عامان على الحرب الثالثة وغزة تحتضر
عامان على الحرب الثالثة وغزة تحتضر"، بأن كافة المعابر التجارية المحيطة بقطاع غزة (معبر المنطار – معبر الشجاعية – معبر صوفا ) ما تزال مغلقة، باستثناء معبر كرم أبو سالم، الذي يعمل وفق الآليات التي كان يعمل بها قبل الحرب الأخيرة.
آلية عمل معبر كرم أبو سالم لم تتغير، من حيث عدد ساعات العمل، وعدد الشاحنات الواردة، ونوع وكمية البضائع الواردة، والزيادة التي حدثت في عدد الشاحنات الواردة نابعة من زيادة دخول المساعدات الإغاثية، ومواد البناء للمشاريع الدولية، والمشاريع القطرية التي تنفذ في قطاع غزة، وكميات مقننة من مواد البناء للقطاع الخاص لإعادة الإعمار.
وتصادف اليوم الذكرى الثانية للحرب الثالثة على قطاع غزة، التي شنتها إسرائيل خلال الفترة من 7-7-2014 حتى 26-8-2014، واستمرت على مدار 51 يوما متواصلة، وخلّفت دمارا هائلا، وخسائر بشرية قدرت بـ1935 شهيدا، و10886 جريحا.
ومن خلال رصد حركة الشاحنات الواردة عبر معبر كرم أبو سالم خلال النصف الأول من عام 2016، فقد بلغ عدد الشاحنات الواردة خلال تلك الفترة 59714 شاحنة، منها 50743 شاحنة للقطاع الخاص، و8476 شاحنة مساعدات إغاثية للمؤسسات الدولية العاملة بقطاع غزة، وهي تشكل 14% من إجمالي الواردات، وبلغ متوسط عدد الشاحنات اليومية الواردة إلى قطاع غزة 328 شاحنة، خلال تلك الفترة.
وبمقارنة بيانات الشاحنات الواردة خلال النصف الأول لعام 2016 مع النصف الأول لعام 2015، تبين ارتفاع عدد الشاحنات الواردة خلال الفترة المذكورة بنسبة 38%، وانخفاض عدد الشاحنات الواردة للمؤسسات الدولية والعربية العاملة بقطاع غزة بنسبة 42%، كما ارتفعت نسبة الواردات للقطاع الخاص بنسبة 55%، ولكن هذه الزيادة في عدد الشاحنات لم تساهم في تحسن الأوضاع الاقتصادية، حيث معظم الواردات هي من السلع الاستهلاكية، والإغاثية، وإسرائيل تفرض قيودا صارمة على العديد من السلع الأولية من المواد الخام اللازمة للقطاع الصناعي، والمعدات، والماكينات، والآلات.
وعلى صعيد الشاحنات الصادرة من قطاع غزة إلى العالم الخارجي والضفة الغربية وإسرائيل، فقد بلغ عدد الشاحنات الصادرة خلال النصف الأول من عام 2016 حوالي 1052 شاحنة من المنتجات الصناعية، والزراعية، بنسبة ارتفاع عن عام 2015 بحوالي 50%، وذلك نتيجة سماح إسرائيل بتسويق بعض منتجات غزة الزراعية، والصناعية، بأسواق الضفة الغربية، والأسواق الإسرائيلية.
وبالرغم من ارتفاع نسبة الصادرات، إلا أنها لم ترتقِ للمطلوب، حيث بلغ معدل عدد الشاحنات الصادرة من قطاع غزة قبل فرض الحصار بما يزيد عن 5000 شاحنة سنويا، وما زال المصدرون والمسوقون من قطاع غزة يواجهون العديد من المشاكل أثناء خروج بضائعهم من قطاع غزة، ومنها: عدم توفر الإمكانيات في معبر كرم أبو سالم لخروج المنتجات الزراعية والصناعية إلى الخارج، وتنزيل وتحميل البضائع لعدة مرات، ما يؤثر على الجودة، خصوصا في السلع الزراعية، وشروط إسرائيل بأن تتم عملية نقل البضائع إلى الضفة الغربية والخارج في شاحنات مغطاة ( ثلاجات)، وألا يتجاوز ارتفاع الحمولة عن مقاسات محددة، بالإضافة إلى مواصفات خاصة بالتغليف والتعبئة، ما يساهم في مضاعفة تكاليف النقل على التاجر، وبالتالي على المستهلك.
وحتى هذه اللحظة وبعد مرور عامين على الحرب الثالثة لم تبدأ عملية إعادة الإعمار الحقيقية، ولم يتم بناء أي منزل في قطاع غزة من المنازل التي تم تدميرها بشكل كلى.
وبحسب تقرير صدر مؤخرا عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، قدّر عدد الذين ما زالوا نازحين وبدون مأوى جراء الحرب الإسرائيلية في صيف 2014 على قطاع غزة بحوالي 75 ألف شخص.
ومن أهم أسباب تعثر عملية إعادة الإعمار استمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، واستمرار إدخال مواد البناء وفق الآلية الدولية العقيمة المعمول بها حاليا، والتي ثبت فشلها في التطبيق على أرض الواقع، حيث ما تم إدخاله من مادة الإسمنت للقطاع الخاص لإعادة اعمار قطاع غزة خلال النصف الأول من عام 2016 حوالي 280 ألف طن، وتم توزيع تلك الكميات على أصحاب المنازل المتضررة جزئيا وفق آلية الكوبونة المدفوعة الثمن، ومجمل ما تم توريده من الاسمنت للقطاع الخاص لإعادة الإعمار لا يتجاوز 670 ألف طن منذ إعلان وقف إطلاق النار، وهذه الكمية تمثل حوالي 22% من احتياج قطاع في الوضع الطبيعي من مادة الإسمنت خلال الفترة السابقة.
على صعيد المنشآت الاقتصادية في كافة القطاعات: التجارية، والصناعية، والخدماتية، والتي يتجاوز عددها ما يزيد عن 6000 منشأه اقتصادية، فإن تكاليف إنعاشها وإعادة إعمارها تقدر بحسب ما تم رصده في الخطة الوطنية للإنعاش المبكر، وإعادة الإعمار بحوالي 566 مليون دولار، ولا يوجد أي جديد، فحالها كما هي، حيث أن ما تم إنجازه في الملف الاقتصادي هو صرف تعويضات للمنشآت الاقتصادية، بما لا يتجاوز 9 ملايين دولار، وصرفت للمنشآت الصغيرة، التي بلغ تقييم خسائرها أقل من سبعة آلاف دولار.
التأخر في عملية إعادة الاعمار أدي إلي تداعيات خطيرة على الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، حيث حذرت العديد من المؤسسات الدولية من تداعيات إبقاء الحصار المفروض على قطاع غزة/ وتأخر عملية إعادة الاعمار على كافة النواحي الاقتصادية، والاجتماعية، والصحية، والبيئية، وبفعل استمرار الأوضاع الاقتصادية المتدهورة ونتيجة لانهيار المنظومة الاقتصادية في قطاع غزة بفعل الحرب الشرسة الضروس التي تعرض لها القطاع على مدار 51 يوما، واستمرار تداعياتها حتى هذه اللحظة، ازداد عدد الفقراء والمحرومين من حقهم في الحياة الكريمة.
بلغت النسبة لمعدلات البطالة في غزة 41.2% في الربع الأول من عام 2016 بحسب مركز الإحصاء، وعدد العاطلين عن العمل بلغ 200 ألف شخص، ومعدلات الفقر والفقر المدقع ارتفعت لتجاوز 65%، وتجاوز عدد الأشخاص الذين يتلقون مساعدات إغاثية من "الأونروا" والمؤسسات الإغاثية الدولية أكثر من مليون شخص بنسبة تصل إلى 60% من سكان قطاع غزة، ونسبة انعدام الأمن الغذائي تجاوزت 72% لدى الأسر في قطاع غزة، وارتفاع حاد في نسبة البطالة بين الشباب في قطاع غزة والتي وصلت إلى 60%.
وهنا لابد من التساؤل حول دور وزارة الإقتصاد الوطني في حكومة الوفاق من تعويضات وإنعاش القطاع الإقتصادي في قطاع غزة ؟؟؟؟؟؟؟
وفي النهاية أتساءل للمرة المليون .. إلى متى ؟؟؟؟ .. وما الحل ؟؟؟؟ .. وما المطلوب؟؟؟؟.
***مدير العلاقات العامة والإعلام بغرفة تجارة وصناعة محافظة غزة