خبراء: فلسطين غنية بالموارد الطبيعية التي لم تستغل
ناقش معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) اليوم الأحد دراسة حول الموارد الطبيعية في فلسطين: محددات الاستغلال وآليات تعظيم الاستفادة للدكتور وليد مصطفى.
وقسمت الدراسة إلى أربعة فصول: يتناول الفصل الأول فيها البيئة الجيولوجية والتضاريسية للضفة الغربية وقطاع غزة، باعتبارها الحاضنة للموارد الطبيعية الفلسطينية، مبينا الطبقات الجيولوجية التي تتواجد فيها الموارد الطبيعية، وتوزيعها الجغرافي.
أما الفصل الثاني، فيتناول الموارد الطبيعية غير الفلزية من حجارة البناء، ورمال قطاع غزة، والثروات المعدنية في البحر الميت، والفوسفات. وقد تم في هذا الفصل تبيان أهمية هذه الموارد والدور الذي يلعبه البعض منها كحجارة البناء والرمال، في الاقتصاد الوطني الفلسطيني، بينما يحرم الشعب الفلسطيني من استثمار ثروات البحر الميت المعدنية، ومن التنقيب على مكامن الفوسفات. ويتطرق الفصل لنهب إسرائيل الاستعماري لموارد حجارة البناء في المنطقة (ج)، والذي قدر عائدها السنوي منها نحو 900 مليون دولار. كما تطرق الفصل للتحديات الذاتية النابعة من غياب أساليب استكشاف حديثة عن مكامن حجر البناء، والتقصير الكبير في الحد من الأضرار البيئية الخطيرة الناجمة عن صناعة الحجر، والاستخدام المفرط للرمال في غزة.
ويتطرق الفصل الثالث للموارد الأحفورية من نفط، وغاز، وصخر زيتي ، فمؤخراً اكتشفت مكامن للنفط، وللغاز الطبيعي في المياه الإقليمية الاقتصادية لغزة. ويبين الفصل كيف وضعت إسرائيل يدها على حوض غزة بشكل غير قانوني، ومنعها الفلسطينيين من التنقيب عن مواردهم النفطية، والغازية في الضفة الغربية، وقطاع غزة، مما يعرض تلك الموارد الهامة للطاقة للنهب الاستعماري الإسرائيلي، وبالمقابل تعطي وبشكل غير شرعي امتيازات تنقيب عن النفط لشركات إسرائيلية غربي وشمال الضفة الغربية، وتقوم باستخراج الغاز في المناطق المحاذية لمكامن غزة. كما يتطرق الفصل لإمكانية تواجد الصخر الزيتي في البرية الفلسطينية، وخاصة في منطقة النبي موسى.
ويتم في الفصل الرابع استعراض مقومات أنواع الطاقة البديلة المتجددة في فلسطين في مجالات: الطاقة الشمسية، والنفايات الصلبة، والغاز الحيوي، وطاقة الرياح، والحرارة الجوف أرضية، والعمارة الخضراء. ويتطرق للدور الهام الذي يمكن أن تلعبه هذه الطاقة البديلة في التحرر من الاعتماد الكلي على إسرائيل في استيراد الطاقة، والتي زادت قيمة فاتورتها عام 2013 عن 1600 مليون دولار، ومن أعباء التبعية الاقتصادية لدولة الاحتلال. كما يتناول الفصل الدور البيئي الهام الذي توفره الطاقة البديلة في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة الملوثة، وتوفير بيئة صديقة للإنسان والنبات والحيوان في فلسطين.
وخلصت الدراسة لتقديم العديد من التوصيات لحماية الموارد الطبيعية الفلسطينية من نهب سلطة الاحتلال الإسرائيلية. وتنطلق تلك التوصيات من الإجماع الدولي الذي يعتبر الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 أراضي محتلة، وتخضع لقواعد الاحتلال الحربي. وأن إسرائيل سلطة احتلال وليست إلا مدير لإقليم محتل، وأن السيادة على الموارد الطبيعية لا تنتقل للسلطة المحتلة، بل تجمّد خلال فترة الاحتلال، وأن على سلطة الاحتلال المحافظة على هذه الموارد، وعدم استهلاكها، أو تغير طبيعتها. كما لا يحق بأي حال من الأحوال لدولة الاحتلال زيادة ثرائها وثراء مواطنيها على حساب السكان المحليين، أو استهلاك أملاكهم العامة، بما فيها الموارد الطبيعية. لذلك فان كل ما يجري من استغلال ونهب للثروات الطبيعية الفلسطينية يعتبر أموالا مسروقة من الشعب الفلسطيني يتوجب على حكومة إسرائيل تعويض الشعب الفلسطيني عنها. وبذلك، يمكن محاسبة إسرائيل باعتبارها تنتهك القانون الدولي بحرمانها الشعب الفلسطيني من حقوقه، بما فيها حقه في التنمية، والبيئة النظيفة. في تمادي إسرائيل على هذا النحو ما يمكن وصفه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحسب ما هو وارد في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. تفحص الدراسة إمكانيات توجه فلسطين إلى محكمة العدل الدولية لتطلب رأيا استشاريا حول حالة الثروات الطبيعية في ظل الاحتلال الإسرائيلي.
وأوصت الدراسة أما في مجال التحديات الذاتية بإجراء مسوحات جيولوجية، وعمليات كشف وتنقيب على أسس علمية صحيحة، وبمساعدة هيئات دولية ذات الخبرة، وطرح عطاءات دولية للتنقيب عن هذه الموارد. ودراسة الإمكانيات القانونية والحقوقية عند توقيع اتفاقيات ترسيم لحدود المياه الإقليمية الاقتصادية في البحر مع مصر، ولبنان، وقبرص، وتركيا، واليونان، أسوة بما يجري بين هذه الدول في هذا الصدد.
كما أوصت بحق فلسطين كدولة في مشاطئة للبحر الميت، أن تكون شريكة كاملة في مشروع قناة البحر الأحمر – البحر الميت، وعليه فلا بد أن يكون لها دورها الكامل والمتكافئ في هذا المشروع، من أجل حماية حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني في البحر الميت، وثرواته المعدنية.
ودعت لوضع التشريعات، والقوانين التي تشجع على تطوير ورفع نصيب الطاقة البديلة من مجموع الطاقة المستهلكة في فلسطين. والقيام بحملات التوعية الجماهيرية لفوائد هذه الطاقة، وللقيام بترشيد استهلاك الطاقة بشكل عام.
وفي مجال حجارة البناء وصناعتها، لا بد من العمل على الحد من الأثر البيئي السلبي الناتج عن التلويث المرتبط بطبيعة هذه الصناعة الملوثة أصلا.
وفي مجال الرمال في قطاع غزة، لا بد من اتخاذ إجراءات فعالة لحماية هذه الثروة الوطنية من زحف العمران عليها، والحد من استنزاف احتياطي هذه الرمال.
ودعا الباحث للاهتمام في فلسطين بموضوع النفايات الصلبة رسميا وشعبيا، وتحويلها من مصدر تلويث للبيئة وانتشار الأمراض، إلى مصدر ثروة وحفاظ على البيئة، عبر إصدار التشريعات والقوانين ونشر التوعية الشعبية، بفرز النفايات بحاويات متخصصة لكل نوع منها، وإقامة المنشآت لتحويل النفايات إلى طاقة، وتجميع النفايات في مكبات صحية.
بوابة اقتصاد فلسطين