المهندسة حليمة نسجت بالصنارة والصوف نجاحا لافتا
لم تتمترس حليمة خلف شهادتها الجامعية بحصولها على بكالوريوس هندسة حاسوب ودبلوم إدارة مشاريع من البنك الدولي بانتظار فرصة عمل قد تأتي ولا تأتي، لكنها تسلحت بالصنارة والصوف لتنسج حكاية كفاح نسائي مميز.
غزة- إسلام راضي- بوابة اقتصاد فلسطين
رفعت المهندسة حليمة عبد العزيز من قطاع غزة شعار القدرة على تجاوز أي حواجز مادية أو اجتماعية في سبيل تحقيق النجاح وهو ما حولته إلى واقع عملي بفضل إدارتها مشروعا للمشغولات اليدوية.
وكرست حليمة في عملها مبدأ أن من لا يتقن العمل يتعلم وأن من عمل يمكنه تسويق إنتاجه وتحقيق النجاح لتصل بمنتجاتها إلى أسواق الضفة الغربية والأردن وحتى إلى بريطانيا فيما لا يزال المستقبل يتوعد بالمزيد.
واليوم ينظر إلى المهندسة حليمة في قطاع غزة كنموذج ناجح عند الاحتفاء بيوم المرأة العالمي الذي يصادف الثامن من مارس من كل عام وتدقيق واقع النساء في القطاع، إذ أنها لم تتمترس خلف شهادتها الجامعية بحصولها على بكالوريوس هندسة حاسوب ودبلوم إدارة مشاريع من البنك الدولي بانتظار فرصة عمل قد تأتي ولا تأتي، لكنها تسلحت بالصنارة والصوف لتنسج حكاية كفاح نسائي مميز.
والمميز أكثر في قصة كفاح المهندسة حليمة أنها كتبتها في ظروف بالغة التعقيد في قطاع غزة الذي يعاني من حصار إسرائيلي مشدد منذ منتصف عام 2007 وتفاقم حاد في معدلات الفقر والبطالة بما لذلك من انعكاسات اجتماعية سلبية.
وتقول حليمة (42 عاما) التي تعمل أصلا مدربة ومرشدة في مجال ريادة الاعمال والمشاريع الصغيرة، إنها سعت إلى علاج مشكلة البطالة لأختها ولكثير من ربات البيوت من ذوات الدخل المحدود، عن طريق صناعة نسيج الصوف (الكروشيه).
وتضيف "حصلت على مجموعة من الجوائز والمسابقات في مجال ريادة الأعمال وحتى أكون مثالا للخريجين في مجال المشاريع الصغيرة بادرت إلى إطلاق مشروع كرداش (اسم آلة غزل الصوف) للمشغولات اليدوية وقد انطلقت بالمشروع من فكرة بسيطة وبمبلغ مالي ضئيل".
وأطلقت المهندسة حليمة مشروعها في العام 2013 بعد عام من التحضير له وإجراء دراسة جدوى اقتصادية له والذي أظهر بعد استطلاع النتيجة أن المجتمع بحاجة لهذا المنتج فضلًا عن الهاويات في غزل الصوف اللاتي أقبلن على العمل من أجل تحقيق الأرباح.
وبعد ثلاثة أعوام على إطلاق المشروع فإن 20 سيدة من ربات البيوت يعملن فيه ما حسن وضعهن المادي علما أنهن يعملن من داخل بيوتهن ويجري التواصل بينهن من خلال الاجتماعات أو وسائل اتصال مختلفة.
وتشير إلى أن بعض "الفتيات المهمشات في أسرهن واللاتي لا يحصلن على أدنى أجر، تواصلن معها للعمل وبدأن يحققن ذواتهن، بعد أن عاد عليهن بالدخل، حتى أن بعضهن التحقن بالجامعة في طريق إعالة أنفسهن".
كما أن منتجات المشروع تم تصدير كميات متوسطة منها إلى أسواق الضفة الغربية والأردن عدا عن نقلها عبر أشخاص إلى بريطانيا وهو ما يزيد الآمال لدى المهندسة حليمة والعاملات فيها في توسيع افاق التصدير لهم مستقبلا.
وتلفت المهندسة إلى أن الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة وإغلاق معابره يحول دون تطوير مشروعها وتوسيع أفاق منتجات مشروعها كحال باقي المشاريع في القطاع، خاصة أن حلمها انفتاح منتجات مشروعها للخارج ولما لا فتح مقرات فرعية لمشروعها في خارج القطاع.
وتتنوع منتوجات "كرداش" بين الملابس والشالات والقبعات والجوارب والحقائب، وفقًا لحاجة ورغبة النساء وأطفالهن، كما يقدم المشروع خدمات مثل دورات في مجال صناعة الصوف، إضافة إلى تعليمه من خلال المجلات المنشورة ومقاطع فيديو تعليمية عبر الموقع الإلكتروني الخاص به.
وتؤكد حليمة أن تجربتها في إطلاق مشروعها الخاص وجهدها في تطويره كان له تأثير إيجابي كبير على شخصيتها، معتبرة أن النظرة الاجتماعية المقيدة لعمل المرأة تراجعت كثيرا حاليا في ظل الدور المتنامي للمرأة. وهنا، شددت على ضرورة مبادرة المرأة بنفسها لخلق فرصة نجاحها حتى لو كانت أبواب العمل التقليدي مغلقة في وجهها، لافتة إلى أن تجربتها الخاصة زادتها قوة وثقة في شخصيتها.
وترصد إحصائيات رسمية أن نسبة المشاركة في القوى العاملة للأفراد 15 عاما فأكثر في قطاع غزة تبلغ حوالي 44%، بواقع 68% للذكور و20% فقط للإناث.
وإذ تفتخر المهندسة حليمة بمشاركتها في العديد من المسابقات والمحلية والدولية وإشرافها على العديد من قصص نجاح للرياديين الذين اشرفت عليهم إلى جانب تنظيمها معرضا سنويا لمنتجات مشروعها، فإنها تطمح بتطوير هذا المشروع ليشمل صناعات أخرى مثل التطريز الفلاحي والمنتوجات المنزلية الأخرى وأدوات الزينة بهدف تشغيل عدد أكبر من العاملات، وتحقيق عوائد مادية أكبر.
كما أنها تطمح بالعمل في مجال الاستشارة في مجال ريادة الأعمال على مستوى الوطن العربي من خلال تقديم النصح والإرشاد لقصص نجاح حقيقية في غزة، وتطوير مشروع "كرداش" لتعزيز مساعي إحياء التراث الفلسطيني.