الرئيسية » أقلام اقتصادية »
 
11 آذار 2016

لماذا يعد الاقتراض بالدولار أساسيا لدورة الأعمال في الدول النامية؟

\

ارتفعت أسعار النفط بعض الشيء؛ لكن المنتجين ما يزالون يعانون الهبوط في أسعار الذهب الأسود خلال العام الماضي.

وقال رئيس شركة "بيميكس" شركة النفط المملوكة للحكومة المكسيكية هذا الأسبوع إن "الشركة واجهت "أزمة سيولة".

من جهتها؛ ما تزال شركة النفط المملوكة للحكومة الماليزية تُسرح العمال.

وأمَّنت "بيتروبراس" عملاقة النفط البرازيلية مضطربة الأوضاع مؤخراً قرضاً من بنك التنمية الصيني بلغ حجمه 10 مليارات دولار ليساعدها في سداد استحقاقات السندات.

في الواقع؛ تؤكد المشاكل التي تواجهها هذه الشركات مخاوف أوسع نطاقاً تدور حول أعباء الديون في الأسواق الناشئة.

ويدور قلق آخر في شركات الموارد حول ارتفاع تكلفة خدمة الدين بالدولار وهي التي يؤخذ بها منذ الوقت الذي كان فيه الدولار الأمريكي أضعف بكثير مما هو عليه الآن.

وكثيراً ما برز تسديد الديون بالدولار قصيرة الأجل بعائدات العملات الهابطة، في أوقات سابقة، على شكل أزمات في الأسواق الناشئة.

ولكن القلق حيال دور الإقراض بالدولار في الدورة الحالية أمر مختلفٌ تماماً.

إن الأرقام مروعة؛ بحيث ارتفع الدين في 12 شركة، من كبرى شركات الأسواق الناشئة، مما يقارب 60 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2008 إلى أكثر من 100 % في العام 2015، وفقاً لبيانات بنك التسوية الدولي. 

وعادةً ما تشهد المناطق التي اختبرت ارتفاعاً سريعاً في الدين تباطؤاً حاداً في الناتج المحلي الإجمالي بطبيعة الحال.

والملفت للانتباه أيضاً، أن عدداً من شركات الأسواف الناشئة كانت قادرة على الاقتراض بالدولار بحرية لبعض الوقت.

وبحلول منتصف العام الماضي، بلغ مجموع القروض بالدولار للمقترضين غير المصرفيين في الأسواق الناشئة، بما فيهم شركات وحكومات، إلى 3.3 تريليون دولار.

بل وحتى وقت قريب، كان الائتمان بالدولار، للمقترضين من خارج أميركا، ينمو بشكل أسرع لديهم مما هو الحال بالنسبة للمقترضين داخلها. 

وكانت أسرع الزيادات تلك الخاصة بسندات الشركات التي تصدرها شركات السوق الناشئة.

وفي سياق متصل، يقول رئيس بنك التسوية الدولي، جيمي كاروانا، إن "دورة السيولة الدولية – زيادة ونقصان الاقتراض بالدولار خارج أميركا- تساعد في تفسير الإنهيار في اقتصادات السوق الناشئة وارتفاع قيمة الدولار، بالإضافة إلى تخمة النفط المفاجئة".

فعندما كان الدولار ضعيفاً وكانت السيولة العالمية وافرة، بفضل شراء الاحتياطي الفدرالي سندات الخزانة (ما يسمى بالـ"التيسير الكمي")، كانت الشركات خارج أميركا سعيدةً بالاقتراض بالدولار. وذلك لأن الاقتراض بالدولار أرخص من الاقتراض بالعملة المحلية.

وإلى جانب ذلك، رفعت تدفقات رأس المال أسعار الأصول المحلية، بما فيها العملات، ما جعل الدين بالدولار معقولاً أكثر لاعتماده.

وطالما بقي الدولار ضعيفاً، يمكن للائتمان الرخيص وارتفاع أسعار الأصول ونمو الناتج المحلي الإجمالي أن يواصل على نفس المنوال. 

 ولكن، عندما بدأ الدولار يعود أكثر قوة، انعكست الحلقة بالكامل. وترتبط ارتفاع قيمة الدولار بتغيير السياسة النقدية الأميركية في أيار (مايو) العام 2013، عندما لمح الاحتياطي الفدرالي بأنه سيتخلص تدريجياً من التيسير الكمي.

وعندما انتهى الاحتياطي الفدرالي من شراء السندات في تشرين الأول (أكتوبر) العام 2014، كان قد مهد الطريق بذلك لزيادة سعر الفائدة بعد ذلك التاريخ بـ14 شهر.

وخفض تشديد السياسة النقدية في أميركا الشهية للمجازفة المالية فيما وراء شواطئها.

لقد كان تأثير هذا التحول الصغير في قيمة الدولار ملحوظاً، لا سيما ضد عملات الأسواق الناشئة.

فأينما يكون هناك الكثير من الاقتراض بالعملات الأجنبية، يصبح سعر الصرف مشكلة مالية، وفقاً لكاروانا.

وبينما تعاني الشركات في سداد ديونها بالدولار، تتراجع أسعار الأصول في السوق الناشئة أيضاً.

وأمست الشركات تخفض استثماراتها وتسرّح الكثير من موظفيها، بينما يتراجع الناتج المحلي الإجمالي أيضاً.

وهذا يقود عملات الأسواق الناشئة إلى الانهيار هي الأخرى أكثر وأكثر في ظل حلقة مفرغة. 

وفي ضوء أن الجزء الأكبر من الفضل يعود إلى شركات النفط، تمثلت النتيجة في تخمة نفط، لاسيما مع ضخ المنتجين الكثير من النفط في الأسواق للحصول على الدولارات من أجل سداد ديونهم.

كانت قراءات كاروانا للأوضاع تضع الاقتراض بالدولار أساساً للأمر برمته.

ومع ذلك يتعلق الأمر أكثر بالبيع بعملات الأسواق الناشئة حيث شهدت الدول الغنية التي تصدر المواد الخام، بما فيها أستراليا وكندا والنرويج، عملاتها وهي تنخفض كثيراً مقابل الدولار.

ويحتمل أن يكون التراجع في إيرادات التصدير، كنتيجة لانخفاض أسعار النفط وأسعار السلع، قد لعب دوراً مشابهاً في الانهيار في العملات أيضاً.

في الحقيقة، يعتقد بعض المحللين أن مشكلة الدين بالدولار قد زادت عن حدها. وهناك دول، مثل التشيلي وتركيا، حيث أصبحت الديون بالدولار ضخمة جداً.

ولكن متوسط حصة الدولار من دين الشركات في السوق الناشئة لا يتعدى الـ10 % وتستدين الشركات الصينية أكثر من ربع الـ3.3 مليار دولار من الديون بالدولار المقترضة في الأسواق الناشئة –ومنذ شهر آب (أغسطس)، عندما كانت المخاوف تلف انهيار قيمة اليوان، والشركات الصينية تبدل القروض بالدولار إلى اليوان، وفقاً لمدير الصندوق، يان دين، من مجموعة آشمور.

وكانت الكثير من القروض بالعملات الأجنبية التي اقترضتها شركات في مناطق أخرى طويلة الأجل: متوسط استحقاق السندات الصادرة العام الماضي أكثر مما كان عليه طيلة 10 سنوات، على سبيل المثال. ودفع ذلك إعادة التمويل والمخاطر المرتبطة بالتقصير أكثر إلى المستقبل.

وفي العديد من الحالات، يقابل الدين بالدولار بالدخل بالدولار –وحتى لو كان الأمر كذلك، كما هو الحال بالنسبة لمصدري النفط، فهو يتقلص كثيراً بسبب انخفاض الأسعار.

وهناك كميات لا يستهان بها من الدولار في بنوك الأسواق الناشئة يغلب الظن أن الشركات المثقلة بالديون تلجأ إليها.

وعلى أية حال، صعد الدولار بسبب المخاوف التي تدور حول تعثر الاقتصاد الأميركي والشك بأن الفدرالي يمكن أن يزيد أسعار الفائدة مرة أخرى.
ومع ذلك، فإن دورة الاقراض بالدولار لها آثار قد لا يكون قد تم تقديرها بالكامل.

وأظهرت دراسة أجريت مؤخراً على مستويات الشركات المالية، من قبل فالانتيونو برونو وشين سونغ يون من بنك التسوية الدولي، أن شركات السوق الناشئة ذات الميزانيات القوية الضخمة أكثر احتمالاً لإصدار السندات بالدولار.

وهذا يخالف معتقد تمويل الشركات، الذي يقول إن "الشركة تقترض فقط من أجل الاستثمار في الوقت الذي ترهق فيه الموارد الداخلية التي تمولها ليس إلا وهذا يقترح أن المخاطرة المالية كانت الحافز وراء الاقتراض".

وفي المتوسط 17 إلى 22 % من الاقتراض بالدولار لدى شركات السوق الناشئة تنتهي إلى أوراق نقدية في ميزانيات هذه الشركات العمومية.

ويمكن لهذه الأموال السائلة أن تذهب إلى ودائع مصرفية، أو أن تستخدم لشركات أوراق الشركة التجارية، أو حتى لتستخدم في عملياتها مباشرةً.

وبكلمات أخرى، كما يقول مؤلفو الدراسة، تبدو الشركات وأنها تنشط وكأنها شركات تمويل بديلة.

وكنتيجة لذلك، يمتد الاقتراض بالدولار إلى شروط ائتمان أيسر في الأسواق المحلية. 

(الإيكونوميست، ترجمة الغد الأردني)

مواضيع ذات صلة