غزة: تسريح آلاف العمال نتيجة منع الاستيراد والتصدير
تضع إسرائيل أكثر من 200 صنف من البضائع المتنوعة على قائمة الممنوعات أغلبها مواد خام وتدخل في الصناعات المعدنية ولا يسمح بدخولها إلى قطاع غزة بحجة الاستخدام المزدوج.
لا يجد العامل الفلسطيني أمجد عاشور ما يفعله منذ أن تم تسريحه من عمله لدى شركة لإنتاج الأثاث المحلي في قطاع غزة بعد حظر إسرائيل لأنشطتها بالاستيراد والتصدير.
ويشتكى عاشور في منتصف الثلاثينات من عمره بأنه بات لا حول له ولا قوة في تلبية احتياجات عائلته المكونة منذ خمسة أفراد في ظل شبه انعدام فرص العثور على عمل جديد في قطاع غزة المنهك اقتصاديا.
وتم تسريح عاشور مع 34 عاملا آخرين هم إجمالي العاملين في مصنع يتبع لشركة (مشتهى) لصناعة الأثاث والموبيليا في المنطقة الصناعية شرق مدينة غزة.
ويقول عاشور إن إدارة الشركة أبلغتهم بتسريحهم من العمل حتى إشعار آخر بسبب توقف عمل المصنع نتيجة منع إسرائيل الشركة من استيراد الأخشاب أو تصدير منتجاتها للخارج.
ويقول مدير الشركة زايد مشتهى، إن قرار السلطات الإسرائيلية بحظر عمل الشركة من الاستيراد أو التصدير بمثابة الكارثة لهم بعد أن جمد كافة أنشطتها وباتت مهددة بالإفلاس.
ويوضح مشتهى، أن الشركة أبلغت من الارتباط المدني الفلسطيني في نوفمبر الماضي بوقف أي شحنات أخشاب تصل لصالحها عبر معبر (كرم أبو سالم/كيرم شالوم) "لاعتبارات أمنية مجهولة" بالنسبة لهم.
ويشير مشتهى، إلى أن القرار تضمن منع الشركة من تصدير منتجاتها من الموبيليا والأثاث المنزلي إلى أسواق الضفة الغربية من خلال نفس المعبر وما يعني تجميد أنشطة الشركة وتسريح جميع عمالنا.
وبدأت إسرائيل بفرض قيود مشددة على توريد الأخشاب إلى قطاع غزة عقب هجومها العسكري الأخير عليه في صيف عام 2014 بدعوى استخدامها في بناء أنفاق أرضية تستخدم لهجمات ضدها.
وبموجب ذلك تم حظر عمل عدة شركات رئيسة تستورد الأخشاب والإبقاء على شركتين فقط تعملان في هذا المجال مع تضييق مجال عملهما من ناحية الأنواع والأصناف المسموح باستيرادها.
وبحسب مستوردين محليين كان قطاع غزة يستقبل 200 متر مكعب يوميا من الأخشاب المستخدمة في قطاع البناء، لكن تلك الشحنات تقلصت بشكل كبير بسبب الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة.
وكان يصل شركة مشتهى نحو ست شاحنات محملة بالأخشاب بمواصفات متنوعة يوميا يتم استيرادها من الصين واليونان واندونيسيا والهند وإيطاليا ودول أخرى.
ويقول مشتهى إنهم يواجهون خطر فقدان ما صنعته شركتهم من امتيازات تجارية على مدار سنوات عملهم الطويلة بسبب الحظر الأمني الإسرائيلي على أنشطتهم.
ويضيف أنه يعمل في مجال الصناعات الخشبية (أثاث وموبيليا) في قطاع غزة حوالي عشرة آلاف شخص، بات أكثر من ثلثيهم عاطلين عن العمل نتيجة إجراءات المنع الإسرائيلي.
ويعتبر مشتهى، أن "إسرائيل تتذرع بالأمن لمحاربتنا في لقمة عيشنا، فيما هي عمليا تقوض اقتصادنا وكل أنشطتنا التجارية كما أنها تعزلنا عن أي تعاملات لنا مع العالم الخارجي".
واشتكى تجار ورجال أعمال في غزة خلال الأشهر الأخيرة من "فرض إسرائيل المزيد من التعقيدات والقيود على حركة استيراد البضائع، وتقليص قائمة مواد الخام التي يسمح بدخولها إلى القطاع".
ويشير هؤلاء، إلى أن قائمة حظر عمل الشركات لا تشمل تلك العاملة في استيراد بضائع ممنوع دخولها بحجة الاستخدام المزدوج وتشتمل على عشرات الأصناف فحسب، بل تمتد حتى لشركات استيراد أجهزة الكمبيوتر والاتصال اللا سلكي والكوابل.
وبموجب هذه الإجراءات تم حظر عمل شركة (القدس لتكنولوجيا المعلومات) التي تعمل في غزة منذ عام 2002 في مجال استيراد وتسويق كل ما يتعلق بقطاع تكنولوجيا المعلومات من كمبيوترات وكوابل وسيرفرات.
ويقول مدير الشركة أيمن بكرون ل((شينخوا))، إنه تم حظر أي أنشطة لشركته عبر معبر كرم أبو سالم منذ أغسطس من العام الماضي "من دون تقديم أي إيضاحات له عن أسباب ذلك".
ويضيف بكرون، أن شركته "كانت تستحوذ على نحو 35 في المائة من سوق تكنولوجيا المعلومات في قطاع غزة حتى صدر قرار الحظر الإسرائيلي ضدها ليصيبها بشلل أنشطتها ويهدد بتقويض مكانتها كليا".
ويعتبر بكرون، أن مكمن أزمة شركات قطاع غزة "هو أن التعامل معها يتم فقط من خلال جهاز المخابرات الإسرائيلي، والتحكم في أنشطتها يقتصر على اعتبارات أمنية مجهولة بالنسبة إليهم".
من جهته يقول مصدر في الارتباط المدني التابع للسلطة الفلسطينية ل((شينخوا))، إن السلطات الإسرائيلية "لا تقدم لهم أي إيضاحات بشأن إجراءاتها تجاه شركات الاستيراد أو التصدير في قطاع غزة".
ويضيف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن السلطات الإسرائيلية "تكتفي بإرسال كشوفات أسبوعية لهم لمن يتم السماح لهم بالاستيراد والتصدير، ومن يتم حظره لاعتبارات أمنية بالضلوع بنشاطات إرهابية".
ويعتبر وكيل وزارة الاقتصاد الفلسطينية في غزة حاتم عويضة، أن إسرائيل "تعمل على مأسسة الحصار" على غزة وجعل حظر دخول عشرات السلع والبضائع من المواد الخام أمرا واقعا لتدمير اقتصادها.
وينبه عويضة في تصريحات ل((شينخوا))، إلى أن إسرائيل تتعامل مع قطاع غزة "بقوائم ممنوعات طويلة" تسببت بتوقف العجلة الاقتصادية وتعطيل آلاف العمال والقطاعات الصناعية والإنشائية وعشرات المصانع.
ويوضح أنه يتم وضع أكثر من 200 صنف من البضائع المتنوعة على قائمة الممنوعات أغلبها مواد خام وتدخل في الصناعات المعدنية ولا يسمح بدخولها إلى قطاع غزة بحجة الاستخدام المزدوج.
كما يشير عويضة، إلى أن إسرائيل منعت خلال العام الماضي ما يزيد عن 90 شركة وتاجر من إجراء تنسيقات لإدخال ما يستوردونه من بضائع مختلفة إلى غزة رغم أن الكثير من هذه البضائع لا تندرج في قائمة الممنوعات.
(شينخوا)