الرئيسية » محلي »
 
21 كانون الثاني 2016

الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة يحلل الموازنة العامة 2016

دراسة تحليلية رأت أن موازنة 2016 افتقرت إلى الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي تنوي السلطة الوطنية الفلسطينية من خلالها تحقيقها كلياً أو جزئياً، ولا على ذكر الاعتبارات التي حكمت أولويات الإنفاق وحجومها، كما أنها افتقرت الى حق المجتمع المدني والمواطن الفلسطيني بالاطلاع عليها قبل اقرارها، اضافة الى افتقارها الى النهج التشاركي الذي اعلنت الحكومة مرارا وتكرارا التزامها بها.

\

عقد الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة لقاءً أولياً لنقاش تحليل الموازنة العامة المقرة للعام 2016 في مقر إئتلاف أمان (سكرتاريا الفريق الأهلي) برام الله وغزة عبر تقنية الفيديو كونفرنس. واستمع الفريق إلى الدراسة التحليلية التي أعدها الباحث مؤيد عفانة لصالح الفريق الأهلي.

قانون الموازنة يفتقر الى جداول رئيسية

الدراسة التحليلية للموازنة أشارت الى أن قانون الموازنة العامة الحالي لم يتضمن بعض الجداول المؤكد عليها في نص المادة (21) من قانون تنظيم الموازنة العامة والشؤون المالية لسنة 1998، وأهمها: جدول يوضح الوضع المالي والنقدي لحساب الخزينة العامة، جدول يوضح ما للسلطة الفلسطينية وما عليها من ديون أو قروض (داخلية) قصيرة أو طويلة الأجل، والخطط المقترحة لتحصيلها أو تسديدها، جدول يوضح مساهمات السلطة الفلسطينية واستثماراتها في الهيئات والشركات المحلية وغير المحلية، إضافة إلى ذلك فإن ما أعلن عنه من مشروع الموازنة العامة 2016 لم يظهر سوى البيانات الرئيسة، دون الكشوفات أو البيانات التفصيلية.

غياب الحساب الختامي لخمسة سنوات

غياب الحساب الختامي لموازنات 2011،2012،2013،2014 وبالطبع لن يصدر الحساب الختامي لموازنة 2015 قبيل اصدار السنوات السابقة يجعل عجلة المساءلة الفعلية على ما تم انفاقه مشلولة كليا، ولن يتم التحقق من مدى الالتزام بقوانين الموازنات المقرة دون اصدار الحساب الختامي المدقق من ديوان الرقابة المالية والادارية، وعليه يستهجن الفريق الاهلي سياسة ادارة الظهر التي تتبعها وزارة المالية وعدم التزامها بتسليم التقارير المالية النهائية عن السنوات السابقة لديوان الرقابة ليقوم الاخير بتدقيقها واصدار الحساب الختامي الذي لن تصلح مساءلة الحكومة على صرف موازنتها الا من خلاله.

إزدياد عجز الموازنة المقدر وغياب خطة تقشف وترشيد حقيقية

تضمّنت الموازنة العامة 2016، كما في الموازنات السابقة، عجزا مالياً، سيتم سداد جزء منه من خلال المنح والمساعدات المالية، والتي قدّرت في موازنة العام 2016 بمبلغ (3,881) مليون شيكل، منها (2,925) مليون شيكل لدعم الموازنة العامة، ومبلغ (956) مليون شيكل للنفقات التطويرية، وجزء من خلال الاقتراض البنكي وبقيمة (975) مليون شيكل لسداد صافي المتأخرات، وابقى مقترح موازنة 2016 على مبلغ (1,508) مليون شيكل كفجوة تمويلية! واعلنت الحكومة "انها ستتخذ اجراءات تقشفية لتغطية الفجوة التمويلية، من خلال خفض النفقات الشهرية بمبالغ تتناسب والفجوة التمويلية، وعلى الرغم من ان موازنة العام 2015، تضمنت ذات الفجوة ، واعلنت الحكومة في حينها ذات العبارة "انها ستتخذ اجراءات تقشفية لتغطية الفجوة التمويلية"، الا أن ذلك لم يتم تبعاً لبيانات وزارة المالية الفلسطينية المعلنة في تقريرها الشهري التراكمي المحدّث بتاريخ 30/11/2015، ولم تُؤتِ جهود الحكومة أُكُلها لأنها لم تعتمد على خطة حقيقية للتقشف تستطيع بموجبها توفير مبلغ 32 مليون دولار شهرياً. وهنا يشدد الفريق الأهلي على أهمية تبني الحكومة لخطة التقشف التي اعدها الفريق الأهلي وأرسلت إلى الحكومة.

قطاع الحكم يحصل على نصيب الأسد من موازنة 2016

هناك تشوّه واضح في مبنى الموازنة العامة، حيث يوجد تضخم للنفقات في قطاعات على حساب قطاعات اخرى، فقطاع الحُكم على سبيل المثال تفوق نفقاته 27.5 ضعف القطاع الاقتصادي (51.35% من اجمالي الموازنة). كما ان بند الرواتب والاجور ما زال يستحوذ على حصة الاسد من الموازنة العامة، اضافة الى ان النفقات التطويرية تعاني من شح كبير خاصة المتعلقة بالقطاع الاجتماعي الذي يحصل عادة على حصة الأسد من موازنات الدول المتقدمة والذي يضم الوزارات الثلاث الاكثر تماس مع المواطنين (التربية والتعليم، الصحة، الشؤون الاجتماعية)، اضافة الى ان وجود مخصصات مالية مرتفعة جدا للنفقات التحويلية في اكثر من قطاع يخلق حالة من التداخل والضبابية في التعامل مع هذا البند الحيوي.

تحليل الإيرادات المقدرة يعتمد على المقاصة

من خلال تحليل واقع الإيرادات المحلية المتوقعة (جباية محلية + مقاصة) فان موازنة 2016 تتوقع زيادة في الإيرادات المحلية، ولكن لم توضح أسباب ذلك أو حتى آليات العمل لتحقيق تلك الزيادة، وهل بنيت على مؤشرات علمية ام أنها قياس مع السنوات السابقة. وفيما يتعلق بالمقاصّة، فان هناك قضايا هامة يجب العمل على حلّها، وعدم التسليم بالأمر الواقع نظرا لأهميتها واثرها الكبير على الموازنة العامة، خاصة وانها اضحت حاليا المصدر الاكبر لإيرادات الموازنة العامة. وهنا يشدد الفريق الأهلي على أن اعتمادنا على المقاصة يزيد من مخاطر تجميد التحويلات في أي وقت يحاول الفلسطينيين اتخاذ اجراءات سياسية تتعارض وتصطدم مع سياسة الاحتلال. ويشير الفريق الى أن التحسن في الايرادات سببه الرئيسي هو اغلاق الانفاق في قطاع غزة وزيادة قيمة اموال المقاصة وليس بسبب الاجراءات والسياسات التي اعلنت الحكومة انها ستتخذها وأهمها زيادة الايرادات المحلية.

تخفيض الاعتماد على المنح والمساعدات الخارجية وتراجع النفقات التطويرية

تم تخفيض الاعتماد على المنح والمساعدات الخارجية لدعم الموازنة وكذلك للنفقات التطويرية، وهذا توجّه واقعي من الحكومة، ومع ذلك فان المنح والمساعدات المقدرة لكل من الموازنة العامة والنفقات التطويرية بلغت في موازنة العام 2016، مبلغ (3,881) مليون شيكل، وتبعا لتحليل الموازنات للأعوام السابقة فان هذه المبالغ لم تتوفر بشكل كامل كما هو في المخطط، ومعظمها مرتبط بأجندات سياسية، فما هي بدائل الحكومة في حال لم تصل تلك الاموال، وخاصة ان النفقات التطويرية تعتمد عليها بشكل كبير.

ويتضمّن مقترح الموازنة العامة 2016، رفع قيمة مساهمة الخزينة العامة في النفقات التطويرية إلى مبلغ (409) مليون شيكل، في حين تم الاعتماد في التمويل التطويري بباقي المبلغ (956) مليون شيكل، وهو توجّه جيد من الحكومة، حيث كانت تقدّر مساهمة الخزينة العامة في السنوات السابقة في النفقات التطويرية بمبلغ (50) مليون دولار فقط، والباقي يتم الاعتماد عليه من التمويل التطويري، وتاريخيا لم يتم الالتزام به من قبل المانحين. وهنا يوصي الفريق الاهلي بأن تكون أولوية الانفاق التطويري على مراكز المسؤولية ذات العلاقة بالقطاع الاجتماعي في فلسطين (التربية والتعليم، الصحة، الشؤون الاجتماعية).

كما أن النفقات التطويرية الواردة في مقترح الموازنة العامة 2016، حددت بمبلغ (1,365) مليون شيكل، أي ما يوازي (350) مليون دولار، ولم يتم تضمين مخصصات اعمار قطاع غزة فيها، وهذا توجّه جيّد من وزارة "المالية والتخطيط"، وفيه استجابة لمطلب الفريق الاهلي لشفافية الموازنة العامة الذي طالب سابقاً بضرورة فصل المبالغ الخاصة باعادة اعمار غزة عن الموازنى التطويرية، ولكن توجد ضرورة لان يتضمن مقترح الموازنة العامة 2016 ملحقاً يتضمن تفاصيل عن المخصصات المالية الخاصة بإعمار قطاع غزة، وبشكل شفاف وواضح.

الرواتب والأجور تتجاوز نصف النفقات الجارية

بقسمة مبلغ فاتورة الرواتب في العام 2014، تبعاً لبيانات وزارة المالية المتوفرة، على عدد الموظفين الرسمي، نجد أن فاتورة الرواتب ÷ عدد الموظفين ÷ 12 (شهر) = متوسط الرواتب في القطاع العامة (بشقيه المدني والامني) ويساوي (7336 مليون شيكل ÷ 155682 موظف ÷ 12 شهر = (3926.8) شيكل). فهل يساوي هذا المبلغ حقيقة متوسط رواتب موظفي القطاع العام في فلسطين؟ الاجابة الاحصائية المباشرة تؤكد ذلك، ولكن على ارض الواقع متوسط رواتب موظفي القطاع العام اقل من ذلك.ومن الطبيعي أن هذا الرقم اعلى بكثير من متوسط الاجور في الوظيفية العمومية في فلسطين. وتبعاً لهذا التحليل لأعداد الموظفين وفاتورة الرواتب تطفو على السطح تساؤلات هامّة: هل هناك فعلاً موظفين خارج التشكيلات الإدارية لمراكز المسؤولية ويتقاضون رواتب من خزينة السلطة؟ أم أن هناك رواتب وأجور مرتفعة جداً، استطاعت أن ترفع من متوسطات الرواتب والاجور؟أم كلا السببين معاً؟أمأن هناك أسباب أخرى؟ كلها أسئلة هامة برسم الاجابة من الحكومة و"وزارة المالية والتخطيط"، لأن غياب الشفافية فيها مدخل لتساؤلات عديدة، وتغييب للشفافية في ادارة المال العام. وهنا يطلب الفريق الأهلي من ديوان الرقابة المالية والادارية أن يجري تدقيقاً على جميع أسماء الموظفين المدنيين والعسكريين والتأكد من وجودهم على رأس عملهم ومن حقيقة الرواتب التي يحصلون عليها.

صافي الاقراض يستنزف الموازنة العامة منذ سنوات

صافي الاقراض Net Lending هو المصطلح المتداول منذ استحداث حساب الخزينة الموحد في عام 2002 للدلالة على المبالغ المخصومة من إيرادات المقاصة من قبل اسرائيل لتسوية ديون مستحقة للشركات الإسرائيلية المزودة للكهرباء والمياه للبلديات ولشركات وجهات التوزيع الفلسطينية، وغيرها من البنود الأخرى، بعضها معلوم الملامح والاخر مبهم.وعلى الرغم من كون صافي الاقراض يستنزف الموازنة العامة منذ سنواتٍ طوال، الا ان النزيف ما زال متدفقاً، وشهد في الأعوام الاخيرة ارتفاعا حاداً بعد نجاح نسبي للحكومة في تقنينه عام 2011، وعلى الرغم من تحوّل معظم البلديات وشركات توزيع الكهرباء الى نظام الدفع المسبق، واجراءات الحكومة ووزارة المالية للسيطرة على "صافي الاقراض" الى ان النتائج الفعلية على الارض تشير الى عكس ذلك.

ففي العام 2014، قدّرت وزارة المالية صافي الاقراض بمبلغ (600) مليون شيكل، ولكن على ارض الواقع تم انفاق (1,022) مليون شيكل، أي بزيادة عن المخطط نسبتها (170.38%)، وعلى الرغم من رسائل وتوصيات الفريق الاهلي لشفافية الموازنة العامة حول خطورة صافي الاقراض واستنزافه لموارد الموازنة العامة، وضرورة تقنينه والسيطرة عليه، الا ان وزارة المالية الفلسطينية قدّرت صافي الاقراض في موازنة العام 2015 بمبلغ (800) مليون شيكل، وبنسبة زيادة قدرها (33.3%) عن المقدّر في موازنة العام 2014، ولكن على ارض الواقع كان الانفاق الفعلي اكبر. حيث بلغ صافي الاقراض الفعلي لغاية 30/11/2015، (1,073.4) مليون شيكل في احد عشرشهرا من عمر موازنة العام 2015، وبمعدل شهري بلغ (97.58) مليون شيكل، وتبعا لهذا المعدل فان صافي الاقراض سيربو في نهاية العام 2015 عن مليار ومائة وسبعين مليون شيكل. وقدّر صافي الاقراض في موازنة العام 2016 بـ (850) مليون شيكل، في حين قدّر في موازنة العام 2015 بمبلغ (800) مليون شيكل، وفي موازنة العام 2014 قدّر بـ (600) مليون شيكل.

المؤتمر الأهلي للموازنة العامة في مطلع شباط

اتفق الفريق الأهلي على بدء التحضيرات الخاصة بالمؤتمر الاهلي للموازنة العامة المقرر عقده في مطلع شباط القادم، وسيشمل نقاش مجموعة من أوراق العمل المتخصصة حول الموازنة العامة، ومن بينها ورقة موقف حول موازنة 2016 وورقة تحليلية لموازنة 2015 وتقارير حول ايرادات ونفقات قطاع غزة اضافة الى تقارير متخصصة حول قطاعات التعليم والصحة والشؤون الاجتماعية، مع تسليط الضوء على خطة الترشيد والتقشف التي رفعها الفريق الاهلي للحكومة الفلسطينية.

وسيوجه الفريق الأهلي دعوة الى الحكومة للمشاركة في أعمل المؤتمر اضافة الى أعضاء المجلس التشريعي والمؤسسات الأهلية والخاصة.

(بوابة اقتصاد فلسطين)

مواضيع ذات صلة