دراسة: معدلات الفقر بين فلسطينيّي لبنان 65%
اطلقت الجامعة الامريكية في بيروت بالتعاون مع وكالة "الاونروا" دراسة هي الثانية خلال خمس سنوات حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي للاجئين الفلسطينيين في لبنان، والتي أظهرت أن معدلات الفقر بينهم بلغت 65%.
قالت الدراسة إن عدد الفلسطينيين المسجلين في "الاونروا" يبلغ 495 الفا، بينما يعيش فعليا في لبنان ما بين 260000 الى 280000 فلسطيني. وشملت الدراسة 12 مخيماً للاجئين في لبنان إضافة إلى المناطق المحيطة بها (خارج المخيمات) فتضمنت 2974 أسرة من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان، 1050 من اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا.
وتعتبر هذه الدراسة بالغة الأهمية لأنها توثق أيضا وضع أكثر من 43.000 لاجئ فلسطيني قدموا من سوريا ويعيشون الآن في لبنان. وتم أخد وضعهم في الاعتبار من خلال هذه الدراسة. يغطي هذا التقرير وضع جميع اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان بغض النظر عن وقت دخولهم وحالة تسجيلهم لدى الأونروا ووضعهم القانوني لدى السلطات اللبنانية.
يبلغ متوسط أعمار اللاجئين القادمين من سوريا إلى لبنان 25.6 سنة وهم أصغر سناً بخمس سنوات من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان. كما أن حجم عائلات اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى لبنان هو أكبر من حجم أسر اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان، حيث يبلغ 5.6 أفراد مقارنة ب 4.5 أفراد. يبلغ متوسط عمر رب الأسرة للاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى لبنان 46 سنة، أي أنه أصغر من متوسط عمر رب الأسرة للاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان البالغ 55 سنة.
كما يهدف حجم البيانات في التقرير وعمقها الى وضع برامج وسياسات لتحسين الظروف المعيشية وسبل عيش اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان واللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا الى لبنان.
قياس الفقر المالي
انخفضت معدلات الفقر المدقع إلى النصف لدى اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان من 6.6% إلى 3.1% منذ عام 2010، في حين لا تزال معدلات الفقر العام نفسها على مدى السنوات الخمس الماضية بنسبة 65%.
وتعتبر فئة الشباب أكثر الفئات تأثرا بالفقر لدى اللاجئين إذ يرزح 74% من المراهقين تحت خط الفقر، في حين يعيش 5% منهم في فقر مدقع.
اما بالنسبة إلى معاناة اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى لبنان من الفقر فمن الممكن وصفها بأنها الأسوأ، إذ يعيش 9.2% منهم في فقر مدقع (حيث لا يتمكن 3500 من تلبية الحاجات الغذائية الأساسية)،في حين أن 89.1% منهم هم فقراء في العموم (35000 لا يمكنهم تلبية الحاجات الغذائية وغير الغذائية الأساسية).
يبلغ متوسط إنفاق الفرد من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان شهريّاً أقل من نصف متوسط إنفاق الفرد اللبناني، حوالي 195 دولاراً أمريكي بالمقارنة ب429 دولار أمريكي على التوالي. أما متوسط الإنفاق الشهري للفرد من اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى لبنان فهو أقل من متوسط الإنفاق الشهري للفرد من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان، ويبلغ أقل من 140 دولاراً أمريكي.
التعليم
يعتبر التحصيل العلمي وفرص العمل اللائقة من أهم الإجراءات الوقائية لمحاربة الفقر. يرتبط ارتفاع التحصيل العلمي وارتفاع معدلات الحضور، على حد سواء بين اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان واللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا، بزيادة الإنفاق. ومن الجدير ذكره أن معدل التحاق اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان بالتعليم مرتفع جدا، وخاصة في المرحلة الابتدائية. وقد ازداد الالتحاق بالتعليم الثانوي بين اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان من 51.1% لكي يصل إلى 61.2% منذ عام 2010. أما معدلات التحاق اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا بالتعليم فهو أقل من معدل التحاق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، والأسباب تتراوح بين بعد مسافة المدارس والجامعات والقيود المفروضة على التنقل وانعدام الامكانيات لشراء اللوازم المدرسية. وتختلف معدلات التحاق اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان عن اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى لبنان بحسب المرحلة التعليمية. ففي حين يسجل معدل التحاق اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان 97.2% في المرحلة الابتدائية و84.2% في المرحلة الإعدادية و61.2% في المرحلة الثانوية، يلتحق اللاجئون الفلسطينيون القادمون من سوريا إلى لبنان بنسب 88.3% و 69.6% و 35.8% في المراحل نفسها على التوالي. تبين أن نسبة التحاق الطلاب الفلسطينيين القادمين من سوريا والذين يقطنون داخل المخيمات بالمدارس أعلى بكثير (93.7%) مقارنة بالطلاب الذين يقيمون في مناطق خارج المخيمات (82.6%)، مما يدل على احتمال التأثير السلبي للقيود المفروضة على الطلاب بالنسبة إلى حركة التنقل مما يجعلهم يحجمون عن الحصول على التعليم خارج المخيمات.
سوق العمل
يساهم عامل البطالة في انتشار الفقر بين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. ويبلغ معدل البطالة بين اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان نسبة 23.2% (بزيادة كبيرة عن معدل 2010 الذي يقف عند 8%)؛ وتصل هذه النسبة إلى حوالي 31% بين النساء. في المقابل، لا يزال معدل البطالة بين اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا ينذر بالخطر إذ يبلغ 52.5%، ويتوزع بنسبة 48.5% بالنسبة للرجال، ونسبة مذهلة تصل إلى 68.1% لدى النساء. ويعمل حوالي 80% من القوة العاملة بين اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان إما لحسابهم الخاص أو كعمال بالأجرة. اما المصدر الرئيسي للدخل لدى اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان فهو العمل الحر، بنسبة 41%، يليه العمل المأجور، بنسبة 37.8%، ومساعدات الأونروا من خلال برنامج شبكة الأمان الاجتماعي، بنسبة 33.5%.
ولا يعاني اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في لبنان واللاجئون الفلسطينيون القادمون من سوريا إلى لبنان من البطالة وحسب، بل تعمل الغالبية العظمى منهم في وظائف منخفضة الأجر تخضع في معظم الأحيان إلى ظروف عمل قاسية واستغلالية وغير آمنة. فعلى سبيل المثال، يتقاضى 53.4% من العمال (من اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا) أجورهم يومياً، في حين أن الاغلبية (97.7%) لديهم اتفاقات شفهية فقط مع أرباب عملهم، ما يسمح بانهاء التوظيف في أي وقت من دون إشعار مسبق. وعلاوة على ذلك، لا يحصل 98.2% من العاملين على إجازة مرضية أو سنوية.
الصحة
وجاء في الدراسة، أن الأوضاع الصحية والحصول على الخدمات الصحية للاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان واللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى لبنان تعتمد اعتماداً كبيراً على خدمات الأونروا، فقد أجمع معظم المستفتين على ذلك وهذا ما أكدته الدراسة. وصلت نسبة معاناة فرد واحد على الأقل من مرض مزمن إلى 81.3% من بين أسر اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان، بينما بلغت 83% بين أسر اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا. وقد أبلغ 63% من المشاركين في الدراسة من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان عنمعاناة فرد واحد على الأقل في أسرتهم من مرض حاد في الأشهر الستة الماضية، بينما بلغت هذه النسبة 75% عند المشاركين من اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى لبنان. في حين أفادت أسر اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان وأسر اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا أن 10% من أفرادها يعانون من إعاقة. وتتحسن الظروف الصحية للاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان واللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى لبنان كلما ازداد التحصيل العلمي ومستويات العمل.
الأمن الغذائي
تعتبر مستويات انعدام الأمن الغذائي بين اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان مماثلة لمستويات العام 2010؛ ومع ذلك يزداد عدد الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي الحاد. ففي حين تبقى معدلات انتشار انعدام الأمن الغذائي بشكل عام (المتوسطة والشديدة) من دون تغيير يذكر عن دراسة عام 2010 (61.5% في عام 2010 بالمقارنة ب 62% في عام 2015)، هناك زيادة بمعدل أربع نقاط مئوية في انعدام الأمن الغذائي الحاد، مع انخفاض مماثل في الأسر المصنفة متوسطة من حيث انعدام الأمن الغذائي. يتمتع 38% من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان بالأمن الغذائي، فيما يعاني 38% من انعدام الأمن الغذائي المتوسط و24% من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وهناك نسبة مقلقة تبلغ 27% من الأطفال بين اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان الذين يعيشون في أسر تعاني من انعدام الأمن الغذائي الشديد، وتبين أن اللاجئين الفلسطينيين القادمينمن سوريا هم أكثر عرضة للخطر، حيث يتمتع 6% فقط بالأمن الغذائي، ويعاني 63% منهم من انعدام الامن الغذائي الحاد. ويخضع اللاجئون الفلسطينيون القادمون من سوريا إلى لبنان لقيود قانونية وقيود على حركة تنقلهم، ويعتبر وصولهم إلى سوق العمل أمراً غير آمن، كما أنهم يخضعون لظروف عمل استغلالية. ومن المرجّح أن تفسّر هذه العوامل الفجوة القائمة بين اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى لبنان بما يتعلق بمعدلات الأمن الغذائي.
حالة المسكن
تعتبر ظروف سكن اللاجئين الفلسطينيين صعبة للغاية، فالبيوت مكتظة بشدة وتعاني من نقص في الصيانة وإمدادات الطاقة وشبكات الصرف الصحي الملائمة وأماكن التخلص من النفايات، كما تعاني المنازل من الرطوبة وتسرب المياه. تسود هذه الظروف في أغلب بيوت اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان واللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى لبنان والذين يعيشون في المخيمات. وفي حين يعيش 46% من اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا في ظروف سكنية صعبة ومكتظة جدا، يتدنى هذا الرقم بشكل بارز لدى اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان إذ يبلغ تحديداً 9%. تكمن هذه الخلاصة من أن أماكن سكن 78% من أسر اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان تشكو من الرطوبة، وتعاني 62% من المنازل من تسرب المياه، أما 52% منها فتعاني من سوء التهوئة و55.2% من الإضاءة السيئة للغاية في حين تعاني 81.1% من منازل اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى لبنان من الرطوبة، و68% منها من تسرب المياه، و56.4% منها من سوء التهوئة وتعتبر 57.6% منها مظلمة جدا.
الأمن
يعيش اللاجئون الفلسطينيون القادمون من سوريا في خوف دائم من الترحيل الذي يرتبط بالانخفاض الملحوظ لتسجيل الطلاب غير المقيمين في المخيمات مقارنة مع سكان المخيم واللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان في المدارس، إذ يخشى نحو 60.6% من اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى لبنان من ترحيلهم، ويخشى 67.8% على سلامة أُسرهم. وعلاوة على ذلك، يعبر 57.1% من اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا عن الشعور بعدم الأمان بسبب البيئة الإجتماعية من حولهم.
وبغض النظر عن المنطقة أو المخيم أو المجموعة، تتحسن الظروف المعيشية للمشاركين في الدراسة ويكسبون شيئاً من الرفاهية العامة ويتعزز شعورهم بالأمن عندما يكون لديهم فرص لائقة للعمل والتحصيل العلمي المتقدم. وباستخدام مؤشر فقر متعدد الأبعاد يشمل التعليم والعمل بالإضافة إلى النفقات، يعتبر نحو ربع اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان من الفقراء، بالمقارنة ب64% من اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا. لذا، فإن أي سياسة تربط بين تحسين سبل الوصول إلى سوق العمل، وظروف العمل وفرص العمل وزيادة الإلتحاق بالتعليم ونوعية التعليم في مختلف المراحل والمستويات التعليمية ستخدم النواحي العقلية والجسدية والمالية وتفيدها لكل من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان واللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى لبنان.
على الرغم من التعديلات التي ادخلت في شهر آب من العام 2010 على المادة 95 من قانون العمل والمادة 9 من قانون الضمان الاجتماعي التي اسفرت عن الغاء رسوم تصاريح العمل للاجئين الفلسطينيين الذين ولدوا في لبنان، وإلغاء سياسة المعاملة بالمثل فيما يتعلق بمعالجة تعويض نهاية الخدمة وإصابات العمل، فإن هذه التعديلات لم تؤثر إيجاباً على أوضاعهم العملية حيث خلصت هذه الدراسة للتأكيد على أن أقل من 3.3% من اللاجئين الفلسطينيين لديهم عقد عمل رسمي مسجل لدى كاتب العدل يمكنهم من تقديم طلب للحصول على تصريح عمل ليحافظوا على حقوقهم المكتسبة.
يواجه اللاجئون واحدة من اسوأ الظروف تدهوراً متزايداً نظراً الى الوضع الاجتماعي والإقتصادي الذي يزداد ضعفاً في لبنان واستمرار الأزمة في سوريا. إن حوالي ثلثي اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان هم من الفقراء، وهذه النسبة لم تتغير من عام 2010، كما وأن القوانين التمييزية ضدهم تعيق قدرتهم على تحسين ظروفهم المعيشية وسبل عيشهم. ويشكل تدهور البنية التحتية وانعدام الأماكن الترفيهية وحال الأزقة المتهالك وأنظمة المياه ونظم معالجة مياه الصرف الصحي المتدهورة، والمياه الملوثة، والأسلاك الكهربائية المتشابكة والممتدة الى جانب قنوات تصريف المياه المفتوحة صورة قاتمة للوضع في المخيمات حيث يعيش أكثر من 63% من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان.
بناءً على ما تقدم وبسبب القيود المفروضة على الكثير من حقوقهم، اعتمد اللاجئون الفلسطينيون في لبنان على الأونروا كمصدر رئيسي للمساعدة وتوفير الخدمات منذ العام 1950 حيث توفر لهم الأونروا التعليم الأساسي والتعليم الثانوي والمهني والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الإجتماعية وخدمات البنية التحتية وخدمات تنمية وتطوير المخيمات وخدمات الحماية وخدمات الإستجابة لحالات الطوارئ. وتعمل الوكالة أيضاً بشكل وثيق مع السلطات الحكومية وغيرها من المنظمات الدولية والمؤسسات التي لا تبغي الربح لتوفير الموارد وخدمات اللاجئين.
(وفا)