بائعو الورد المتجولون.. غزيون يهزمون البطالة بالورد
على دراجات هوائية تعلوها صناديق صغيرة زُينت بطريقة أنيقة وبداخلها الورود، يجوب أعضاء فريق "بائع الورد المتجول"، وهم شابين وفتيين من عائلة واحدة بزي موحد، الأحياء المختلفة من مدينة غزة سعيا وراء كسب المال.
غزة، إسلام راضي، بوابة اقتصاد فلسطين
هربا من واقع البطالة وندرة فرص العمل، اختار بائعو الورد أن يصنعوا الأمل ببيع الورد في مبادرة لفتت الكثيرين في قطاع غزة.
ويقول صاحب مبادرة الفريق الشاب ياسر الترك لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن مشروعهم يعد الأول من نوعه على مستوى محافظات قطاع غزة كون أن بيع الورود في القطاع يقتصر على المحلات التجارية ولم يبادر أحد قبلهم لبيعها بشكل متجول.
ويبلغ الترك (22 عاما) وهو حاصل على شهادة جامعية في المحاسبة ودفعه عدم حصوله على عمل إلى المبادرة لرفض الانتظار طويلا مع جيش العاطلين عن العمل في قطاع غزة.
ويشرح الترك فكرته بقوله "راودتني فكرة بيع الورود على الدراجات الهوائية عندما كنت أفكر بمشروع صغير أوفر من خلاله فرصة عمل لي، فالجميع يعلم شح الوظائف في القطاع".
ويوضح أن الفكرة مستوحاة من تقرير وثائقي شاهده عن حياة الأرياف الألمانية وكيف يتم وضع ورد في سلة والتجول على الدراجة الهوائية لبيعها.
ويضيف "حدثت إخوتي وابن عمي ووافقوا جميعًا، فقررت تشكيل فريق متجول ونجحنا فورا في جذب انتباه المارة من خلال بيع سلعة لم يعتادوا على شرائها من باعة متجولين".
ويشير الترك إلى أنهم اختاروا استخدام الدراجات الهوائية، بحثا عن التميز ولكونها غير مكلفة رغم أن استخدامها في العمل غير رائج في القطاع بسبب بطئها.
وكان الترك ورفاقه شرعوا بالعمل ضمن مشروعهم مع بدء الإجازة الصيفية لهذا العام.
ويعد موسم الصيف مغيثا للكثير من شبان قطاع غزة من خلال ما يوفره من فرص عمل مؤقتة توصف بالموسمية في ظل ما يعانيه القطاع المحاصر إسرائيليا منذ نحو عشرة أعوام من معدلات فقر وبطالة قياسية.
وتوصف نسبة البطالة في أوساط سكان قطاع غزة بأنها من بين الأعلى في العالم بحيث وصلت إلى حوالي 42.7% من إجمالي سكانه بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
واعتمد فريق باعة الورد، الذين تتراوح أعمارهم من 15-23 عامًا، على تكوين ثقافة حول أنواع الأزهار وكيفية العناية بها، من خلال البحث في الانترنت وسؤال أصحاب متاجر بالأزهار والمزارعين، كما واعتمدوا على مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج لأنفسهم .
وتعد ثقافة بيع الورود واقتنائها محدودة نوعًا ما في قطاع غزة وعادة ما تقتصر على المناسبات في مجتمع يعاني الفقر والبطالة ويسعى فيه أرباب الأسر لتوفير قوت أطفالهم بالدرجة الأولى.
ولأن الورد يريح النفس، ويعتبر أجمل الهدايا وأكثر رومانسية، اختار الترك هذه المهنة، وأراد من خلالها "أن يخفف من أوجاع الناس، ويرسم البسمة على وجوههم"، كما يقول.
ويوضح أنهم بدأوا كمرحلة أولى باختبار لقياس درجة إقبال الزبائن على الورد وعلى ماذا الاقبال أكثر الطبيعي أم الصناعي فرأى ان الطبقة المتوسطة والمتدنية لجأت للصناعي فهو أقل ثمناً في حين ان الورد الطبيعي ذا سعر غالٍ تقبل عليه فئة معينة.
ويبدو المارة والمتسوقون سعداء وهم يتجمهرون حول باعة الورد المتجولين، الذين يرتدون قبعات سوداء، وقمصانًا بيضاء عليها شعار واسم مشروعهم، ويلتقطون لهم الصور عبر هواتفهم المحمولة.
وقبل أن يقود دراجته، ويترك ناصية إحدى الطرق الرئيسة التي وقف عليها لساعة كاملة، يقول الفتى علي الترك (15 عاما) العضو في فريق بائع الورود المتجول، أن "تكون بائع ورد، شيء جميل وأنا استمتع بهذا كثيرا".
ويضيف الفتى الترك "عندما عرض ابن عمي الفكرة وافقت فورا لأنني أرغب دومًا باستغلال إجازتي الصيفية في شيء مفيد" .
ولا توجد خيارات عديدة أمام طلبة المدارس في قطاع غزة، لاستغلال إجازتهم الصيفية، لمحدودية أماكن الترفيه، ومراكز الاهتمام بتنمية مهارات الأطفال والفتية.
ويصف الفتى الترك إقبال الناس على شراء الأزهار منه بـ "المحدود"، مضيفًا: "ربما الوضع الاقتصادي يحول دون شرائهم للأزهار، لكن كل من يمر عنا نرى الابتسامة على وجهه".
ويتمنى فريق بائع الورود المتجول أن يتمتع سكان قطاع غزة بجمال الأزهار التي تنتجها أرض القطاع، والمعروفة بجودتها العالية.
وكان قطاع غزة يصدر نحو 5 مليون زهرة إلى أوروبا قبل أن يتوقف عن ذلك قبل ثلاثة أعوام جراء غياب الدعم الخارجي وخسائر مزارعي الزهور بفعل الحصار والحروب الإسرائيلية المتكررة.
وعلى الصعيد الشخصي يأمل أعضاء فريق بائع الورود المتجول توسيع نطاق عملهم مستقبلا أكثر ليشمل جميع محافظات قطاع غزة والارتقاء أكثر بإمكانيات مشروعهم ليشمل تأسس متجر كبير لبيع الورود وتوصيلها لزبائنها.