كيف نواجه الخنق الاقتصادي ؟
اسرائيل، كما هو معروف، تصادر الارض وتقيم المستوطنات وتعمل بكل الوسائل لتهويد القدس وتقطيع اوصال الضفة والقضاء على امكانية اقامة دولة فلسطينية، وقادتها لا يخفون اهدافهم بل يتسابقون للحديث عنها والمزايدة في التطرف والتهديدات والنوايا التوسعية.
واسرائيل لا تكتفي بذلك، وانما تعمل بكل الوسائل على خنقنا اقتصاديا والتضييق علينا في ابسط امور حياتنا وفي ما تبقى لنا من الارض، وكان آخر اجراءاتها في هذا السياق سرقة اموالنا من مستحقات الضرائب منذ عدة اشهر دون اية مراعاة لقانون او اهتمام بانتقادات، مما فاقم الازمة الاقتصادية على كل المستويات المعيشية والانسانية والتجارية.
بالامس، تم الاعلان عن تشكيل فريق وطني برئاسة د. محمد مصطفى، لوضع استراتيجية اقتصادية واعادة تقييم العلاقات مع اسرائيل بهذا الخصوص، وصياغتها بما يخدم المصلحة الوطنية وعلى ضوء المعطيات والوقائع والامكانات، وهي مهمة في منتهى الصعوبة.
بعيدا عن الاتفاقات الاقتصادية التي تحكمنا كاتفاق باريس الاقتصادي وغيره من الاتفاقات وهي تقيد تحركنا واحتمالات تحركنا، فان النقطة الاهم هي ان اسرائيل تتحكم عمليا وواقعيا بكل المعابر والحدود وبكل وسائل الاستيراد والتصدير ونحن مرتبطون بها، سواء شئنا ام أبينا، وعلى اللجنة او الفريق الوطني ان يتصرف وفق هذه المعطيات، والبحث عن منافذ للخروج من دائرة الحصار الاسرائيلي هذه.
ولعل الخطوة الاولى في هذا المجال تتعلق بتشجيع ودعم المنتجات الوطنية سواء منها الصناعية او الزراعية، وفي المقابل مقاطعة جادة للمنتجات الاسرائيلية سواء أكانت من المستوطنات او غيرها لأن النتيجة واحدة، وتشجيع حملة المقاطعة التي ابتدأت فعلا وأخذت دائرتها تتسع، والدعم في هذا المجال يكون ماليا او بالحماية او العناية والتسويق الايجابي الجيد، ولدينا مجالات كبيرة في هذا السياق، وعلى سبيل المثال لا الحصر ما يتعلق باللحوم كالدجاج والاغنام وغيرها، ونستطيع ان نوقف استيراد هذه الاشياء من اسرائيل كليا ان تصرفنا بجدية وقمنا بحملة توعية للمواطنين.
وهناك مجالات اخرى يمكن الاستفادة منها حتى بموجب اتفاق باريس السيء، وهي ان من حقنا الاستيراد من الخارج في كثير من المجالات لعلها اهمها واكثرها نفقات هي قضايا الاسمنت ومشتقات البترول ونحن نستورد حاليا هذه من الاردن، ويمكن التوسع بها والتوقف كليا عن استخدام الاسمنت الاسرائيلي وكذلك المحروقات. بالطبع فان اسرائيل قد تضع العراقيل امام ذلك بحكم تحكمها بالمعابر، ولكن علينا ان نحاول ونقاتل في سبيل ذلك قانونيا وسياسيا.
ان القضية الاقتصادية هي جزء مكمل للقضية السياسية، ولدى السلطة الوطنية والفريق الاقتصادي وسائل ضغط جاهزة منها قضايا التوجه للمؤسسات الدولية ومحكمة الجنايات الدولية وكذلك قرارات المجلس المركزي الفلسطيني واهمها ما يتعلق بالتنسيق الامني وهي كلها يمكن تنفيذها اذا اقتضت الضرورات ذلك.
نكرر القول ان مهمة الفريق الوطني الاقتصادية ليست سهلة ولكنها استراتيجية فعلا، وهي في مواجهة كما شعبنا كله، لا بد من خوضها وليس لدينا خيارات اخرى بسبب هذه الغطرسة الاسرائيلية والنوايا التوسعية المدمرة.