الرئيسية » محلي »
 
24 شباط 2016

مؤتمر الفريق الأهلي: أزمة ثلاثية الابعاد في الموازنة

مؤتمر "أزمة إدارة المال العام المتوفر: التقشف ضرورة والترشيد اساس" الذي عقده الفريق الأهلي لأمان اليوم خرج بنقاط ضعف متعاقبة في هيكلية الميزانية العامة في جوانب عدة، كموضوع صافي الاقراض وفاتورة الرواتب والدين العام.

\

تحت عنوان "أزمة إدارة المال العام المتوفر: التقشف ضرورة والترشيد اساس" عقد الفريق الاهلي لدعم شفافية الموازنة الذي يمثل ائتلاف أمان السكرتاريا التنفيذية له، المؤتمر الاهلي حول الموازنة العامة بهدف تعزيز شفافيتها ورفع وعي المواطن الفلسطيني حولها.
افتتح المؤتمر د. جورج جقمان باسم مجلس ادارة ائتلاف امان مستشهدا بإضراب المعلمين الاخير كدليل اضافي على أن المواطن يعتبر ان الاطلاع على المعلومات المالية المتعلقة بالموازنة حق له.

وتطرق جقمان إلى أثر غياب المجلس التشريعي على جهود الشفافية، ذلك لأن تعطله لما يقارب 10 سنوات أدى إلى الاخلال بمهمتيه الرئيسيتين وهما: إقرار التشريعات التي ستنظم وتحكم حياة المواطنين، والرقابة على عمل السلطة التنفيذية والتي لا توجد لديها الصلاحية لتحديد أولويات الموازنة لوحدها، لأن هذا يعني تحديد الأولويات التي تخص المجتمع ككل، وتخص بشكل مؤسساتي، المجلس المنتخب لهذا الغرض.
من جهة أخرى عرض الفريق الاهلي رؤيته التحليلية لمدى التزام الحكومة بتطبيق موازنة 2015 واهم الانجازات والاخفاقات التي واجهتها، كما استعرض موقفه من موازنة 2016 التي اعتُمدت دون اي اشراك للمجتمع المدني فيها. وتركز موقف الفريق الاهلي على بندي صافي الاقراض الذي يعاني من عدم وجود بيانات دقيقة تفسر الفجوة بين المقدّر والمتحقق، وبند فاتورة الرواتب انطلاقا من احدث احصائيات وزارة المالية باستخلاص وجود حاجة شديدة لقراءة متأنية تزيل الابهام والغموض من الارقام المتعلقة بفاتورة الرواتب في الموازنة.
اعضاء المجلس التشريعي من مجموعة العمل المتعلقة بالشأن المالي والاقتصادي شاركوا بالمؤتمر بعرض موقف المجموعة من موازنة 2016 والذي تمثل بعدد من التوصيات المتعلقة بالايرادات والنفقات كالتركيز على توسيع الوعاء الضريبي، التطبيق التدريجي لتعديل الرسوم الحكومية، تكثيف الجهود مع الدول المانحة ومعالجة الملفات العالقة مع الجانب الاسرائيلي فضلاً عن ضرورة تبني سياسة تقشفية، وسياسة للحد من التعيينات اضافة إلى ضمان عدم تراكم اي متأخرات للقطاع الخاص.

صافي الاقراض مُستمر في استنزاف الموازنة العامة

خصصت الجلسة الاولى لمناقشة بند صافي الاقراض الذي اضحى عبئاً ثقيلا على الموازنة العامة ومعضلة عصيّة على الحل الجذري، ويعود هذا إلى تخلّف بعض الاطراف مثل الهيئات المحلية وشركات توزيع الكهرباء ومصالح المياه عن دفع الفواتير لصالح الجهات الموردة بشكل أساسي.
ومن خلال التحليل التاريخي لـصافي الاقراض منذ البدء برصده بشكل دقيق اشار الفريق الاهلي إلى انه قد استهلك منذ عام 2003 ولغاية 2014 مبلغ (3,584.4) مليار دولار، وبلغ معدل نسبة صافي الاقراض من اجمالي نفقات الموازنة العامة (11.31%) على مدار الاثني عشر عاما الماضية.
شارك في هذه الجلسة كل من د.سمير عبدالله مدير البحوث في معهد ماس ود.عادل الزاغة الخبير الاقتصادي والمحاضر في جامعة بيرزيت، وقد يسر هذه الجلسة د. عزمي الشعيبي مستشار مجلس ادارة امان لشؤون مكافحة الفساد.

واعتبر د. سمير عبد الله ان صافي الاقراض هو المصطلح المحسن لما وصفه بصافي الاستحواذ و"السلبطة" على المال العام، مشيرا إلى ان هذه الحلقة تبدأ من منتج الخدمات (الماء والكهرباء) مرورا بالموزعين (شركات او بلديات) انتهاءً بالجمهور الذي يُتهم انه لا يقوم بدفع ما عليه، لتقوم اخيرا الشركة الاسرائيلية المقدمة للخدمة بالمطالبة بخصم قيمة هذه الخدمات من فاتورة المقاصة. واكد عبد الله ان هذا البند في حال مراجعته وحله الذي يحتاج إلى ارادة سياسية سيوفر لصالح الخزينة ما قيمته 80% من قيمة العجز الحالي.

واتفق د. عادل الزاغة مع ما تقدم مؤكدا ان الشركات المحتكرة لخدمات الماء والكهرباء لا تحظى بالدعم الحكومي الكافي، فضلا عن تخلف بعض البلديات وسلطات الحكم المحلي عن قيامها بوظيفة الجباية الخاصة بهذه الخدمات. وشدد الزاغة على ان الحكومة لا تقوم بترتيب الاولويات بحيث ان الجزء الاعظم من صافي الاقراض والذي يخصم من المقاصة يذهب للكهرباء والمياه واصفا واقع الحال بمحاولة سرقة المال العام بحجة عدم المقدرة على الدفع لعدد من المناطق الجغرافية منتقداً سياسية الحكومة في معالجة صافي الاقراض بتحميل الهيئات المحلية عبئاً يؤدي الى اضعاف اللامركزية المالية التي تعاكس سياسة الحكومة المعلنة بتعزيز اللامركزية الاقتصادية.
وخلصت الجلسة الى مجموعة من التوصيات كان اهمها تفعيل تنظيم قطاع الكهرباء عبر الالتزام بالإطار القانوني والمؤسسي، عقد اتفاقيات مركزية بين السلطة والشركة الاسرائيلية اضافة إلى تخصيص الموازنات اللازمة لاعادة تأهيل الشبكات الحالية وتكثيف استخدام نظام عدادات الدفع المسبق فضلا عن تكثيف استخدام مصادر الطاقة البديلة لتقليل فاتورة الكهرباء من المزود الإسرائيلي.

فاتورة الرواتب بحاجة الى تنقية

اما الجلسة الثانية فقد خصصها الفريق لمناقشة قضية تنقية فاتورة الرواتب التي لا زالت تحظى بنصيب الأسد في باب النفقات في الموازنة العامة على مدار سنواتها المختلفة؛ حيث تشكل 50.37% من إجمالي النفقات الجارية وصافي الإقراض في الموازنة العامة 2015، وما نسبته (53.35%) من اجمالي النفقات الجارية المقدّرة في موازنة العام 2016. وعليه طرح الفريق الاهلي الالية المطلوبة لتنقية فاتورة الرواتب بالطريقة التي تحمي حقوق الموظفين ذوي الرواتب المنخفضة.
شارك في هذه الجلسة د. نصر عبد الكريم الخبير الاقتصادي والذي ساهم في اعداد دراسة التقشف لصالح الفريق الاهلي اضافة الى د.عمار دويك مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، وقد يسر هذا اللقاء عضو الفريق الاهلي د. عصام عابدين.
د. نصر عبد الكريم بدأ حديثه بالتأكيد على ان الاشكالية لا تكمن في حجم فاتورة الرواتب وانما في عدم نقاء هذه الفاتورة وعدم العدالة فيها مستشهدا بوجود عدد من الموظفين ممن يتقاضون رواتب اكثر او اقل مما يستحقون، وان صناعة القرار المتعلق بالتعيين لا يستند إلى المنافسة بقدر ما يتأثر بما وصفه بسياسة (الاستزلام والاسترضاء).

اما د. عمار الدويك فانطلق من أزمة المعلمين وكيفية ادارة الحكومة لها باستخدام الامن والمساجد والحواجز بعيدا عن الحوار معتبرا انها تدار بشكل خطير يهدد السلم المجتمعي. واكد الدويك ان مشكلة الرواتب تتمثل في عدم عدالة التوزيع الذي يؤدي إلى التدني الشديد لرواتب الفئات الدنيا، فضلا عن عدم تكافؤ الفرص في التنافس على الوظيفة، منتقلا إلى موضوع التعيينات في الفئات العليا والتي يتم فيها التوظيف بالتنسيب، فضلا عن التحايل على مبدأ التنافس من خلال التوظيف على العقود.

وخرجت الجلسة بتوصيتين رئيستين تتمثلان بإنهاء ظاهرة الموظفين الذين يتقاضون رواتب خارج التشكيلات الادارية، ووقف العمل بسياسة التعيين بالعقود المؤقتة، فضلا عن تسوية اوضاع الموظفين الذين لا زالوا يمارسون وظائف خاصة إلى جانب وظائفهم الحكومية.

غياب سياسة مالية واضحة وخطة لحل مشكلة صندوق التقاعد

اما الجلسة الثالثة فقد ركزت على موضوع الدين العام واثره على صندوق التقاعد، حيث اشارت ميسرة هذه الجلسة لميس حنتولي- عضو الفريق الأهلي الى انه لا توجد تفاصيل في بيانات الموازنة العامة 2016 عن الديّن العام الذي ارتفع حتى تاريخ 30/11/2015 بشكل لافت وبلغ (9,695.4) مليون شيكل ما يعني ارتفاعا قدره (1,049.3) مليون شيكل خلال احد عشر شهرا. وقد شارك في هذه الجلسة د.عمر عبد الرازق الذي ركز على اثر السياسات المالية الفلسطينية على زيادة الدين العام ود.عاطف علاونة الذي توقف عند اثر الدين العام على صندوق التقاعد والمعاشات.

من جهته أكد د.عمر الرازق على عدم  وجود سياسة مالية واضحة للحكومة الفلسطينية مع وجود خلل في السياسة المالية للسلطة فيما يتعلق بمسألة الدين العام تتمثل في عدم توفر المعلومات الكافية عن قيمة الدين الذي بلغ مؤشره 54% من الناتج المحلي، اضافة إلى تراكم القروض غير المسددة لجهات محلية ودولية منذ عام 2007. وأشار الى وجود ثغرة تتعلق بعدم وجود ارقام حقيقية موحدة لقيمة الدين العام.

من جانبه استهل د.عاطف علاونة مداخلته بالتطرق للسياق التاريخي الخاص بصندوق التقاعد منذ عام 1994، حيث بلغ حجم الديون المتراكمة في حينه ما قيمته 700 مليون دولار، ما دفع السلطة للشروع في مهمة الاصلاح لهذا القطاع. واعتبر علاونة أن الاصل في الحل هو ان يتم تحويل اموال المتقاعدين من وزارة المالية الى هيئة التقاعد بشكل مباشر، علما بأن استثمارات المتقاعدين في الدول الاخرى تشكل 80% من قيمة ايرادات صندوق التقاعد، مؤكدا ان وزارة المالية حرمت المتقاعدين من استثمار مستحقاتهم، ووضعتهم في درجة ادنى من الموظفين العاديين حيث يتم دفع رواتبهم مباشرة من قبل وزارة المالية وليس من صندوق التقاعد في مخالفة واضحة للقوانين المالية المعمول بها في فلسطين. وشدد علاونة على ضرورة وضع خطة ايجابية يتم فيها احتساب حقوق المتقاعدين المتراكمة وعدم ربط مستحقاتهم بالوضع المالي للسلطة، لأنهم استمروا بدفع تلك الاموال طوال فترة حياتهم الوظيفية، موجها انتقادا لوزارة المالية لانها تماطل في حل الازمة القائمة بينها وبين المتقاعدين وتتبع سياسة تأجيل حل المشكلة.

وفي ختام المؤتمر لخصت منسقة الفريق الاهلي لدعم شفافية الموازنة العامة الآنسة هامة زيدان من ائتلاف امان ابرز الاستنتاجات والتوصيات التي خرجت بها الجلسات الثلاث والتي سيتبناها الفريق الاهلي وسيتابع اليات الضغط المناسبة لضمان تبنيها من قبل الحكومة الفلسطينية، والتي تمثلت ب:

• إعداد موازنات تفصيلية للأجهزة الأمنية كل على حده، ومن ثم إدراجها في موازنة وزارة الداخلية أو مكتب الرئيس حسب تبعيتها الادارية.
• تفعيل تنظيم قطاع الكهرباء في المناطق الفلسطينية عبر الالتزام بالإطار القانوني والمؤسسي الناظم لهذا القطاع.
• ضرورة إقرار قانون يعتمد نظام تأمين صحي شامل كفؤ وفعال من حيث الموارد والتغطيات، مع قيام مجلس الوزراء بإصدار الأنظمة المتعلقة بالتحويلات الطبية.
• الطلب من الرئيس تشكيل لجنة من رئاسة الوزراء، وزارة المالية، ديوان الموظفين والصندوق القومي لمراجعة هيكليات وزارة الخارجية والسفارات واعداد العاملين فيها ونفقاتها التشغيلية والامتيازات الممنوحة للعاملين فيها.
• تحديث قاعدة البيانات المركزية لوزارة الشؤون الاجتماعية، وبما يضمن تقليل الأخطاء والحد من الازدواجية في تقديم المساعدات.
• احترام حق المواطن في تقلد الوظائف العليا بغض النظر عن توجهاته ولونه السياسي، وتشكيل لجنة وطنية عليا لضمان ذلك.
تجدر الاشارة إلى ان كافة التقارير والدراسات التي عرضت في المؤتمر ستكون متاحة للجمهور على الموقع الالكتروني لائتلاف امان.

بوابة اقتصاد فلسطين

مواضيع ذات صلة