الرئيسية » في دائرة الضوء »
 
12 أيار 2016

قانون الطاقة المتجددة يقود للاستقلال بالكهرباء أم يعيقه؟

لم تعد قضية الطاقة المتجددة مطلبا للتخلص ولو بشكل جزئي من التبعية للجانب الاسرائيلي في مجال الكهرباء، بل باتت مطلبا مصيريا لا يجب تجاوزه، وخاصة بعد أن أعلنت شركة كهرباء القدس قبل بضعة ايام توقفها عن تزويد المشاريع الجديدة من ضمنها الاسكانية الكبيرة بالتيار الكهربائي.

\

حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين

قرار شركة كهرباء القدس وقف تزويد المنشآت الصناعية والمباني السكنية الكبيرة بالكهرباء جاء بسبب نقص توريد الطاقة الكهربائية من الشركة القطرية الاسرائيلية، وبالتالي باتت مشكلة الكهرباء تهديدا يمس الفلسطينيين في كافة المناطق وليس فقط في مناطق امتياز شركة كهرباء القدس، ما استدعى التركيز بشكل أكبر على الطاقة المتجددة كبديل لكهرباء اسرائيل.

وقد تزامنت بداية التجربتان الفلسطينية والأردنية بإقامة مشاريع توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية معا، لكن النتائج كانت مختلفة. ففي الأردن حاليا تغطي الطاقة المتجددة ما نسبته 7% من خليط استهلاك الكهرباء بالمملكة، في حين لا تتعدى النسبة 0.5% في فلسطين.ويعزو مراقبون محدودية مشاريع الطاقة المتجدد في فلسطين إلى غياب البيئة التشريعية والسياسات المحفزة للاستثمار الخاص في هذه المشاريع، وعدم تجاوب شركات توزيع الكهرباء وتسهيل الربط على شبكاتها، وضعف الإدارة والمتابعة من مجلس تنظيم قطاع الكهرباء وسلطة الطاقة سلطة الطاقة، إضافة الى عدم توفر تسهيلات مالية حقيقية بأسعار تشجيعية ومنافسة للمستثمرين.

\

يقول د. حسن ابو لبده، رئيس اتحاد صناعات الطاقة المتجددة، إن السلطة الوطنية عندما قررت تنظيم هذا القطاع أصدرت قانونا "يخلو عمليا" من الحوافز ويعزز سيطرة القطاع العام على إدارة هذا القطاع.
ويتابع: هناك مادتان تناقشان الحوافز بالقانون الذي صدر أواخر آب 2015، أحدهما إعفاء معدات واجهزة الطاقة المتجددة من الجمارك، لكنه ليس حافزا كونها معفاة اصلا من الجمارك في إسرائيل، والثانية تشمل إخضاع مشاريع الطاقة المتجددة لأحكام قانون تشجيع الاستثمار، ولكن في نص هذا القانون ما يستثني مشاريع توليد الكهرباء بكافة انواعها من الحوافز.

الاستراتيجية الوطنية للطاقة المتجددة
في عام 2012 صادق مجلس الوزراء على الاستراتيجية الوطنية للطاقة المتجددة بشأن تنظيم استغلال الطاقة المتجددة في فلسطين والتي تهدف الى استغلال مصادر الطاقة المتجددة في فلسطين لزيادة نسبة مساهمتها في مجموع الطاقة الكلي بما يعادل 25% بحلول عام 2020.

ويوضح المهندس أيمن اسماعيل، مدير عام المركز الفلسطيني لابحاث الطاقة والبيئة: الاستراتيجية تتضمن أن تشكل الطاقة البديلة 10% من خليط الطاقة الطاقة الكهربائية المستهلكة محليا.
ويتابع: حسب الاستراتيجية الفلسطينية لـ 3 سنوات فإنه يجب ان يكون اعتمادنا على مصادر الطاقة من إسرائيل لا يتجاوز ال50%، والباقي محلي وإقليمي، فحاليا يتم استيراد 88% من الطاقة الكهربائية من إسرائيل.
ويشير إلى أنه حسب الاستراتيجية حددت 3 آليات للاستثمار في الطاقة المتجددة، وهي: مبادرة خاصة بالمنازل، واخرى بالمصانع، وثالثة خاصة بالاستثمار وإنشاء مشاريع الطاقة المتجددة بغرض البيع.

ويكمل: كان اول عرض تم تقديمه لسلطة الطاقة، واعطي سعر 12.5 سنت/كيلو واط خلال رخصته المؤقته ومدتها 6 شهور، لكن المستثمر لم ينفذه.
ويعتبر، حسب مراقبون، ارتفاع سعر الكهرباء في فلسطين حافزا لتوليد كهرباء من الطاقة المتجددة، ففي الأردن مثلا
يسعر كيلو واط الكهرباء المولد من الطاقة المتجدد بنصف سعره في فلسطين، حوالي 7 سنت/كيلو واط، حسب أرقام العام الماضي.

\

تكاليف عالية
لكن د. أبو لبده يرى أن السبب الرئيسي للتباطؤ يتركز في ما صدر من قوانين وقرارات منذ النصف الثاني لعام 2015 أدت الى تردد وإحجام المستثمرين المحليين لعدم اليقين بجدوى الإستثمار في ضوء إلزامهم بالتخلي عن جزء كبير من فائض الإنتاج لصالح شركات توزيع الكهرباء وكذلك حصة معتبرة من مجمل الإنتاج في حال تم إنشاء محطات التوليد في مواقع مختلفة عن مواقع الاستهلاك. إضافة تراجع المستثمرين من خارج فلسطين بعد صدور التشرعات آنفة الذكر وعدم وضوح موقف السلطة من منح الضمانات المطلوبة لهم.

ومن أبرز البنود التي أضرت ببيئة الإستثمار حسب د. أبو لبده: إلزام كل من يستثمر في توليد الطاقة الكهربائية من الشمس لاستهلاكه الذاتي ان يتبرع ب 25% من فائض ما ينتج شهريا لصالح شركات توزيع الكهرباء، إضافة الى أن من ينشئ نظام توليد كهرباء بالطاقة الشمسية في منطقة مختلفة عن منطقة الإستهلاك ، يكون ملزما بالتنازل عن 10% من كامل الإنتاج لشركات الكهرباء، إضافة الى حصة ال 25%.

ويتابع: إضافة الى إلزام كل من يستثمر في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لبيعها لشركات النقل الوطنية ان يكون السعر الذي يقدمه يقل عن السعر الذي نشتريه من اسرائيل ب10%، أي منح سعر تفضيلي لشركة الكهرباء القطرية بدلا من منح هذا السعر التفضيلي للمستثمر المحلي في سياق سعي السلطة لتقليل الإعتماد على إسرائيل في التزود بالطاقة الكهربائية.

محمد الحلو، من الجمعية الفلسطينية للطاقة الشمسية والمستدامة، يرى أيضا في النقطة الأخيرة، تناقضا مع القوانين الاقتصادية ومع الاعتبارات الوطنية والسياسية. مشيرا إلى أن الكهرباء المنتجة بالطاقة الشمسية مصادرها فلسطيني 100%، وثمنها يوفر ما سيدفع من دخلنا الوطني ثمنا للكهرباء الإسرائلية.

ويقول الحلو منتقدا للشرط أننا لو طبقنا هذا المقياس على باقي الصناعات الفلسطينية لصار شرط بقاء الصناعة الفلسطينية ليس أمان الموارد وكفاءته بل سعره مقارنة بسعر منافسه الاسرائيلي.

القطاع المصرفي لا يقدم تسهيلات

\
في الأردن خصص البنك المركزي 200 مليون دينار للبنوك لمنحها كقروض ميسرة للاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة، ما دفع عجلة النمو هذا القطاع في البلاد. في المقابل، لم تقدم "سلطة النقد الفلسطينية" اي معلومات لتشجيع الاستثمار في هذا المجال.

من جانبه، يقول الحلو إن مشاريع الطاقة تحتاج تمويلا كبيرا، والبنوك الفلسطينية لا تستطيع توفير هذا التمويل، وفي حال وفرته يكون بفائدة عالية وبفترة سداد لا تتجاوز 6 سنوات. وهذه فترة غير كافية ليرجع المشروع مصاريفه.

بينما أوضح د. ابو لبده أن البنوك يمكن أن تعطي قروضا لسنوات أكثر في حال توفر الضمانات، ولكن المشكلة أن سعر الإقراض (الفوائد) سيكون مرتفعا.
ويقترح البحث عن ممولين اجانب، لتقديم قروض بفوائد ميسرة ولفترات تسديد تتجاوز 15 عام.
واعتبر الحلو أن سياسيات صناع القرار في موضوع الطاقة المتجددة يغلق طريق الاستقلال امام شعبنا ويكرس التبعية لدولة الاحتلال.

 

مواضيع ذات صلة