وراء زيادة مطاعم غزة: استثمارات وحب للحياة
منحت بلدية غزة منذ بداية العام الجاري تراخيص لـ 195 مطعما جديدا بينما لايزال 73 قيد اجراءات الترخيص.
اسلام راضي-بوابة اقتصاد فلسطين
باتت المطاعم وجهة استثمار مفضلة لأصحاب المال في قطاع غزة في زمن حكمت عليه الظروف السياسية والاقتصادية بشح الفرص.
ويسهل ملاحظة ذلك في شوارع غزة ومن بيانات البلدية التي أكدت أنها منحت منذ بداية العام الجاري تراخيص لـ 195 مطعما جديدا بينما لايزال 73 قيد اجراءات الترخيص.
حتى أن أصحاب مطاعم يندهشون من تفاجأ السياح من أماكن الترفيه والمطاعم الموجودة في القطاع.
مطاعم على أعلى طراز
هنا، حيث تسير في شارع "الكورنيش" غرب مدينة غزة، سترى فوقك في الطابق السابع في احد العمارات التجارية، مطعما لونه أزرق اسمه "البحر الأزرق". هذا المطعم يقدم اكلات بنكهة شرقية وأخرى بمواصفات غربية.
عند الدخول للمطعم، ستتلذذ بمشهد أمواج البحر، ثم تتعجب وتتساءل: هل هذه غزة القاتمة التي يروج لها بالاعلام: مدمرة، أهلها يريدون الهجرة.. هنا ستجد جانبا من الأمل والحب والعشق لدى الغزيين، حيث الاقبال الكبير من قبل المواطنين والمتزوجين والأصدقاء.. ومواصفات الديكور عالية التقنية التي تؤكد أن هذا الصرف سيكون مردوده مرتفعا.
يقول صاحب المطعم عماد عرفات لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إنه استثمر مبلغ 150 ألف دولار في سبيل تجهيز مشروعه الذي افتتح أبوابه أمام الزبائن هذا الصيف فقط. وهذا هو المطعم الثاني الذي يؤسسه عرفات في غزة.
ومع الحصار ازدادت السياحة الداخلية وصارت مجدية "مطاعم المشاريع الأنجح استثماريا لأن أهل غزة بحاجة لما يسعدهم كجزء من السياحة الداخلية عوضا عن السياحة الخارجية التي يحرمون منها بفعل الحصار وإغلاق المعابر" يتحدث صاحب المطعم، وأضاف " إن كثرة المطاعم زادت المنافسة مما جعلني أعمل بشكل أفضل لرفع مستوى الخدمات لارضاء الزبائن".
مطاعم على أعلى طراز
في وسط مدينة غزة تحول مطعم "ليفل أب" على سطح أحد الأبراج السكنية إلى معلم ثابت للمدينة والأضواء الزرقاء تشع من كل زاوية منه.
ويظهر ذلك أن مستويات مطاعم غزة ترتفع وصولا لدرجات عالية من الخدمة فيما أخرى تعمل بجودة منتجاتها وحملات انخفاض أسعارها لجذب الطبقات الشعبية الأقل قدرة ماليا.
وفي مطعم "كاستيلو" القريب من منطقة "الجندي المجهول" وسط غزة يبدو الإقبال كبيرا على الوجبات السريعة رغم حداثة خبرة صاحب المشروع الذي استثمر امواله في هذا المجال بعد تجارب عديدة.
ويقول صاحب المطعم فضل محمد إن فكر بهذا النوع من الاستثمار بسبب الظروف الاقتصادية التي تواجهها غزة من إغلاق معابر وقيود شديدة على الاستيراد إلى جانب الهامش الكبير من المخاطرة في رأس المال.
ويشير محمد إلى أنه كان ينشط لسنوات في استيراد الأدوات الكهربائية والملابس والأحذية غير أن واقع المعابر وقيود العمل فيها كبده دائما الخسائر ودفعه للتفكير باستثمار أكثر ربحا وهو ما وجه في المطاعم.
انفتاح خارجي: منافسة سورية
ودفع النجاح الحاصل في الاستثمار في مشاريع المطاعم حتى بعدد من السوريين الذي استقر بهم الحال في قطاع غزة بفعل أزمة بلادهم المستمرة منذ سنوات إلى الترويج للطعام الشامي الأصيل بمطاعم خاصة بهم.
ويعد مطعم "الدمشقي" واحد من مشاريع السوريين في غزة ويبدو صاحبه مهند حمودة منشغلا على مدار ساعات النهار بتلقي الطلبات من الزبائن مباشرة أو عبر الهاتف.
وكان حمودة ولد وعاش معظم حياته في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سوريا وعندما ساءت الأوضاع الميدانية هناك لجأ إلى مصر ومنها إلى غزة التي قرر افتتاح مشروعه فيها بالشراكة مع مستثمر فلسطيني.
ويقول حمودة لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن أهل غزة أعجبهم كثيرا تشكيلات الطعام الخاصة بالنكهة الدمشقية وهو ما يسفر الإقبال الجيد على المطعم وهو أمر يسعدني كثيرا.
ويضيف "مهنتي الأساسية في سوريا كانت شيف طبخ شرقي وغربي ووجدت أنه غز ينقصها مطعم متخصص بالطعام الدمشقي ".
ورغم أن المطبخ الفلسطيني يصنف على أنه من ضمن المطبخ الشامي إلا أن مزاق الأكل الشامي له مزاق خاص لدى سكان غزة ولعل هذا ما يفسر سر النجاح السريع لمطعم الدمشقي هنا في القطاع.
تعويض عن الحصار
ويقول رئيس هيئة المطاعم والفنادق والخدمات السياحية في قطاع غزة، صلاح أبو حصيرة، إن الحصار وإغلاق المعابر ساهما في الترويج للسياحة الداخلية لسكان القطاع بفعل حرمانهم من السياحة الخارجية.
ويشير أبو حصيرة لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إلى أن سكان غزة لا يوجد لديهم بدائل للترفيه والسياحة ما يدفعهم للإقبال بكثرة على المطاعم والمنتجعات الداخلية.
لكنه ينبه إلى أن تزايد الاستثمار في المطاعم سببه الأكبر قلة فرص الاستثمار الأخرى كما أن أغلب مشاريع المطاعم الجديدة تقام برأس مال صغير بحدود 50 ألف دولار أمريكي وبالتالي لا تستمر لفترات طويلة.
وبحسب أبو حصيرة فإن القطاع السياحي في غزة يساهم بما يزيد عن 15% من الدخل القومي حاليا بعد أن كان في فترات سابقة وصل إلى 25%، لافتا إلى يوفر أكثر من 600 فرصة عمل.
وشدد على أنه بالإمكان النهوض أكثر بالقطاع السياحي في غزة حال رفع الحصار وفتح المعابر إلى جانب تقليل مستوى الضرائب المفروضة عليه من الوزارات الحكومية والوزارات.