الرئيسية » ريادة »
 
11 كانون الثاني 2016

مُزراع يصنع فرنًا حراريًّا يحوّل البلح إلى رطب في 8 ساعات

بأدوات بسيطة استطاع المزارع الخمسيني جمال أبو جميزة تصنيع معدات متواضعة للاستفادة من ثمرة النخيل التي تشتهر بها محافظته دير البلح وسط قطاع غزة.

\

فمن داخل فناء منزله بمدينة دير البلح يحول أبو جميزة البلح الطازج والمجمد إلى رطب مجفف وعجوة في غضون عدة ساعات، كما يعمل على إعادة تدوير النوى لإنتاج البن والعلف الجاف، ومخلفات النخيل من الجريد إلى علف أخضر، ونجح أيضاً في تصنيع عقار لمكافحة سوسة النخيل التي يشكو منها المزارعون.

ورث أبو جميزة العمل الزراعي من والده، الذي عُرف بمنطقته بتصنيع معدات زراعية، وموتورات لرش المبيدات الحشرية وذلك بإمكانيات محلية، وواصل الابن والأحفاد الدرب.

إن استيراد قطاع غزة التمور والعجوة من الخارج، دفع أبو جميزة للتفكير في كيفية الاستفادة من محصول ثمرة النخيل المزروع في مساحات تقدر بــ8495 دونما، وإدخاله في صناعات أخرى عليها إقبال من المستهلك المحلي.

وعلى إثر ذلك، صنع أبو جميزة فرناً حرارياً يشتغل عن طريق "الكهرباء، الغاز، والحطب"، وظيفته تحويل البلح الطازج والمجمد إلى رطب مجفف، والرطب إلى عجوة في غضون ساعات محدودة، يكون بعدها المنتج جاهزا للتعبئة والطرح في الأسواق.

وعن آلية عمل الفرن يتحدث أبو جميزة بالقول:" إن تركيبة الفرن أشبه بالفرن المنزلي الذي يستخدم في أغراض الطهي والخبز، مزود من الداخل بحامل أرفف مصنوعة من الحديد موضوعة فوق بعضها البعض بمسافات متساوية، ومزود من الداخل كذلك بمروحة مهمتها توزيع الحرارة إلى جميع أرجاء المكان، وبه مخرج للتخلص من الرطوبة الزائدة".

وأضاف لـصحيفة "فلسطين" التي عاينت مكان الفرن: "تُدخل صواني البلح بمختلف أنواعه إلى الفرن عند درجة حرارة 50 درجة مئوية، وبعد ثماني ساعات من العمل يتحول البلح تحت تأثير الحرارة إلى رطب، ويبقى لساعة أخرى إضافية لتعقيمه والتخلص من البكتيريا"، مشيراً إلى تعبئة المنتج في عبوات مخصصة بعد برودته ويكون جاهزا فيما بعد للطرح في الأسواق.

وتابع: "أيضاً الفرن، يحول الرطب الطازج إلى رطب مجفف، والرطب المنزوع من النوى إلى عجوة تحت درجة حرارة معينة".

ويؤكد المزارع أبو جميزة نجاحه لأول مرة في تحويل البلح المجمد إلى رطب مجفف، مشيراً إلى أن المزارعين بغزة يجمدون محصول البلح خاصة الحياني داخل ثلاجات معدة للغرض، تمهيداً لتصديره إلى الضفة الغربية ليباع بلحاً أو رطباً أو يدخل في صناعة العجوة.

وقال: "بفضل الله نجحت في تحويل البلح المجمد إلى رطب في غضون ساعات محدودة وطرحه في الأسواق، وبذلك استطعت أن أشبع احتياج السوق من الرطب المجفف الذي يستورد من مصر، السعودية، وفي نفس الوقت تغلبت على المعيقات الإسرائيلية على المعابر".

إعجاب وزارة الزراعة والمؤسسات الزراعية والجمعيات المهتمة بفكرة الفرن الحرارة أعطته دافعية لمواصلة مشروعه المتواضع، فبنى فرناً آخر من الحجارة تقدر مساحته بــ30 متراً داخل فناء منزله، مسقوفا بالزينكو، مزودا ببراميل حديدية مفتوحة من الجهتين موضوعة فوق بعضها البعض، يُدخل إليها النار عبر فتحه من الخارج، وهو مزود أيضاً بمروحة كبيرة لتوزيع الحرارة الناتجة عن البراميل وإيصالها إلى حاملات صواني البلح.

وفي الجهة المقابلة للبراميل داخل الفرن هناك شفاط هواء لتصريف الرطوبة الزائدة، وفوق باب الفرن وضع أبو جميزة جهازا لضبط الحرارة والرطوبة.

عراقيل

وأشار أبو جميزة إلى غياب الاهتمام بشجرة النخيل بسبب تدني أسعار البيع، ومعيقات الاحتلال على المعابر أمام عملية التصدير إلى أسواق الضفة، وأكد استعداده لاستيعاب إنتاج قطاع غزة كاملاً من البلح داخل مشغله البسيط وتشغيل أيدٍ عاملة.

ولفت إلى أن التجار والمزارعين يعمدون إلى قطف ثمرة البلح قبل أوانها ووضعها في الثلاجات تمهيداً لتصديرها، معتقدين أنه بذلك تبقى الثمرة طازجة أطول فترة ممكنة، غير أنهم يحصلون في النهاية على بلح طعمه لاذع.

ولفت إلى معيقات تواجه تجميد البلح بغزة، منها حاجة البلح إلى 18 درجة مئوية تحت الصفر، وهذا يتطلب توفير كهرباء 24 ساعة متواصلة.

وحسب مدير دائرة البستنة الشجرية بوزارة الزراعة م.محمد أبو عودة فقد قدر في تصريح سابق لــ"فلسطين" المساحة المزروعة بنخيل البلح في القطاع بحوالي 5375 دونما مثمرا، وحوالي3120 دونما غير مثمر ليصل إجمالي المساحات المزروعة لـ 8495 دونما.

وأكد أن إنتاج الدونم الواحد من نخيل البلح حوالي 1100 كجم/ للدونم من الأصناف الرطبة، ليصبح اجمالي الانتاج 6800 طن، لافتاً إلى أن معدل استهلاك الفرد من البلح يصل إلى 3كجم.

وبين أبو عودة أن محصول البلح في قطاع غزة الذي يقدر بــ 6800 طن يتم استهلاكه محلياً ما بين بلح أو رطب أو عجوة ويتم تخزينه في الثلاجات.

علف مواشٍ

وللاستفادة من مخلفات شجرة النخيل، صنع أبو جميزة ماكينة تقطع الجريد والفسائل، ليستخدم المنتج فيما بعد علفاً أخضر للمواشي التي يربيها.

ويقول لــ "فلسطين":" عادةً يتخلص المزارعون من مخلفات النخيل بإلقائها بالنفايات أو عمل معرشات منها فوق أسطح المنازل، خطرت لي فكرة في ذروة الحصار وهي تصنيع آلة لتقطيع جريد وفسائل النخيل، وتنعيمها وإزالة الشوك منها، لتكون جاهزة كطعام يقدم إلى المواشي، فطبقت الفكرة ونجحت، ومن ذلك الوقت وعملي على هذه الماكينة متواصل".

وأشار إلى أن مخلفات النخيل الأخضر تكون غنية بالعناصر الغذائية الضرورية اللازمة لطعام الحيوان مقارنة بالأعلاف المجففة.

كما يستفيد أبو جميزة من نوى البلح كعلف للمواشي، من خلال طحنه وتنعميه، لافتاً إلى أن الفحوصات التي أجراها في مختبرات وزارة الزراعة والجامعات أثبتت احتواء النوى على نسب معينة من البروتينات التي تحتاج إليها المواشي لأجسامها.

سوسة النخيل

حصل المزارع أبو جميزة على شهادة تسجيل من "سجل امتيازات الاختراعات" في الدائرة الملكية والوكالات التجارية التابعة لوزارة الاقتصاد الوطني وشهادات تقدير من وزارة الزراعة والجمعيات الزراعية تكريماً لجهوده في صناعة جهاز لحقن سوسة النخيل "السوسة الحمراء" التي تسببت في إعدام الآلاف من الأشجار المصابة.

وبين أبو جميزة أن الإدارة العامة لوقاية النبات والحجر الزراعي اعتمدت الجهاز بعد أن تبين أن الجهاز ذو كفاءة عالية في مكافحة سوسة النخيل.

ونوه إلى أنه يتم من خلال الجهاز حقن جذع النخيل المصاب بضغط عال(8-10 بار) ودفع المبيد داخل الأنفاق التي تصنعها السوسة، الأمر الذي يؤدي إلى قتل الآفة بجميع أطوارها (البيض- اليرقات- العذارى- الحشرة الكاملة)، كما ويمكن استخدام الجهاز في رش المبيد على الأشجار العالية.

وسوسة النخيل ظهرت في قطاع غزة في عام 2011 وتم تشكيل لجان من وزارة الزراعة ومنظمة الفاو والصليب الأحمر وشبكة المنظمات الأهلية لمكافحتها.

كما يصنع أبو جميزة البن من النوى، وذلك بعد نزع القشرة منه، وتحميصه ، وطحنه، وإضافة نسبة 20% من البن وبعض البهارات. ويسعى لتطوير مشروعه، وإضافة خطوط إنتاج لصناعة الدبس، المربى من البلح.

(فلسطين اون لاين- رامي رمانة)

 

مواضيع ذات صلة