الرئيسية » في دائرة الضوء »
 
03 شباط 2016

المخلفات السامة لمعاصر الزيتون تعبث بالبيئة الفلسطينية

يعد قطاع الزيتون من أهم المحاصيل المنتجة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وتقدر المساحة المزروعة بأشجار الزيتون حوالي (462,823) دونماً، وفيها (7,596,562) شجرة، أي ما نسبته (84.6 %) من إجمالي المساحة المزروعة بالأشجار المثمرة في الأراضي الفلسطينية. ويعتبر محصول الزيتون من أهم المحاصيل الزراعية المنتجة، ويبلغ معدل الإنتاج السنوي من محصول الزيتون وزيت الزيتون(120) ألفاً و(24) ألف طن على التوالي في الضفة الغربية.

\

يعدُّ زيت الزيتون غذاء صحياً غنياً بالدهون المفيدة والفيتامينات. كما يستفاد من الزيتون للأكل، ومن وأخشابه وأوراقه التي تعرف طبياً بفوائدها العديدة حيث يمكن نقعها وشرب مائها بعد غليها، ويعتبر عصير أوراق الزيتون ومسحوقها مضاداً حيوياَ للفيروسات.
 
المخلفات السامة لمعاصر الزيتون تتدفق في الوديان والأراضي المفتوحة
 
صناعة ملوثة جدا
 
تقول الباحثة والمختصة البيئية د. كفاية ابو الهدى أن عملية عصر الزيتون من الصناعات الملوثة جداً، ويتولد عنها نوعان من النفايات، الأولى نفايات سائلة سوداء اللون لزجة تسمى (بالزيبار)، والثانية نفايات صلبة تسمى (بالجفت) الذي يستخدم معظمه في التدفئة وفي صناعة الأعلاف وغيرها، بالاضافة إلى أوراق شجر الزيتون.
وتكمن خطورة مخلفات معاصر الزيتون حسب ابو الهدى في التخلص العشوائي منها، كونها تحتوي على كميات ضخمة من الملوثات والتي تشكل خطراً داهماً على البيئة وعلى التربة والمياه الجوفية والسطحية والينابيع، بالإضافة إلى تأثيراتها السلبية على الهواء.
 
استهلاك كميات كبيرة من المياه
 
وبينت نتائج دراسة أعدتها د. ابو الهدى بعنوان " تقييم ادارة مخلفات معاصر الزيتون في شمال الضفة الغربية باستخدام نظم المعلومات الجغرافية" أن صناعة استخراج زيت الزيتون تستهلك كميات كبيرة من المياه في فترة لا تزيد عن ثلاثة اشهر بالسنة، تبدأ من شهر اكتوبر وتنتهي بشهر كانون أول، وقد بلغ إجمالي كمية المياه المستهلكة في معاصر الزيتون في شمال الضفة الغربية حوالي 70 ألف م3، منها نحو 1000 م3 في المعاصر التقليدية ونحو 69 ألف م3 في المعاصر الأتوماتيكية للعام الزراعي 2014.
  
عدد المعاصر في الضفة
 
تشير د. ابو الهدى الى وجود (222) معصرة زيتون عاملة للعام الزراعي 2009 في الضفة الغربية، وأغلبها تتركز في محافظات شمال الضفة الغربية، حيث يوجد 158 معصرة عاملة في شمال الضفة، التي تتركز أغلبها في محافظات جنين وطوباس ونابلس.
وقد تناقصت أعداد معاصر الزيتون، بسبب قطع الأشجار وتجريف الأراضي من قبل المستعمرين الإسرائيليين، وتناقصت الأراضي المزروعة بسبب تآكلها بفعل الجدار الفاصل الذي التهم مساحات واسعة جدا من الأراضي المزروعة، مقارنة بعام 1997 حيث كانت توجد (402) معصرة زيتون حسب د. ابو الهدى.
 
تجارب المعاصر مع المخلفات
 
أما عن آلية التعامل مع مخلفات عصر الزيتون في المحافظات الفلسطينية فالتجربة ذاتها تقريبا في كل المحافظات. يقول عصام باجس صاحب معصرة بدو لعصر الزيتون أن مخلفات معصرته مكونة من الجفت والزيبار والمياه العادمة، ويتخلص منها في حفرة للنفايات بالقرب من المعصرة، والتي تُفرّغ بشكل دوري عبر "شفاطات" تسحب المياه الملوثة في صهاريج الشاحنات التي تتخلص منها.. لكن أين؟ سؤال لا يقع ضمن اهتمامه.
 
أما خالد اللفتاوي صاحب معصرة زيتون فيقول ان للجفت ممره الخاص، ويتم سحب المخلفات وكبها في "مكب خاص".
فيما يشير فياض فياض مدير عام اتحاد جمعيات عصر الزيتون، إلى التجربة الفلسطينية في التخلص من المخلفات، حيث تقوم كل مدينة أو قرية بالتخلص منها بما هو متاح، فهناك من يلقيها في الحفر الامتصاصية، ومنها ما يتم التخلص منه في الوديان، وأخرى في شبكة المجاري.

وهذا ماأكدته د. أبو الهدى، التي أوضحت أنه يتم التخلص من الزيبار بتجميعه في حفرة صماء، وبعد ذلك يتم تفريغها وإلقاؤها في المناطق المجاورة والاراضي البور، او التخلص منها في الأودية المجاورة مباشرة، أو في شبكات الصرف الصحي مباشرة بدون أي معالجة.
وأوضح الخبير في المجال الزراعي د.فارس الجابي أن كل معاصرنا تستخدم تقنية "2 phases"، أي يتم إنتاج الزيت لوحده، والجفت والزيبار لوحدهما، بينما دول العالم تستخدم معاصر "3 phases"، أي يتم إنتاج الزيت لوحده والجفت لوحده، والزيبار لوحده.
 
زيبار الزيتون في مجاري مياه الأمطار
 
المخلّفات بالأرقام
 
وحسب الدراسة فقد بلغت كمية المياه العادمة (الزيبار) الناتجة عن معاصر الزيتون في الضفة الغربية وشمال الضفة الغربية للعام الزراعي 2014 لكل طن من الزيتون على التوالي 1085.7 م3 و682.4 م3 .
أما بالنسبة لكمية الجفت الناتجة عن معاصر شمال الضفة الغربية للعام الزراعي 2014 وهي (31.61 طن)، وكمية الورق الناتجة عن المعاصر لمنطقة الدراسة (350.04 كغم) لنفس العام الزراعي.
 
الفينول وخطورته على البيئة
 
تتميز المياه العادمة الناتجة عن معاصر الزيتون بأنها شديدة التلوث، كما توضح د. ابو الهدى، حيث ترتفع فيها نسبة المواد العضوية، ويشكل الفينول الموجود في مياه الزيبار خطورة على البيئة، لما له من خصائص كيميائية يجعله عصيًا على ما قد تقوم به الطبيعة أو ما يقوم به الإنسان من عملية إزالة التلوث بالطرق العادية، كما ترتفع نسبة الفينولات المضادة للبكتيريا السامة في الزيبار الناتج عن معاصر الزيتون.
 ويبلغ معدل الفينول 0.5-2.4 غرام/لتر حسب الدراسة، وتتركز كمية الفينول الكلي في منطقة الدراسة إلى اكثر من 2000 ملغم / لتر ومن المفروض ان لا تزيد نسبة الفينول عن 50 ملغم.
ويقدر معدل نسبة الأكسجين الحيويBOD  الموجود في الزيبار(45624.7) ملغم/لتر، ومعدل الأكسجين الكيماوي COD (8999.7)ملغم/لتر، كما ترتفع إجمالي المواد العالقة TSS لتصل إلى (16963.7) ملغم/لتر، ومعدل إجمالي النيتروجين (527) ملغم/لتر، ومعدل إجمالي المواد الذائبة العالقة TDS (35212.7) ملغم/لتر.
 
التخلص منها
 
يقولمدير دائرة الصحة والبيئة ابراهيم عطية انه من المفروض ان يكون لكل معصرة حفرة امتصاصية، مشيرا الى أن التخلص من محتوى الحفرة يمثل المشكلة، فأينما يتم التخلص من المخلفات تكون هناك مشكلة، سواء في الوديان او المساحات المفتوحة، فهذه المخلفات مدمرة للتربة وتسبب التلوث البيئي ولم تجد لها الدراسات البيئية أي حلول جذرية.
ويضيف أن المشكلة موجودة في كل الأماكن حتى في الدول العربية كالأردن وتونس، رغم أنها تمتلك محطات تنقية، الا اننا في فلسطين نتخلص من هذه النفايات بنحو 90% في الوديان.
ومن ناحيته يستشهد فياض بالدول المجاورة، ففي الأردن يتم التخلص من هذه المخلفات في مكب معين، حيث ينقل الزيبار لهذا المكب، إلا أن ذلك يكلف الدولة أكثر من عصر الزيتون.
 
استخدامات ممكنة
 
ويقول فياض ان الزيبار اذا تم استخدامه في التربة والارض بشكل جيد فهو مفيد، فكل دونم يستوعب 8 كغم من الزيبار كسماد، ومبيد طبيعي يقضي على الأعشاب السامة. وأشار إلى أن بعض البلديات تمنع ربطه مع المجاري، وهذا الأمر يعود لها.
 
أما الجابي فيقول انه يمكن استخدام الزيبار وتصنيع مبيدات أعشاب منه كما يستخدم للري وغيره، لكن العالم كله لم يجد حلا جذريا للمخلفات السائلة تحديدا، فالجفت كمخلف صلب ظهرت مصانع تقوم بكبسه لاستخدامه كوقود، ولا مشكلة مع الصلب من المخلفات، بينما بقيت المشكلة في الزيبار.
 
توصيات للتعامل مع المخلفات
 
د. ابو الهدى توصي من جهتها باستحداث سياسة لادارة ورصد المياه العادمة والزيبار الناتج عن معاصر الزيتون للتعرف على نوعية الزيبار وتركيز نسبة التلوث فيه من أجل إدارة جيدة لمخلّفات المعاصر، واجراء الفحوصات الدائمة والدورية له، كما توصي الدراسة بإجراء المزيد من البحوث والدراسات الخاصة في هذا الموضوع من أجل الارتقاء بمستوى إدارة مخلفات معاصر الزيتون.

كما توصي الباحثة باجراء معالجة للمياه العادمة والزيبار الناتج عن معاصر الزيتون من أجل إعادة استخدام المياه المعالجة في فلسطين .

آفاق البيئة والتنمية
 

 

مواضيع ذات صلة