إسرائيل تتوصل إلى تسويات داخليّة وخارجية في قضيّة الغاز
نقلت وسائل إعلام عالمية وعبرية، أخبارا عن التوصل لتسوية نهائية بين إسرائيل ومصر فيما يتعلق بقضية الغاز الدولية، التى رفعتها شركة الكهرباء الإسرائيلية مطالبة بتعويضات عن توقف إمداد تل أبيب بالغاز المصرى عقب ثورة 25 يناير 2011.
مالك سمارة، بوابة اقتصاد فلسطين
قالت وكالة بلومبيرغ، المتخصصة في الشأن الاقتصادي، إن إسرائيل ومصر باتتا قريبتين من التوصل إلى تسوية فيما يتعلق بقضية الغاز بين الدولتين، الأمر الذي سيزيح عقبة رئيسية أمام صفقة غاز بمليارات الدولارات من المحتمل أن يتمّ توقيعها بين البلدين.
وكشف شخصان مطّلعان على سير المفاوضات للوكالة إن إسرائيل قد تتنازل عن نصف الغرامة التي كانت تطالب مصر بدفعها في السابق، وهي 1.73 مليار دولار، في سبيل دفع محادثات تصدير غازها البحري. زيادةً على ذلك، قد تقبل إسرائيل بتوزيع التعويضات على مدار 14 عاماً.
وفي الوقت الرّاهن؛ باتت إسرائيل تعتبر تصدير الغاز لمصر ودول المنطقة ضرورةً استراتيجية في بقعة تشهد الكثير من الصّراعات، لذا؛ فإن إزالة هذه العقبة بينها وبين مصر تعتبر خطوةً هامة من أجل حسم صفقات التصدير التي تسعى لها، ومن ثمّ تعزيز العلاقات مع أقرب حلفائها في العالم الإسلامي. على الطّرف المقابل، فإن مصر، التي تعاني من نقص في الطاقة، ستكون محتاجة إلى الوقود ريثما تطوّر حقولها المكتَشفة، كما أن بوسعها استخدام أنبوب الغاز المعطّل حالياً لغرض نقل الوقود الإسرائيلي إلى دول أخرى.
تعاون وثيق
في الأثناء؛ حققت شركة ((Ratio Oil Exploration الإسرائيلية، وهي شريكة في ثاني أكبر حقول الغاز في الدولة، ارتفاعاً بنسبة 3.7% أمس في بورصة تل أبيب أمس الأربعاء، بينما ارتفعت شركة ديليك للحفريّات بنسبة 2.6%، ونوبل بنسبة 0.6% بعد تواتر أنباء التسوية.
الاتفاقات بين الشريكين المصري والإسرائيلي كانت في طور الإعداد منذ أن قضت محكمة التحكيم الدولية بأن تقدّم مصر تعويضات لإسرائيل نظير انتهاكها العقد المبرم معها، وقد أمرت مصر في حينها سلطات النفط والغاز بإيقاف المفاوضات حتّى تتمّ تسوية الخلاف في قضيّة التحكيم.
استعداد إسرائيل لتقديم تنازلات على الغرامة يعكس حجم التعاون الوثيق بين الدولتين منذ أن تولّى عبد الفتاح السيسي وزارة الدفاع عام 2012، ومن ثمّ الرئاسة في 2014. فالخطر المشترك الذي يتمثّل بالجماعات الإسلامية، إضافة إلى حالة عدم الاستقرار التي تضرب المنطقة، جعلا العلاقات الأمنية بين الدولتين في أفضل حالاتها تاريخيّاً، وهذا ما يصرح به مسؤولون إسرائيليون علناً.
صيغة لاستقرار الغاز
بالتّزامن مع التوصل إلى تسوية مع مصر، فقد تمّ تحقيق تسوية داخلة هامّة في إسرائيل ستلعب دوراً حاسماً في إنجاز صفقات غاز مع الدول الأخرى مستقبلاً، فقد أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، عن التوصل إلى اتفاق بالأمس بين الحكومة وشركات الطاقة يتضمّن حكماً يقضي بحماية مسكتشفي الغاز من أي تغييرات تنظيمية محتملة، وقد جاء هذا الأمر عقب أن أبطلت المحكمة العليا الإسرائيلية حكماً مماثلاً في السابق.
الإشكالية التي أُعلن عن حلّها بالأمس، كانت قائمة منذ اكتشاف حقول الغاز قبل ستّ سنوات، وطوال هذه المدّة؛ لم تنجح إسرائيل في وضع إطار تنظيمي لصناعة الغاز الطبيعي، وكنتيجة لذلك؛ ظلّ حقل ليفيتان بلا تطوير، إذ كانت الشركات تحجم عن توقيع عقود في وقتْ كانت فيه القواعد التي تنظّم صناعة الغاز غامضة.
وذكرت مواقع عبرية أن "صيغة الاستقرار" التي تمّ التوصّل إليها بين الحكومة وشركات التنقيب تضمّنت تعديلين رئيسيّين على خطّة الغاز السابقة، وهما يشملان أوّلاً؛ تنازل الحكومة عن تعهّدها بإحباط أي تشريع مستقبليّ يمسّ القواعد التنظيمية لخطّة الغاز، وثانياً؛ عدم تحديد إطار زمنيّ تكون فيه الحكومة ضامنةً لاستقرار الخطّة (حيثُ حُدّ هذا الإطار سابقاً بمدّة عشر سنوات قبل أن يتمّ تخفيضه إلى ثلاث)، ما يعني أنّ أيّ حكومة مستقبلية سيكون بوسعها صوغ سياسة جديدة فيما يتعلّق بموضوع الغاز، وفي هذه الحالة؛ سوف تنظر بشكل إيجابي لتقديم حلول لشركات الغاز، لكن دون إلزامها مسبقاً بمحتواها.
في مقابل ذلك؛ ستحصل شركات الغاز على 60 يوماً إضافية من أجل بيع احتياطاتها في حقلي الغاز الصغيرين: حقل التمساح (تانين) وحقل القرش (كاريش)، وبموجب هذا الاتّفاق، فمن المنتظر أن تستثمر شركة نوبل انيرجي ما بين 5 إلى 7.5 مليار دولار لاستكمال عمليات التطوير، المتوقّفة منذ مدّة، في حقل ليفياثان.
تنافس على الغاز الإسرائيلي
المُلاحظ من خلال ما سبق؛ هو أن "صيغة الاستقرار" الداخلية التي توصّلت إليها إسرائيل بالأمس، والأنباء عن تسوية مرتقبة لأزمة الغاز مع مصر، سيزيلان عقبةً كبيرةً أمام إسرائيل لتصدير الغاز إلى هذه الأخيرة. ضمن هذا السياق، تقول وكالة بلومبيرغ إن شركتي نوبل إنيرجي، ومجموعة ديليك الإسرائيلية، الشريكتين الرئيسيتين في حقل لفيثيان، تحتاجان في هذه الفترة إلى توقيع عقود تصدير مع مصر من أجل تمويل عمليّات تطوير الحقل، وهذا ما يدقع الحكومة الإسرائيلية، التي ستجني مليارات من صادرات الغاز، للعمل بشكل حثيث على صياغة خطة واضحة المعالم للغاز من أجل تشغيل حقل لفيثيان.
على الجانب الآخر؛ فقد خاضت شركة "دولفينوس" المصرية للطاقة مفاوضات غير ملزمة مع الشركاء في حقل لفيثيان، وذلك بهدف شراء 4 مليون متر مكعب سنويّاً من الغاز الطبيعي لمدّة تتراوح ما بين 10-15 عاماً، كما أنها وقّعت اتفاقاً في العام الماضي لاستيراد الغاز من حقل تامار، وهو ثاني أكبر حقول الغاز في إسرائيل.
بالتوازي مع ذلك، تقول صحيفة ((The Marker العبريّة إنّ اتصالات الغاز مع مصر واكبها تقدّم مهمّ في محادثات التسوية مع تركيا، التي تظهر اهتماماً كبيراً إزاء الغاز الإسرائيلي هي الأخرى.
وتضيف الصحيفة إنه يمكن ملاحظة نوع من "التنافس" بين الدولتين (مصر وتركيا) على الغاز الإسرائيلي، هذا مع العلم أنه عند أخذ التسعيرة المتوقّعة للغاز في المنطقة بعين الاعتبار، فمن المحتمل أن يكون السعر منخفضاً جدّاً لدى نقله عبر قناة مصر- أوروبا، لكنّه، في الواقع، سيكون أكثر جاذبية لدى تصديره إلى السوق التركية.
(Bloomberg- The Marker- Calcalist)