الرئيسية » محلي »
 
07 كانون الأول 2015

زيادة في الطلب.. غزة تبحث عن الفرح في الشوكلاتة

منعت الشوكولاتة من دخول قطاع غزة في بدايات الحصار الاسرائيلي المفروض عام 2007م، ولكن عندما رفعت إسرائيل الشوكولاتة من قائمة الحظر الاسرائيلية عام 2010، أصبحت تدخل عن طريق المعابر الإسرائيلية، ليزداد الطلب عليها، وتبرز محلات وشركات متخصصة في بيع واستيراد الشوكولاتة، مما أدى إلى انخفاض أسعارها مقارنةً مع أسعارها في فترة المنع حيث كان يتم تهريبها عبر الأنفاق على الحدود مع مصر.
\

 لم تكن سميّة (25 عاماً)، عندما كانت طالبة جامعيّة عام 2008م، تجد كثيراً من الشوكولاتة في المحلّات التجاريّة في غزّة لفترة، بسبب وضعها على لائحة المنع الإسرائيليّة مع العديد من الموادّ، بعد فرض الحصار في عام 2007. ولكن، عندما بدأت حركة الأنفاق على الحدود مع مصر، في نهايات 2007م، تدفّقت الشوكولاتة مع منتجات غذائيّة وموادّ كثيرة، كالبنزين، ومواد البناء، إلى المحلّات لكن بأسعار مرتفعة، بسبب قلّة عدد الأنفاق وارتفاع تكلفتها. ومع زيادة عدد الأنفاق، حيث وصل إلى المئات، بدأت أسعار الشوكولاتة تنخفض، لكن لم تتوافر كلّ الأنواع. ومنذ عام 2010، رفعت الشوكولاتة من قائمة المنع الإسرائيليّة، ووصلت إلى حدّ الإغراق في أسواق غزّة.

وتقول سميّة التي اكتفت بالإشارة إلى اسمها الأوّل لـ"المونيتور": "أصبحت هناك ظاهرة المحلّات المتخصّصة في بيع الشوكولاتة في غزّة حديثاً، ممّا يعني أنّك تستطيع أن تجد الأنواع التي لم ترها أو تتذوقّها من قبل، ولم تعد في حاجة لتوصي أحداً لإحضارها لك من الخارج".

ما أسعد سميّة وكثيراً من المواطنين في القطاع، هو افتتاح المول الأوّل للشوكولاتة، نهايةسبتمبر الماضي، في مدينة غزة، وهو مول "الجيار" حيث تتوافر أنواع كثيرة من الشوكولاتة، وبأسعار جيّدة نسبيّاً وفقاً لما تقول لـ"المونيتور".

وتضيف سمية:"لم نكن نستطيع شراء الشوكولاتة بكميات كبيرة في السابق، حتى قطعة من الجالكسي التي كانت تساوي 4 شواقل(1.1$)، هي الآن ب2 شيكل(.5$)،وأحياناً تباع ضمن عروض بأقل من ذلك".

أمّا بالنسبة إلى صاحب مول "الجيار" للشوكولاتة، ديب الجيار (40 عاماً)، فيوضح أنّ افتتاح المول كان بسبب "ارتفاع الطلب على الشوكولاتة ووجود كميّات كبيرة منها في حاجة إلى عرض مميّز"، لكنّه يبيّن أنّ ذلك جاء متأخّراً قليلاً، حيث قال: "لكنّ افتتاح المول تأخّر لعامين لأنّ كثيراً من المواد التي احتجنا إليها لافتتاح المول، كالموادّ اللازمة لتجهيز الديكورات من خشب، وحديد، وأدوات دعائيّة كانت ممنوعة من دخول القطاع".

ويبيّن والده، صاحب شركة "الجيار" للشوكولاتة التي عملت في مجال استيراد المواد الغذائيّة منذ عام 1990 عبد الله الجيار (65 عاماً)، أنّ استهلاك الشوكولاتة في غزّة يتزايد، وقال: "إنّ الناس يبحثون عن الفرح، ومعروف بينهم أنّ الشوكولاتة تمنح السعادة". ويضيف: "الناس يشتاقون إلى كلّ الأنواع التي كانت تمنع اسرائيل استيرادها، في بدايات الحصار".

وخلال جولة المونيتور في ما أطلقت عليه شركة الجيار مسمى "مول"، ورغم أنه في الحقيقة لا يرتقى إلى مسمى المول بمفهومة العالمي، إلا أنه يعد أكبر محل متخصص لبيع الشوكولاتة في القطاع، و ينقسم إلى أركان مختلفة، منها ركن خاصّ بالحلقوم السوريّ الذي يأتي من خطوط إنتاج خارج سوريا، مثل تركيا، بسبب الوضع الأمني ّهناك، والحلقوم النابلسيّ، يستورد من نابلس بالضفة الغربية، وقسم خاصّ للملبّس المختلف الأنواع، وقسم للشوكولاتة الحلوة والمرّة، التركيّة والإسبانيّة، والإنجليزيّة، والسويسريّة، والإماراتيّة، التي تباع بالكيلو، ويتراوح سعر الكيلو بين 20 و100 شيكل حسب النوع، وقسم لشوكولاتة "علييت" الإسرائيليّة، وشوكولاتة دراجييه، ناهيك عن قسم خاصّ بالهدايا التي تقدّم عبر أفكار مختلفة.

وأضاف: "كانت نوعيّات محدّدة تدخل إلى غزّة عبر الأنفاق. وبعد السماح بدخولها من المعبر التجاريّ الوحيد كرم أبو سالم، عملنا على استيراد مزيد من الأنواع من الشوكولاتة ومن دول مختلفة، لكنّ استيراد الشوكولاتة التركيّة يعدّ الأسهل لدى التجّار، مثل شوكولاتة ألبيلا، سولين، أولكر، بيفا وإليت، التي تسيطر الآن على السوق، بسبب تحسّن العلاقات التجاريّة مع تركيا".

وتقوم شركة "الجيار" وحدها باستيراد ما متوسّطه 150 طنّاً من الشوكولاتة شهريّاً للسوق المحلّي في غزّة، حسب ما أوضح ديب الجيار،لـ"المونيتور". هذا وقد حاولت مراسلة "المونيتور" الحصول على إحصاءات رسميّة عن متوسّط الاستهلاك أو الاستيراد الشهريّ للقطاع من الشوكولاتة من وزارة الاقتصاد الوطنيّ، إلا أن التوضيح الوحيد الذي استطاعت الحصول عليه، هو 120طناً شهرياً، وهو ما يتنافى مع تقديرات تجار تحدثت إليهم "المونيتور".

لكنّ مول "الجيار" ليس الوحيد، فهناك العديد من المحلّات الجديدة التي بدأت تتخصّص في الشوكولاتة منذ سنوات، مثل "بونبونييرا" الذي افتتح في عام 2011، فش شارع الوحدة الرئيسي بمدينة غزة، حيث يقول صاحب المحلّ أحمد المزيني (23 عاماً): "لقد أعجب والدي بفكرة محلّات الشوكولاتة التي تنتشر في الضفّة الغربيّة أثناء زيارته هناك، وقرّرنا معاً فتح هذا المحلّ، الذي لاقى رواجاً كبيراً بسبب ابتكارنا طرقاً فريدة في تغليف الشوكولاتة للمناسبات وبأسعار مختلفة".

وأضاف المزيني: "يؤثّر الوضع الاقتصاديّ على الإقبال، فهو يزداد في المناسبات. وعلى الرغم من أنّ الأسعار في متناول الجميع، لكن ما زالت هناك فئة تخاف الاقتراب من هكذا محلّات، في حين أنّ فئات أخرى تأتي ثلاث مرّات بمعدّل أسبوعيّ لشراء الشوكولاتة".

أمّا بالنسبة إلى صاحب محلّ "أون ذا لاين"، خالد صبيح، الذي افتتح مارس الماضي، في شارع الجلاء الرئيسي، فيرى أنّ "المحلّات المتخصّصة في بيع الشوكولاتة، غيّرت ثقافة الناس في غزّة، الذين يتوقّفون عند كلّ شيء جديد، فأصبحت الشوكولاتة سلعة رئيسيّة لجميع الناس مهما اختلفت فئاتهم العمريّة، أو أوضاعهم الاقتصاديّة أو مناسباتهم الاجتماعيّة".

وبسبب افتتاح العديد من المحلّات المتخصّصة في الشوكولاتة، وصلت المنافسة إلى أشدّها خلال فترة الأعياد، كعيد الفطر وعيد الأضحى، حيث أصبحت هناك مضاربة شديدة على سعر الكيلو منها، وخصوصاً شوكولاتة ترابا التركيّة التي يزداد الطلب عليها لجودتها. ويعبّر رجل الأعمال ديب الجيار عن استيائه من عدم تعامل الحكومة في غزّة مع المضاربة من هذا النوع، مبيناًً: "نحن لدينا وكالة من شركات دوليّة، لكن هناك تجّار يستوردون الأنواع نفسها التي نقوم بتوريدها، عبر تجّار إسرائيليّين يملكون وكالات للشركات نفسها التي نملك لها وكالة، من دون حماية لنا".

ويقول أحد التجّار رفض الكشف عن اسمه في حديث إلى "المونيتور": "بدلاً من أن تشجّع الحكومة تجّار الشوكولاتة وغيرهم من التجّار، فإنّها تضيف عليهم مزيداً من الضرائب على المعابر، ولا سيّما ضريبة التكافل، بل وتشجّع تحميل هذا العبء الضريبيّ على المستهلك، وليس التاجر".

من الجدير ذكره، أن الحكومة في غزة قامت في إبريل الماضي، بفرض ضريبة التكافل، التي أثارت ضجةً عند فرضها ، لأنه بموجبها يتم دفع نسبة لا تتجاوز الـ10 في المئة على السلع والبضائع الواردة إلى قطاع غزة، للحكومة في غزة.

وتحفّظ عدد من أصحاب الشركات المتخصّصة في استيراد الشوكولاتة عن الحديث إلى "المونيتور"، بسبب ما بيّنه بعضهم عن اشتداد المنافسة بين الشركات، وتكتّمهم عن ذكر تأثّرهم بالحرب الأخيرة في صيف عام 2014، التي أدّت إلى فقدانهم مقرّات رئيسيّة أو معارض، نتيجة قصفها بالمدفعية، شرق غزة; لاحتمال تأثّر سمعتهم التجاريّة.

صحيح أنّك في غزّة التي تخضع إلى حصار إسرائيليّ مشدّد منذ سيطرة حركة حماس على القطاع في عام 2007، لكنّ ذلك لا يمنع أن ترى سكّانها يبحثون عن الفرح، والرفاهيّة، التي تمنحهما قطعة من الشوكولاتة، كانت تمثل مجرد حلم في فترة منعها في بدايات الحصار عام 2007.

(المونيتور- هناء صلاح)

 

مواضيع ذات صلة