السمات العامة للقطاع الاقتصادي الزراعي الفلسطيني
في التقرير الاخير لجهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني الخاص بأداء الاقتصاد الفلسطيني للعام 2013، يذكر التقرير أن مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الاجمالي هي4.1% في مساهمة تغدو ضئيلة قياسا بالقطاعات الاخرى، وبلغ مؤشر القيمة المضافة للنشاط الزراعي 308.3 مليون دولار امريكي لل 2013 بتراجع نسبته 9.1% عن العام 2012 مما يعكس ضعف الانتاجية نتيجة ارتفاع مدخلات الانتاج، يقابل ذلك انخفاض في الربحية.
وانخفض عدد العاملين في القطاع الزراعي ليصل الى 84.1 الف عامل عام 2013 بإنخفاض نسبته 7.7% مقارنة بالعام 2012 وهذا دليل على مغادرة كثير من المزارعين وخاصةالشباب منهم القطاع الزراعي لصالح قطاعات اخرى اقل مخاطرة واكثر ربحية، او وجدوا انفسهم في مجموع البطالة الذي قدر 23.4% من القوة العاملة للعام 2013.كما ان معدل الاجر اليومي للعامل الزراعي هو الادنى قياسا بباقي القطاعات حيث بلغ متوسط الاجر اليومي 40.2 شيكل وهذا الرقم تفسره الاحصاءات التي تذكر ان 73.3% العمالة الزراعية العاملة في القطاع الزراعي الفلسطينيهي عمالة اسرية تمارس النشاط الزراعي كنمط حياة، ومع ذلك يبقى معدل الاجر اليومي للعامل الزراعي مرتف قياسا بالمدخول الزراعي المتدني.
وفي رؤية عامة لأهم المؤشرات الاقتصادية المرتبطة بالقطاعات يمكنك القاء نظرة مقارنة بين القطاع الزراعي والقطاعات الاخرى لعام 2013 في الجدول التالي:
جدول (1) ابرز الانشطة الاقتصادية واهم خصائصها في فلسطين لعام 2013 (الجهاز المركزي للإحصاء،2014)
ومنأهم السمات التي تجعل من الاستثمار في القطاع الزراعي تحدي حقيقي، هي سمةتشتت وتفتتالحيازات، نباتية كانت ام حيوانية (صغر القطعان) أم مختلطة، مما يرفع من تكاليف الانتاج للوحدة الزراعية الواحدة، ويحدد عملية استخدام التكنولوجيا على نطاق واسع سواءً كانت ميكانيكية او حيوية او كيماوية, و مع ذلك يعتبر 22% من هذه الحيازات مصدر الدخل الوحيد للكثير من العائلات الفلسطينية، مما حذى بالكثيرين الى تجميع هذه الحيازات ضمن شركات او تعاونيات زراعية كحل ممكن لمعضلة التشتت.
ومع ذلك بقيت استراتيجيات التسويق في الاراضي الفلسطينية تقليدية في ظل سيطرة الاحتلال على القنوات التسويقية من معابر داخلية وخارجيةوإغراق السوق الفلسطينيةبالمنتجات الاسرائيلية المدعومة حكوميا،ورغم وجود استراتيجية وطنية للتصدير الا ان هناك ضعف في الحركة التصديرية ناتج عن تدني الانتاجيةوخدمات ما بعد الحصاد من فرز وتدريج وتغليف وتبريد، بل انه لايوجد برادات مركزية في الاسواق المركزية لحفظ هذه المنتجات لفترات زمنية ملائمة حتى التسويق، رغم ميزة موسمية الانتاج و تنوعه التي يرى فيها الكثيرين نقطة قوة اصيلة ناتجة عن التنوع المناخي والجغرافي للمناطق الفلسطينية، الى ان هناك محددات للتبادل السلعي الداخلي نتيجة وجود الحواجز التي تقطع اوصال المدن الفلسطينية مما يؤدي الى فروقات سعرية لنفس السلعة في مناطق مختلفة، وهذا بدوره يؤدي الى تذبذب في الدخل الزراعي.
ويمكنالقول ان كل هذه المعيقات يرافقها ضعف مؤسساتي لدعم القطاع الزراعي، فمن غياب مؤسسة رسمية للاقراض الزراعي ومؤسسة وطنية للتسويق الزراعي وغياب نظام تأمين زراعي فاعل وحامي للإستثمار في هذا القطاع، يبقى خيار بناء تعاونيات زراعية جديدة في المناطق المنتجة خيارا مهما، و كذلك تطوير قدرات التعاونيات الموجودة حاليا خيارا متاحا. وكل هذا لا يعفي القطاع المصرفي المغالي في تقديم القروض الاستهلاكية التي لاتخلق فرص عمل (سيارات، بيوت، اثاث) متجاهلا المشاريع الانتاجية (زراعية، صناعية) بحجة المخاطرة وعدم كفاية الضمانات.
ورغم وجود المؤسسات الوطنية الفلسطينية الا انه في الغالب لم يتم منح وزارة الزراعة الفلسطينية اكثر من 1% من الموازنة التشغيلية السنوية، وليس بأحسن حالا منها الموازنة التطويرية التي لم تتعدى 8% سنويا في احسن حالاتها، وليس ببعيد عنها سياسة التمويل الخارجي من قبل المانحين الدوليين الذي يؤخذ عليهم تركيز الدعم خارج مؤسسات الحكومة الفلسطينية او المؤسسات الاهلية المؤهلة مما يؤدي الى ضياع الاولويات وإزدواجية التنفيذ، بل ان محدودية هذا التمويل مرتبطة بحساسية هذا القطاع سياسيا لإرتباطه بالسيادة على الارض و مصادر المياه علاوة على هامش المخاطرة المرتفع فيه.
ورغم هذا وذاك يبقى القطاع الزراعي والاستثمار فيه محور الاهتمام الحكومي في كل الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، وذلك يعود الى قضايا استراتيجية منها الامن الغذائي المرتبط بالامن القومي، والاهم من ذلك ان القطاع الزراعي يعتبر دوليا اسفنجة الفقر والبطالة كقطاع اساس، لقدرته على توفر مدخلات الانتاج للقطاعات الانتاجية الاخرى وقدرته الكبيرة على استيعاب العديد من الايدي العاملة، وكذلك توجد فرص استثمارية حالية تتمثل بإعفاء جمركي في جميع الدول العربية للمنتجات الزراعية الفلسطينية وكذلك وجود تسهيلات خاصة للمنتج الفلسطيني في العديد من الدول الاوروبية وروسيا.
فريق البحث
قيس حنتش، قتيبه ابوغنيم، يوسف مرمش، معتصم دويكات، عزه نوفل، بشير خصيب