أمثلة صارخة: خُروقات في عقود حكومية تَهدر المال العام
بعدما أصيب المشاركون بالذهول مما سمعوه من أمثلة لهدر المال العام تحت بند عقود موظفي الخدمة المدنية وبالاخص عقد 335 ربط الحضور بشكل سريع بين هذا الهدر وازمة المعلمين التي نجمت لعدم قدرة الحكومة على الايفاء بالتزاماتها
عماد الرجبي- بوابة اقتصاد فلسطين
أسباب الأزّمة المالية التي تمر بها الحكومة كثيرة، احدها: الخروقاتُ في عقود موظفيّ الخدمة المدنية؛ التي تؤدي إلى هدّر المال العام، والالتفاف على جدول رواتب الموظفين، حسب ما كشفت ورشة عمل عقدتها شبكة الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – أمان.
الورشة التي طغى عليها عنصر الهدوء في البداية، استطاعت الأمثلة المؤلمة التي ضُربت، أن تكسر الصمت وتخلط أصوات الحاضرين، ذُهولا، مما سمعوه. حتى أن القائمين على الورشة، تفاجؤوا مما تتحدث به بعض المشاركين الحاضرين من الوزارات والمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، الذين أكدوا: وجود هدر في المال العام وعدم حفظ لحقوق العاملين على بند العقود وازدواجية في العمل.
قرار 335
النقاش، بدأ من قرار رقم 335 لسنة 2005 الخاص بالخبراء الذين يحصلون على رواتب عالية والإشكاليات التي تشوبه، مثل: أن القرار لم يوضح معنى "خبير" بشكل صريح، إضافة إلى أن شروط تعيين "الخبير" هي ذاتها التي تنطبق على الأشخاص المتعاقد معهم لفترة محددة لشغل وظيفة موسمية أو عارضة كإجازة الأمومة أو البدل، يتحدث المستشار القانوني لائتلاف أمان، بلال البرغوثي.
ومع أن قرار 335 من إحدى أهدافه ترشيد الأموال من خلال تحديد جهات المصادقة على العقود، لكنه لم يضع سقفا للرواتب، وهذه احدى اشكالياته. وينص نظام القرار على منح صلاحية للوزير التوقيع على العقود التي لا تزيد عن 1500 دولار فيما يختص رئيس الوزراء بالتوقيع على العقود التي تزيد عن ذلك.
وفي خرق آخر للقوانين، وجدت "أمان" التفافا على التعيينات الحكومية من خلال: توظيف أشخاص على بند العقود المؤقتة لعشرات السنوات بدلا من توظيفهم ضمن جدول تشكيلات الوظائف الحكومية. ويُعتبر هذا خرقا واضحا في قرار مجلس الوزراء بمنح الأولوية في التعيين في الوظيفة العامة لموظفي العقود، رغم أن هذا القرار يمثل خرقا واضحا لموضوع المنافسة وتكافؤ الفرص لمن هم خارج المؤسسة الحكومية، إضافة إلى قرار مجلس الوزراء بوقف التعاقد مع المتقاعدين لكن "أمان" قالت إن هنالك حالات استثنائية خرقت القانون.
هل يمكن ملاحقة الموظفين "الخبراء"؟
أكد المشاركون، أن ما يقوم به الموظفون من تقديم إجازة بدون راتب أو طلب الإعارة من وظائفهم هو أمر غير قانوني؛ لأن القانون لا يجيز للموظف أن يحصل على إجازة دون راتب وينتقل إلى عمل آخر بأي صورة كانت إنما عليه تقديم استقالة. جانب آخر من الخروقات، أنه في حال حصل الموظف على إجازة وانتقل للعمل في جهة حكومية أخرى بموجب عقد فان المادة 10 من نظام توظيف الخبراء أكدت على عدم جواز منح أجر إجمالي للخبير المحلي الذي كان يعمل في القطاع الحكومي إلا في حدود ما كان يتقاضاه من الجهة التي كان يعمل بها من أجر وبدلات وميزات مالية.
وتكمن المشكلة الرئيسية في عدم القدرة على ملاحقة من يأخذ إجازة دون راتب ويعمل كخبير بمؤسسة حكومية لعدم وجود بيانات رسمية بأسمائهم لدى الجهات الممولة إن كان لا يتم دفع مستحقاتهم عن طريق وزارة المالية، حسب ما أجمع المشاركون.
وعن إمكانية الحديث مع الجهات المانحة لتزويد الحكومة بأسماء الموظفين لديها، قال عزمي الشعيبي، مستشار مجلس إدارة أمان لمكافحة الفساد، بالامكان، من خلال قانوني تسجيل المؤسسات الاجنبية وضريبة الدخل.
خروقات ليست بالبال
لم تكن هذه الأمثلة الصادمة التي كسرت صمت الحاضرين في بال الكثير من الحضور. قال أحد المشاركين القانونيين إن احد الموظفين، عين كخبير في احدى المؤسسات الحكومية على نظام 335 بين الأعوام 2007-2014 براتب شهري 20 ألف شيقل مشيرا إلى أن أحد بنود العقيد تفيد بأن الراتب مشمول بنهاية الخدمة، ورغم دفع كافة مستحقاته رفع الخبير دعوى ضد المؤسسة وحصل على اتعابه كاملة! والسبب في ذلك حسب القانونيين؛ أن قانون العمل يعتبر الاتعاب أمرا لا جدال فيها والأمور الأخرى تعتبر ميزات. وهنا، يطرح سؤالا هاما، من كَتب نص العقد، هل هو قاصد أن يأخذ الخبير الأتعاب في نهاية عمله رغم أن نص الاتفاق يقول أنه نهاية الخدمة مشمولة بالراتب؟ أو أن من كتب الصيغة القانونية هو أصلا غير كفء من الناحية القانونية؟!
وقالت مشاركة تعمل في وزارة حكومية، إن هناك موظفون يعملون على بند المياومة ولا يوجد لديهم عقد ولا حقوق. وأكدت أنه في حال تم فصلهم لن يأخذوا حقوقهم في حال لم يكن لديهم اثبات بفترة عملهم، متسائلة "ماذا لو كان المدير يكره الموظف!"
ومن أكثر الخروقات التي كانت صادمة، نقلت إحدى المشاركات عن تقرير رسمي: الكشف عن استمرار صرف رواتب بعض موظفي العقود بعد تاريخ وفاتهم، حيث لم تتخذ الوزارات والمؤسسات العامة الإجراءات اللازمة لمتابعة رواتبهم، وجود بعض عقود الموظفين في المؤسسات والوزارات تاريخ بدايتها يسبق تاريخ تحريرها، وجود موظفين على نظام العقود يتقاضون رواتبهم من وزارة المالية دون إبرام عقد عمل وفق الأصول، تعيين موظفين على عقود عمل خلافا للمادة 27 من قانون الخدمة المدنية وتعديلاته، وجود تباين في رواتب العقود المبرمة لنفس المسمى الوظيفي الواحد من وزارات أخرى، غالبية العقود المبرمة لا تتوافق مع الاحكام الناظمة مع التعاقد في اشغال وظائف بصفة مؤقتة او عارضة او موسمية بموجب قرار 335، لا يوجد بطاقة وصف وظيفي لبعض الوظائف التي تم شغلها بصفة خبير ، لم تلتزم بعض المؤسسات والوزارات بموافقات ديوان الموظفين بكافة البيانات والشروط والخبرات المطلوب توافرها في الخبير المرشح لشغل الوظائف.
مع أن هدف "أمان" من الورشة محاولة الخروج بتوصيات من اجل تقنين هدر المال العام غير أن المشاركين أجمعوا على أن ما يحصل هو ظلم يجب أن ينتهي، حيث إن اختلاط عقود العمل خاصة 335 الذي لم يحدد معنى الخبير بالشكل الصريح وإعطاء افضلية لموظف على آخر بالأموال والصلاحيات جعل الاستثناء هو الأصل بدلا من العكس.