المساعدات العسكرية قد تُدخل إسرائيل في دوامة الانتخابات الأمريكية
البيت الأبيض أعلن عن نيته معارضة بنود العديد من التشريعات التي أقرّها الكونغرس في مجال الأمن والدفاع ومن هذه البنود تخصيص نفقات إضافية قيمتها 450 مليون دولار لموازنة الدعم الأمريكي لإسرائيل.
ترجمة مالك سمارة، عن "واللا" و"غلوبس"
وجدت إسرائيل نفسها أمس، الأربعاء، في قلب السجال السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس، وهذه المرّة على خلفيّة الخلاف حول موضوع الميزانية، وقد حاولت تل أبيب بالأمس تخفيف حدّة التوتّر، مدّعيةً أنّ الأخبار التي تتحدّث عن أزمة جديدة بين البلدين لا تعكس الواقع، وأن هذه المسألة تمثّل شأناً أمريكيّاً داخلياً، ودور إسرائيل فيها هامشيّ نسبيّاً.
أعلن البيت الأبيض يوم الثلاثاء الماضي أنّه ينوي معارضة بنود العديد من التشريعات التي أقرّها الكونغرس في مجال الأمن والدفاع، وذلك باستخدام حقّ النقض (الفيتو). إذ يرى البيت الأبيض أن هذه التشريعات من شأنها أن تفضي إلى نفقات تتجاوز عشرة مليار دولار من الميزانيّة الأمريكية.
ومن بين البنود الكثيرة التي سيعارضها البيت الأبيض؛ ثمّة بند ينصّ على تخصيص نفقات إضافية قيمتها 450 مليون دولار لموازنة الدعم الأمريكي لإسرائيل، وهي نفقات معدّة لشراء وتطوير أنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية تحديداً. الإدارة الأمريكية، من جانبها، مستعدّة لتمرير حوالى مئة مليون دولار إضافية ضمن إطار الميزانية الحالية، لكن سيتعيّن عليها أيضاً تمرير مخصّصات أخرى لإسرئيل في اللحظة التي سيتمّ التوقيع فيها على اتّفاق المساعدات الأمنية الجديد بين الدولتين.
ولم تكن إسرائيل بالذات محور الإعلان الأخير للبيت الأبيض، وبشكلٍ عام هي ليست القضيّة الرئيسية لمعركة الموازنة تلك؛ حيث أورد بيان البيت الأبيض أسباباً مفصّلة يشرح فيها معارضته لكلّ بند من تشريعات الكونغرس، باستثناء البند الذي يتضمّن إقرار مساعدات إضافية لإسرائيل، إذ اكتفى البيت الأبيض بالتعقيب على ذلك بالقول: "الإدارة الأمريكية تعارض إضافة مبلغ 455 مليون دولار على الموازنة الأساسية المخصّصة لشراء أنظمة دفاع صاروخيّة لإسرائيل، وللتطوير المشترك لبرامج الصواريخ."
لكن رغم ذلك؛ فإن وجود الولايات المتّحدة في ذروة معركة انتخابيّة ملتهبة، إضافة إلى النقاش المتواتر في وسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية حول أزمة جديدة بين البلدين، والتصريحات الصادرة عن اللوبي المؤيد لإسرائيل، أيباك، حول خيبة أملهم من قرار الحكومة؛ كلّها عوامل تعطي هذه القضيّة بعداً يتجاوز الشأن الداخلي الأمريكية، ولذا؛ فمن المرجّح، كما يرى بعض المراقبين، أن يتمّ التوصل إلى حلول لهذه المسألة بين البلدين خلال الأسابيع القادمة.
ضمن هذا الإطار؛ تتحدّث مصادر مسؤولة في تل أبيب أنّ التّركيز الإسرائيلي ينصبّ في هذه الأثناء على المفاوضات حول حزمة المساعدات الأمنية الجديدة، ويقرّون، في الوقت نفسه، بوجود فجوات كبيرة مع المسؤولين الأمريكيين في هذا الشأن، إذ يقترح الأمريكان زيادةً قيمتها 40 ملياراً على مدار عشر سنوات؛ مقابل شروط تتضمّن أن تخصّص إسرائيل تلك الأموال لشراء الأسلحة من الشركات الأمريكية فحسب، إضافة إلى تعهّد إسرائيل بعدم اللجوء إلى الكونغرس لغرض طلب نفقات إضافية، إذ تعارض الإدارة الأمريكية ذلك لأسباب تتعلق بالميزانية من جهة، ولرغبة منها كذلك في إضعاف تأثير الكونغرس في القضايا الإستراتيجية مع إسرائيل، وتركيزها في قبضة البيت الأبيض، على الرغم من أن الرئيس الذي سيستفيد من ذلك لن يكون أوباما، الذي سيغادر البيت الأبيض قريباً.
وكان القائم بأعمال رئيس المجلس الوطني في إسرائيل، يعقوب نجال، وهو المكلّف بمتابعة موضوع الاتّفاق مع الولايات المتحدة، قد التقى قبل أسبوعين مع كبار مستشاري أوباما لمتابعة القضية، ثمّ صرّح خلال مقابلة له بالأمس مع إذاعة "جالي تساهل" أنّ الطّرفين قريبان من التوصّل إلى اتّفاق، لكن دون أن يقدّم تفصيلات.
في المقابل، لا تشي التصريحات السابقة للمسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين، على حدّ سواء، بإمكانيّة تحقيق هذا الأمر في المستقبل القريب، ففي مطلع العام الحالي صرّح المتحدّث باسم البيت الأبيض، جوش أرنست، أنّ ثمّة حدوداً لمقدرة أمريكا على تلبية طلبات إسرائيل فيما يخصّ المساعدات العسكرية، وأنّ ثمّة قيوداً مفروضة على الميزانيّة الأمريكية تصعّب مسار المفاوضات.
ذلك الموقف كان بمثابة ردّ على تصريحات نتنياهو السابقة، حيث صرّح خلال جلسة للحكومة في يناير أن ثمّة شكوكاً حول التوصّل إلى مذكّرة تفاهم جديدة مع واشنطن، وأنه من المحتمل أن تضطر إسرائيل لانتظار الإدارة الأمريكية الجديدة.
لكنّ مستشاري نتنياهو المقرّبين، وفقاً لما ورد في وكالة بلومبيرغ بالأمس، أوعزوا إليه بالأمس أن يسارع في التوصّل إلى اتفاق مع إدارة أوباما، نظراً لانعدام اليقين حول الإدارة الأمريكية المقبلة، وبالتّوازي مع ذلك؛ اتّهم رئيس المعارضة الإسرائيلية، يتسحاق هيرتسوغ، بالأمس نتنياهو بالتسبب في تدهور آخر للعلاقة الإستراتيجية مع الولايات المتّحدة، بينما صرّح رئيس حزب "يوجد مستقبل"، يائير لابيد، أنّ "إعلان البيت الأبيض تحتّم العمل فوراً من أجل الحفاظ على مصالح إسرائيل الأمنية، وأنه لا ينبغي انتظار الإدارة القادمة حينما يتعلّق الأمر بالأمن القومي لإسرائيل."
وبحسب موقع "واللا" العبري، فإن اقتران قضيّة عدم التوصّل إلى اتّفاق حول المساعدات الأمنية لإسرائيل، مع قضيّة الخلاف بين الكونغرس والبيت الأبيض؛ من المتوقّع أن يحوّل إسرائيل في الفترة المقبلة إلى مادّة للسّجال ضمن الحملة الانتخابية داخل الولايات المتحدة، حيث ستوفّر تلك القضيّة فرصة للمرشّح الجمهوري، دونالد ترامب، لمهاجمة سياسات أوباما تجاه إسرئيل، بينما سيخلق هذا الوضع أزمة للمرشّحة الديموقراطية، هيلاري كلينتون، إذ سيكون صعباً تحديد ما إذا كانت ستدعم أوباما في قراره، أو أنّها ستستغلّ هذه الحادثة لإظهار اختلافها عنه في سياساتها تجاه إسرائيل.