الخطوط الجوية الفلسطينية.. رمز سيادي ترفعه طائرتان
سُجلت شركة الخطوط الجوية الفلسطينية في مثل هذه الأيام من عام 1994 في قطاع غزة كشركة عامة بعد مرسوم من الرئيس الراحل ياسر عرفات بإنشاء مؤسسة وطنية للنقل الجوي. وبمناسبة تاريخ انطلاقها الـ22 يفتح بوابة اقتصاد فلسطين ملف الخطوط الجوية الفلسطينية.
ك. منصور في أول هبوط فلسطيني على أرض مطار غزة الدولي خلال افتتاحه يوم 24/11/1998
أسماء مرزوق- بوابة اقتصاد فلسطين
بعد 22 عاما على انطلاقها، ما تزال الخطوط الجوية الفلسطينية محافظة على كيانها وكادرها ضمن الامكانيات البسيطة المتاحة، رغم حرمانها من التحليق فوق سماء فلسطين والهبوط على أرضها. غير أن ذلك الحق، لم تمتع به سوى ثلاث سنوات من نهاية عام 1998 إلى بداية 2001، السنوات التي سبقت تدمير مطار غزة الدولي من قبل قوات الاحتلال وحظر النشاط الجوي على الفلسطينيين نهائيا.
يقول الكابتن منصور ابراهيم سعيد، مدير عام الخطوط الجوية الفلسطينية، إن الظروف القاهرة التي تعيشها الشركة من منعها من العمل من مطار فلسطيني والاضطرار للعمل من الخارج يحمل الشركة أعباء مادية وتكاليف زائدة عن أي شركة عاملة على أرضها، ما يعيق تطوير المشاريع والخطط ويمنع تحقيق أهداف ربحية كان من الممكن تحقيقها لو أن التشغيل يبدأ وينتهي من أرضنا وأجوائنا.
ويضيف: هدفنا الأساسي الحفاظ على المؤسسة بمكوناتها لتظل رافعة لعلم فلسطين. معتبرا أن استمرار الشركة هو حفاظ على رمز سيادي هام.
وتمتلك الخطوط الجوية الفلسطينية اليوم طائرتين (فوكر-50) إحداهما مؤجرة لدى النيجر وأخرى يجري العمل على صيانتها الدورية المستحقة ليتم تأجيرها.
ويتم تأجير الطائرة بطاقم فلسطيني من طيارين ومهندسين ومضيفين جويين ومرحلين جويين بأجرة محددة بعدد الساعات شهريا وقيمة مالية يُتفق عليها. فـ"الفوكر" المؤجرة بالنيجر مثلا بحد أدنى من الساعات شهريا (80 ساعة*1200 دولار) أي ما يقارب بأجرة سنوية مليون ومائة وخمسون الف دولار.
وحول الوضع المالي للشركة يوضح ك. منصور بأن دخل الطائرتين قادر على تغطية الصيانة ومستلزمات قطع الغيار والتأمين ومهام وتذاكر الأطقم العاملين والتدريب وغيرها من مصاريف. مشيرا إلى أن اتخاذ القرارات ووضع السياسات في الشركة يعود لمجلس الإدارة الذي يترأسه وزير النقل المواصلات م. سميح طبيلة ويتكون المجلس من مجموعة اعضاء من وزارات ذات العلاقة ومن أشخاص ذوي اختصاص..
والجدير بالذكر، أن موظفي الخطوط من عسكريين ومدنيين مدرجين على رواتب الحكومة كون مؤسستهم عامة. وتضم الأطقم التشغيلية الحالية قرابة 42 موظفا، منهم 8 طيارين و10 مهندسين واربعة مضيفين جويين.
ويقول ك. منصور، إن العمل جاري حاليا على أخذ الموافقات لتفعيل موسم العمرة ومن بعده موسم الحج، إذ تقوم الخطوط الجوية الفلسطينية بنقل معتمري وحجاج غزة في المواسم من مطار القاهرة إلى السعودية بواسطة طائرات مصرية يتم تأجيرها من مصر للطيران وفق اتفاقية تعاون.
والكابتن الطيار منصور تخرج من أكاديمية سلاح الجو الباكستاني في العام 1979 ويحمل أهلية عدة طرازات عسكرية ومدنية ويحمل رخص طيران ودني وعسكري ورخصة طيار تجاري ومدرب على المحاكاة التشبيهي، ويحمل العديد من الشهادات في الطيران، وله خبرة تزيد عن الأربعين عام في هذا المجال. كما كان أول طيار فلسطيني يهبط في مطار غزة الدولي يوم افتتاحه في 24/11/1998 في حدث وصفه بالذكرى الهامة له وللشعب الفلسطيني جميعه.
وبذاكرة طيار زاخرة بالتجارب، يروي بداية فكرة الطيران الفلسطيني منذ السبعينات بمجموعة طيارين فلسطينيين مدنيين وعسكريين قدموا من بلدان عربية والتحقوا بحركة فتح في سوريا، وتم إيفاد أول فوج للتدرب في الجزائر سمي "سرب الشهداء"، كما أرسلت افواج أخرى للمغرب ثم باكستان وليبيا. وتخرجت أفواج من الطيارين والمهندسين من كافة التخصصات وخدموا في دول عربية وافريقية واسيوية وفي أمريكيا اللاتينية.
وبعد حرب بيروت عام 1982 بدأ التفكير باستغلال الأعداد المتزايدة من الطيارين والمهندسين الفلسطينيين الأكفاء والمبعثرين في دول عديدة، وتم فعلا تأسيس استثمار في قطاع الطيران المدني، تسلمه صندوق الاستثمار الفلسطيني، وتم شراء طائرتين D-8 وطائرة جلنجر نفاثة. وتابع الراحل ياسر عرفات عن كثب الموضوع وتم التكتم عنه لحساسية الأمر حينها، حسب الكابتن منصور.
حلقت الطائرات الفلسطينية لسنوات عدة بطيارين وطواقم فلسطينية من وإلى مختلف مطارات العالم لسنوات عديدة لكن مع تكتم على الهوية الفلسطينية، لأسباب أمنية وسياسية.
وعند تأسيس السلطة الوطنية أسست الخطوط الجوية الفلسطينية واعتبرت الناقل الرسمي لفلسطين وبدأت بالرحلات الجوية المنتظمة إلى 7 دول، وبدأ التشغيل من مطار بورسعيد بأول رحلة نظامية لنقل المعتمرين يوم 10/10/1997، بطائرتي الفوكر-50 الممنوحتان من الحكومة الهولندية، وفيما بعد طائرة بوينغ 727 المهداة من الأمير الوليد بن طلال.
ومنذ افتتاح مطار غزة عام 1998، والطيران الفلسطيني عضو في العديد من منظمات الطيران الدولية مثل منظمة الطيران المدني الدولية (ICAO) والاتحاد العربي للنقل الجوي(AACO) و الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA).
خلال أحداث الانتفاضة الثانية دمرت الطائرات الإسرائيلية مطار غزة الدولي واضطرت الخطوط الجوية الفلسطينية من حينها إلى التشغيل من مطار العريش قبل إغلاقه، وبعد ذلك تم تأجير الطائرات للعديد من الشركات العربية والأجنبية.