مخزونات النفط السرية.. اللاعب الخفي في حرب الأسعار عالمياً
لاتزال مخزونات النفط حول العالم تثير المزيد من التقلبات في أسعار الخام، مع حقيقة وجود ملايين من براميل النفط التي تتدفق بشكل غير ملحوظ خارج الدول الصناعية التي تعلن إحصاءات المخزونات. وذكر تقرير نشرته «وول ستريت جورنال» حول هذا الموضوع أن بعض البلدان مثل روسيا والصين وبعض الشركات لا تعلن حجم مخزوناتها من النفط، ما يجعل الأمور أكثر سرية وتقلباً في الأسواق العالمية للخام.
يرى هاريش ساندريش، مدير محفظة الاستثمار ورئيس قسم أبحاث السلع في «لوميس سايلز»، أن البيانات المعلنة حول مخزونات النفط غير متناسقة، بينما تعتبر غير قابلة للثقة في دول مثل نيجيريا والبرازيل وأنجولا، في حين أصبح تتبع المخزونات أكثر تعقيداً، مع حقيقة أن البلدان النامية أصبحت تخزن وتستهلك المزيد.
موانئ سنغافورة
وتمتلك سنغافورة واحدة من أكثر الموانئ ازدحاماً في العالم، حيث توجد شركات نفطية تجارية كبرى، في حين أنها تمثل أحد أكبر مواقع تخزين النفط حول العالم، في الوقت الذي لا يعد من الواضح فيه كميات الخام المخزنة في البلاد.
وفي بداية شهر يوليو/تموز الحالي رست 23 ناقلة نفطية عملاقة تحمل 43 مليون برميل من النفط لمدة شهر أو أكثر في مضيق سنغافورة، مقارنة ب 15 ناقلة في بداية العام، وهو ما يعني - في حال كانت الناقلات كاملة الحمولة - أنها كافية لتلبية احتياجات الولايات المتحدة من الخام لأكثر من يومين.
وقال موقع «أرقام» أنه لا يوجد إحصاء رسمي خاص بالنفط الموجود في مضيق سنغافورة، حيث تكتفي «رويترز» ومؤسسات أخرى بتقدير تقريبي لهذه المخزونات، حيث يرى محللون أن عدداً من هذه السفن قد يحمل نفطاً أو منتجات مكررة مستخدمة في النقل البحري، بينما قد تحمل ناقلات أخرى مياه البحار فحسب، ما يزيد من تعقيد التقديرات.
دور أكثر أهمية
ويرى محللون أن المخزونات أصبح لها دور أكبر لدى منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» مقارنة بدورها التقليدي في إدارة أسعار الخام. وقامت «أوبك» منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2014 بزيادة إمداداتها من النفط لكامل طاقتها تقريباً، ما يجعل المخزونات تمتلك أهمية أكبر في حال تعطل الإمدادات في أي مكان.
وقال «أنطون هاف» مدير برنامج سوق النفط في مركز سياسات الطاقة العالمي في جامعة «كولومبيا» إن «أوبك» توقفت عن لعب دور المنتج المرجح، كما أنه مع حالة عدم اليقين بشأن مدى قدرة الإنتاج الصخري الأمريكي على لعب هذا الدور، فإن المخزونات أصبحت تمتلك دوراً كبيراً في تعويض أي نقص محتمل للإمدادات.
إنتاج «أوبك»
وكان مسح قد كشف أن إنتاج «أوبك» من المرجح أن يسجل أعلى مستوى في التاريخ الحديث، في الوقت الذي يضخ فيه العراق المزيد من الخام بينما تحقق نيجيريا نجاحاً في تصدير كميات إضافية من الخام، على الرغم من الهجمات التي يشنها مسلحون على منشآتها النفطية. وارتفع إنتاج أوبك إلى 33.41 مليون برميل يومياً في يوليو/ تموز مقارنة مع 33.31 مليون برميل يومياً في قراءة يونيو/ حزيران بحسب المسح الذي استند إلى بيانات الشحن ومعلومات من مصادر في القطاع. وتسببت زيادة إنتاج أوبك في المزيد من الضغوط النزولية على أسعار الخام. وهبط النفط من أعلى مستوى في 2016 الذي اقترب من 53 دولاراً للبرميل في يونيو/ حزيران إلى 42 دولاراً للبرميل اليوم الجمعة تحت ضغط المخاوف بشأن ضعف الطلب.
مزيد من الغموض
وقد رفعت الدول النامية من الطلب على النفط، حيث أصبحت الدول خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تمثل نحو نصف الطلب العالمي على الخام، مقابل 41% منذ عقد مضى.
ولا تقدم بعض الدول تقارير حول المخزونات النفطية العائمة في ناقلات قبالة سواحلها، مثلما هو الحال في سنغافورة، في حين أشارت وكالة الطاقة الدولية إلى أن المخزونات العائمة ارتفعت في شهر يونيو/حزيران الماضي إلى 95 مليون برميل، وهو أعلى مستوى منذ عام 2009.
ارتفاع واردات النفط الصيني
يبرز لغز آخر في الصين يتمثل في البيانات الحكومية التي تشير إلى ارتفاع واردات النفط لمستوى يتجاوز قدرة المصافي على تكريرها ومعالجتها، حيث توضح البيانات أن بكين جمعت 160 مليون برميل في النصف الأول من العام الجاري، ما يكفي لتلبية الطلب المحلي لمدة أسبوعين.
ويعتقد محللون أن هذه البراميل تحولت إلى المخزونات التجارية أو إلى الاحتياطي الاستراتيجي المملوك للحكومة الصينية، في حين أنه في حال كان الاحتمال الأخير صحيحاً فإن خبراء يحذرون من إمكانية وصول أماكن التخزين لطاقتها القصوى، ما سيقلل الطلب على الخام، وهو ما قد يحدث في العام الحالي.
بيانات متضاربة
يصعب على المحللين الاعتماد على البيانات غير المؤكدة للمخزونات، وهو ما ظهر في ما بعد الهجمات المسلحة على المنشآت النيجيرية في شهري مايو/أيار، ويونيو/حزيران الماضيين، حيث استقرت الصادرات أعلى مستوى 1.5 مليون برميل يومياً، رغم تكهنات المحللين بانخفاض الإنتاج في البلاد.
ومن غير المعروف ما إذا كانت نيجيريا قد اتجهت للسحب من المخزونات لتعويض نقص الإنتاج، أم أن الإمدادات كانت أعلى من توقعات الأسواق، إلا أن السلطات في البلاد جعلت بيانات المخزونات النفطية معلنة بشكل عام بدءاً من الشهر الجاري، ولكن بعد انتهاء الهجمات المسلحة على المواقع.
ولا تمتلك مؤسسات عالمية بيانات عن مخزونات النفط في روسيا والصين ودول أخرى، حيث تفتقر بعض الدول للموارد اللازمة لجمع البيانات، أو أنها لا تعتبر الإفصاح عن المخزونات النفطية من الأولويات.
وكالات