فلسطين: "إن الاتحاد منذ البدء لم يوافق على المبلغ المحدد وصوت ممثلوه ضد الرقم لكنه فرض بإجماع اللجنة المكونة من أطراف مختلفة، وما زال الاتحاد حتى الآن يطالب برفعه". وأشار سعد إلى أن القرار يتضمن بنداً حول إمكانية زيادة المبلغ مراعاة للغلاء المعيشي وذلك بعد عقد اجتماع سنوي مع الأطراف الثلاثة صاحبة العلاقة وهذا ما يعول عليه الاتحاد حالياً.
غزة خارج المعادلة
لم يطبق قرار الحد الأدنى للأجور في غزة كونه أقر قبل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في أيار 2014، ومع ذلك لم تعمل الحكومة منذ تشكيلها منذ أكثر من عام على فرض القانون في غزة. رغم أن نسبة العمل دون الحد الأدنى للأجور تفوق الضفة الغربية إذ تصل حسب آخر بيانات جهاز الإحصاء إلى 63% من مجمل العاملين في القطاع الخاص. وبمعدل أجر شهري 730 شيقل في حين يرتفع في الضفة الغربية إلى 1100 شيقل.
من جانبها، تعزو وزارة العمل عدم تطبيق القرار حتى الآن لصعوبة لواقع الاقتصادي في غزة، خصوصاً بعد العدوان الأخير الذي أتى على عدد مئات من المنشآت الاقتصادية ورفع معدلات البطالة إلى مستويات غير مسبوقة. علماً أن الوزارة تتوقع تشكيل لجنة لدراسة موضوع الحد الأدنى للأجور في غزة.
مقارنة مع إسرائيل
يعزو أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح عبد الفتاح شكر الضعف في تطبيق القرار إلى ضعف تمثيل العمال وتشتيته وتسييسه وعدم وجود آلية رقابة منبثقة عنه. مقارناً الأمر بالقوة التي يملكها الهستدروت (الاتحاد العام لنقابات العمال الإسرائيلية).
متابعاً: يملك الهستدروت من القوة ما يجعله يقوم بدوره بالضغط على الحكومة والأطراف الاخرى، كما تم مؤخراً إذ استطاع بعد مفاوضات مع المنظمات الاقتصادية رفع الحد الأدنى للأجور 350 شيقل ليصل الى 4650 شيقلا على أن يتم رفعه 350 شيقل إضافية في مرحلة ثانية بعد سنة ونصف السنة.
يُذكر أنه رغم تقارب أسعار السلع والخدمات المقدمة للمواطن الفلسطيني والإسرائيلي إلا أن دخل الثاني يساوي 15 عشر ضعف دخل الأول.