الرئيسية » في دائرة الضوء »
 
05 نيسان 2016

في يوم الطفل الفلسطيني .. الفقر يحرم أطفال غزة طفولتهم

تدفع الظروف المعيشية الصعبة في غزة آلاف أطفال للعمل في تنظيف السيارات على الطرقات وبائعي صحف وعتالين وفي بيع السلع عند إشارات المرور أو في السوق وبعضهم يمارس أعمالا أكثر مشقة وخطورة في البناء والزراعة.

\

الصورة أرشيفية

غزة| إسلام راضي- بوابة اقتصاد فلسطين

يكابد الطفل حسين الذي لم يتجاوز 12 عاما الأمرين وهو يجر بيديه الصغيرتين عربة يستخدمها لنقل أكياس الخضار والفواكه في سوق "فراس" الشعبي في مدينة غزة سعيا لكسب بعض المال الذي يعين به عائلته.

ويبدأ حسين عمله يوميا فور انتهاء يومه الدراسي، إذ يعود من المدرسة إلى منزله لخلع ملابسه ويتوجه فورا إلى عمله لنقل المشتريات للمتسوقين من داخل السوق عبر ممراته الضيقة والمزدحمة إلى خارجه.

وعادة ما يحصل الطفل على 2 شيقل إسرائيلي عند إتمام توصيله العربة الثقيلة بما تحمله من مشتريات ويكون سعيد الحظ عندما يعطف عليه زبائنه بأكثر من ذلك بقليل.

وبترقب شديد يظل حسين يبحث عن زبون في زوايا السوق قبل أن يعثر عليه أحد من زملائه الأطفال، فيتفق مع الزبون لنقل كل مشترياته في عربته ويبدأ في شق طريقه في أروقة السوق الضيقة والمتهالكة.

وبعد يوم شاق من العمل يحصل حسين على 20 إلى 25 شيقل، وهو مبلغ ليس كبير لكنه يعني الكثير لعائلة فقيرة مكونة من ستة أفراد كعائلة هذا الطفل.

ويقول بينما كان يقف بجوار عربته في أحد زاويا السوق المزدحم في انتظار زبون جديد "إنها أفضل بكثير من التسول في الشوارع، أعمل لأن عائلتي بحاجة إلى مساعدة وأنا أكبر أخوتي".

وحسين الذي أصبح والده عاطلا عن العمل منذ أربعة سنوات حتى الآن بعد أن كان يعمل في مجال البناء، ليس وحده من يعيش تلك الظروف الصعبة في قطاع غزة.

ويعمل أطفال في غزة في تنظيف السيارات على الطرقات وبائعي صحف وعتالين وفي بيع السلع عند إشارات المرور أو في السوق وبعضهم يمارس أعمالا أكثر مشقة وخطورة في البناء والزراعة.

ووفقا لقانون حقوق الطفل الفلسطيني يحظر على الأطفال العمل تحت سن ال15 عاما ومع ذلك فالجوع والحاجة دفعت العائلات لتسمح لأطفالها بالتخلي علن الدراسة والالتحاق بالعمل.

الفقر أساس العلة

ويواجه قطاع غزة حصارا إسرائيليا مشددا منذ منتصف عام 2007 أدى إلى معدلات قياسية من الفقر والبطالة مسجلة نسبا تصل إلى ما يزيد عن 40 في المئة.

ويعد مشهد الأطفال الباعة على المفارق الرئيسية في غزة مألوفا جدا أكثر من ذي قبل وطوال فترات العام.

ولا توجد إحصائيات رسمية دقيقة حول العدد الإجمالي للأطفال العاملين في غزة لكن مؤسسات حقوقية محلية تقدر بأن نسبة عمالة الأطفال في القطاع تخطت 48% بما يشمل الأطفال العاملين وقت العطلة الصيفية فقط.

ويقول المحلل الاقتصادي ماهر الطباع لبوابة اقتصاد فلسطين، إن حصار غزة وما تعرضت له من حروب إسرائيلية دفع بتصاعد غير مسبوق لعمالة الأطفال، معتبرا أنها "باتت من أخطر الظواهر المنتشرة في فلسطين وتهدد المجتمع ككل".

ويشدد على الحاجة إلى توفر ضمان اجتماعي للأسر الفقيرة في قطاع غزة للحد من ظاهرة عمالة الأطفال واتخاذ إجراءات حازمة ضد من يشغلون الأطفال في منشأتهم مع الحد من ظاهرة التسرب من المدارس ونشر الوعي حول حقوق الطفل.

تدخل منظمات أهلية

يقول مختصون إن استمرار تدهور الأوضاع المعيشية في قطاع غزة مع غياب اجراءات رسمية لوقف عمالة الأطفال يشكلان من وجهة نظر الكثيرين أسباب مباشرة لاتساع الظاهرة التي تقتصر محاولات الحد منها حتى الأن على جهود مؤسسات أهلية.

ومن بين تلك المؤسسات جمعية (الوداد للتأهيل المجتمعي) التي أطلقت قبل شهور مشروعا للحد من عمالة الأطفال يقوم على إخضاع من يعمل منهم لأنشطة تأهيلية في محاولة بإقناعهم ترك العمل.

ويقول رئيس الجمعية نعيم الغربان لبوابة اقتصاد فلسطين، إن المشروع يتضمن أنشطة جلسات إرشاد نفسي وتعليم محو أمية وجلسات دراما وفنون لمنح الأطفال مساحة حرة للتعبير عن أحلامهم بعيدا عن واقع العمل والمشقة.

ويعتبر الغلبان أن عمالة الأطفال لا تعد ظاهرة في قطاع غزة بقدر ما هي مستحدث بفعل الظرف الخاص الذي يعانيه مواطنيه وأصبح مقلق باعتبار المشكلة تزداد نتيجة الظرف الاجتماعي وتصاعد معدلات الفقر والبطالة.

ويشدد على وجوب توفر تكاتف اجتماعي رسمي وأهلي شامل للحد من عمالة الأطفال "لأن المشكلة أكبر من مساعدة الطفل وعندما يكون هذا الطفل المعيل الوحيد لأسرته فإن أي دعم نفسي له ليس كافيا طالما المشكلة الاقتصادية والاجتماعية مستمرة".

مواضيع ذات صلة