5 نماذج محتملة لعلاقات بريطانيا التجارية عقب مغادرة الاتحاد الأوروبي
بعد تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، يتحتم على بريطانيا بناء علاقات تجارية جديدة مع 27 دولة لا تزال موجودة داخل الاتحاد ومع دول أخرى حول العالم.
كانت بريطانيا جزءا من اتفاقيات تجارية تفاوض بشأنها الاتحاد الأوروبي، وتشمل 22 اتفاقية تجارية مع دول مختلفة وخمس اتفاقيات متعددة الأطراف تشمل دولا عدة.
ويعني هذا أنه إذا أرادت بريطانيا الاحتفاظ بامتيازات داخل أسواق 52 دولة تغطيها تلك الاتفاقيات، فإن عليها التفاوض من جديد بشأن اتفاقيات تجارية معها جميعا.
وتعد بريطانيا سوقا كبيرة، ولذا ثمة حافز يدفع الكثير من البلدان للتفاوض معها بشأن صفقات تجارية.
ويرى مؤيدو الخروج من الاتحاد الأوروبي أنه لن يكون من مصلحة أحد وقف الشراكات الاقتصادية الحالية.
لكن ما هي الخيارات الواقعية المحتملة أمام بريطانيا بعد الخروج من الاتحاد؟
أولا: نموذج النرويج
النرويج عضو في المنطقة الاقتصادية الأوروبية المعروفة باسم السوق الموحدة - بجانب 28 دولة أعضاء حاليا في الاتحاد الأوروبي - وأيسلندا وليختنشتاين.
وفي مقابل التعامل مع السوق الموحدة، تقدم النرويج مساهمة لميزانية الاتحاد الأوروبي. كما التزمت بالموافقة على جميع القواعد المعمول بها داخل الاتحاد.
ويتمتع جميع مواطني الاتحاد بحرية الإقامة والعمل في النرويج، لكنها معفاة من قواعد الاتحاد الخاصة بالزراعة والصيد والعدالة والشؤون الداخلية.
ويتمثل الجانب السلبي بالنسبة للنرويج في عدم قدرتها على الإدلاء برأيها في قواعد السوق الموحدة.
وأعرب قادة حملة الخروج من الاتحاد، ومن بينهم عمدة لندن السابق بوريس جونسون الذي يحتمل أن يخلف ديفيد كاميرون في زعامة حزب المحافظين، عن أمهلم في أن تظل السوق الموحدة متاحا أمام بريطانيا.
لكن هل سيتسنى ذلك مع خفض أعداد المهاجرين وتقليص النفقات كما يريد العديد من مؤيدي الخروج من الاتحاد؟
قال وزير مالية أيرلندا، مايكل نونان، إنه من غير المحتمل أن تتمكن بريطانيا من ضمان الوصول إلى السوق الموحدة بشكل كامل، إلا إذا واصلت السماح للعمالة الأوروبية بحرية الحركة على أراضيها.
وقال مايكل فوكس، عضو البرلمان الألماني وحليف المستشارة أنغيلا ميركل، لبي بي سي إن بريطانيا يمكنها الحفاظ على الوصول للسوق الموحدة لكن عليها دفع المقابل".
ثانيا: نموذج سويسرا
لدى سويسرا اتفاق تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي وعدة اتفاقيات أخرى أتاحت السوق الموحدة أمام معظم قطاعاتها.
لكن السوق الموحدة ليست متاحة بالكامل لقطاعها المصرفي وبعض أجزاء قطاع الخدمات السويسري. ويشكل القطاعان ما يقرب من 80 بالمئة من الاقتصاد البريطاني.
وينص الاتفاق مع سويسرا أيضا على حرية حركة المواطنين.
وصوتت سويسرا ضد الانضمام للمنطقة الاقتصادية الأوروبية في ديسمبر/ كانون أول 1992.
وبدلا من هذا، وافقت الدولة، التي تبيع أكثر من 50 بالمئة من صادراتها داخل الاتحاد الأوروبي، على أكثر من 120 اتفاقية ثنائية مع بروكسل تتيح لها التعامل مع الأسواق الأوروبية.
كما تساهم سويسرا بمليارات من الدولارات في مشروعات الاتحاد.
وتواجه الاتفاقيات الثنائية خطر الانهيار الآن بسبب مسألة حرية تنقل الأفراد، وذلك بعدما فضل مواطنوها، في استفتاء أجرته قبل عامين، الحد من العمالة الوافدة من الاتحاد الأوروبي.
ورغم أن سويسرا لم تنفذ ذلك حتى الآن، ردت بروكسل سريعا بوقف تنفيذ اتفاقيات وتجميد المشاركة في مشاريع التعليم.
تركيا ليست جزءا من المنطقة الاقتصادية الأوروبية أو اتحاد التجارة الحرة الأوروبي، لكن لديها اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي.
ويعني هذا أنها لا تدفع أية تعريفات جمركية (ضرائب أو رسوم على الصادرات والواردات).
ولا ينطبق الاتحاد الجمركي على البضائع الزراعية أو الخدمات
ولا تملك تركيا أيضا الحق في تحديد الرسوم الجمركية التي يجب فرضها على البضائع التي تستوردها من البلدان غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وتضطر إلى تطبيق الرسوم الخارجية المشتركة في الاتحاد الأوروبي ( ولا تشارك أنقرة في تحديدها).
لم تُفعّل بعد اتفاقية الاقتصاد والتجارة الشاملة بين الاتحاد الأوروبي وكندا، رغم أنه جرى التفاوض بشأنها لسبع سنوات.
وتمنح تلك الاتفاقية كندا امتيازا في التعامل مع السوق الأوروبية الموحدة بدون الالتزامات المفروضة على النرويج وسويسرا، وتلغي غالبية الرسوم التجارية.
لكن هناك بعض الأطعمة "ذات الحساسية" في أوروبا، خارج هذه الاتفاقية منها البيض والدجاج.
وعلى المصدرين الكنديين إثبات أن جميع منتجاتهم مصنوعة بالكامل في كندا، التي تفرض تكاليف إضافية، لمنع واردات من دخول الاتحاد الأوروبي عبر "أبواب خلفية".
وأدرج قطاع الخدمات الكندي بصورة جزئية في الاتفاقية الكندية مع الاتحاد الأوروبي.
لكن قد لا يمنح هذا النوع من الاتفاقيات الخدمات المالية البريطانية نفس الفرصة المتاحة أمامها حاليا للوصول للسوق الأوروبية.
ويشير منتقدو هذا النموذج إلى أن بريطانيا لديها شبكة علاقات مع الاتحاد الأوروبي أكثر تعقيدا بكثير من كندا.
سادسا: نهج سنغافورة وهونغ كونغ
بعض المدافعين عن خروج بريطانيا قالوا إنها يجب أن تنتهج سياسة تجارة حرة أحادية، وتسقط كل الرسوم الجمركية وتعتمد على إطار العمل الخاص بمنظمة التجارة العالمية، وذلك كما وفقا لما أوردته فايننشال تايمز.
وعلى سبيل المثال، تعني سياسة التجارة الحرة داخل هونغ كونغ أنه لا توجد أي قيود على التجارة.
وتقول حكومة هونغ كونغ إنها "لا تضع رسوما جمركية على البضائع المستوردة أو المصدرة".
وربما يلقى هذا النهج قبولا لدى مؤيدي معسكر الخروج في بريطانيا الذين يتجهون إيديولوجيا لإزالة القيود التجارية.
ولكن من المرجح ألا يحظى ذلك بدعم كبير من جانب الناخبين من مؤيدي حزب العمال وجناح اليسار المنتقد للاتحاد الأوروبي.
ويتوقع أن يحدث غياب رسوم جمركية من أي نوع تأثيرا سلبيا على القطاع الزراعي والصناعي في الاتحاد الأوروبي، خاصة أن المنتجات الزراعية والمعدنية المستوردة من الخارج ستكون في حالات كثيرة أقل ثمنا من تلك التي تنتجها بريطانيا.
إذا لم تصل المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى إلى اتفاق قبل خروج بريطانيا من الاتحاد، ستصبح قواعد منظمة التجارة العالمية مرجعية أساسية في المعاملات التجارية.
وستضطر كل من بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى تطبيق الرسوم الجمركية والقيود التجارية، التي يطبقونها على بقية دول العالم.
وتسمح قواعد منظمة التجارة العالمية تسمح بالتمييز الإيجابي لصالح شريك اقتصادي في ظروف محدودة للغاية، بما فيها وجود اتفاقية تجارية ثنائية كاملة.
BBC عربي