الرئيسية » محلي »
 
29 تشرين الثاني 2015

هبوط أسعار البنزين الفروقات لصالح الخزينة الفلسطينية

مليارا شيقل عائدات المحروقات حتى الربع الثالث في 2015 مقابل 1.8 مليار للفترة نفسها من عام 2014 

\

 

"واضح أن السلطة تسعى بدأب النمل، ومنذ أشهر، إلى جسر الفجوة في سعر لتر (البنزين) بيننا وبين إسرائيل". هكذا يعتقد المواطن خالد سليم. ويضيف: "كانت العادة أن يكون الانخفاض متساويا بين الطرفين بالنسبة المئوية، منذ أشهر، والسلطة "تلعب" في هذا الحقل بهدوء مخيف".

سليم وصل إلى هذه النتيجة استنتاجا من زياراته الأسبوعية إلى محطات الوقود علما أنه خبير لغوي وليس متبحرا اقتصاديا.

ويتابع: "في إطار سعي السلطة لتعظيم الإيرادات المحلية، فيما تراه طريقها نحو تقليل الاعتماد على المانحين الدوليين؛ فإنها لا تتورع عن الميل على جيب المواطن".

بلغة الأرقام

وتذهب البيانات الصادرة عن وزارة المالية عن الايرادات والنفقات العامة إلى ذات الاتجاه الذي اتجه إليه سليم، ويستدل من تلك المعيطات أن ايرادات الحكومة من المحروقات ارتفعت بنسبة 22 % منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية شهر أيلول الماضي، وكما يظهر في الرسم البياني التالي فقد كانت الايرادات من المحروقات 203 ملايين شيقل في شهر كانون الثاني الماضي وصولا إلى 248 مليونًا في شهر أيلول.  وشهد سعر لتر البنزين هذا الشهر تراجعا بنسبة وصلت إلى 2.01%، مقارنة مع شهر تشرين الأول، لتسجل أدنى رقم في سعر ليتر البنزين منذ تشرين الثاني 2009. 

\

ووفق بيان صادر عن الهيئة العامة للبترول، بلغ سعر لتر البنزين للشهر الجاري تشرين الثاني 5.84 شيقل، مقارنة مع 5.89 شيقل، خلال شهر تشرين الأول الماضي. فيما شهد شهر شباط من هذا العام، تراجعا في نسبة سعر لتر البنزين وصلت إلى 3.78%، مقارنة مع سعره في إسرائيل، ووفق بيان لهيئة البترول، فقد بلغ سعر لتر البنزين في شباط 5.85 شيقل للتر، فيما بلغ في إسرائيل 6.08 شيقل للتر. أي بهامش سعر متقارب بيننا وبين إسرائيل، رغم أن اتفاقية باريس أعطت هامش أسعار بين الجانبين يصل إلى 15%. وكان أدنى رقم لأسعار المحروقات، خلال شهر تشرين الثاني من العام 2009، حينما استقر سعر لتر البنزين 5.74 شيقل، وفق أسعار المحروقات التي تستوردها الهيئة العامة للبترول. وتنص اتفاقية باريس في الفقرة "ب" على أن الفارق في سعر البنزين النهائي للمستهلكين الإسرائيليين والمستهلكين في الأراضي الفلسطينية، يجب ألا يتجاز 15% من السعر النهائي الرسمي للمستهلك في إسرائيل، وللسلطة الفلسطينية الحق في تحديد أسعار منتجات النفط في المناطق ما عدا البنزين.

\

خبراء: تخفيض السعر ممكن ولكنه مؤلم للخزينة العامة

ويمكن للسلطة الوطنية أن تستورد بنزينا للأسواق الفلسطينية في المناطق وفقاً لاحتياجات هذه السوق بشرط، أن يتم تمييز لون البنزين عن ذلك المسوق في أسواق إسرائيل، وأن تتخذ السلطة الفلسطينية كل الخطوات الضرورية لضمان عدم تسويق هذا البنزين في إسرائيل. وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور نصر عبد الكريم : "إن تخفيض سعر البنزين في الأراضي الفلسطينية عنه في اسرائيل غير مسموح إلا في حال استيراده من دولة غير إسرائيل".

 ويضيف عبد الكريم: "أن تخفيض الأسعار في حال استيراد البنزين من إسرائيل ممكن، لكنه يحمل خزينة السلطة مبالغ كبيرة لا تستطيع تحملها على شكل تخفيض التكاليف أو دعم المحروقات، خاصة أن فاتورة المحروقات تصل إلى حوالي مليار و200 مليون شيقل".

ويشير إلى أنه عند توقيع اتفاق أوسلو عام 1994، كان الرهان على أن السلطة الفلسطينية تستطيع استيراد البنزين من الخارج، بمواصفات معينة، وبالتالي تستطيع خفض سعره بنسبة لا تقل عن إسرائيل بـ 15%، غير أن السلطة لم تستورد من خارج إسرائيل وبقيت تستورد من إسرائيل وبالتالي هي لا تستطيع التخفيض لأن ذلك سيكون على حساب ضريبة البلو، وهذا صعب على السلطة تنفيذه. وضريبة البلو هي التي تحصل عليها إسرائيل والبالغة 3 شيقل عن كل لتر من مشتقات البترول الذي يباع سواء في إسرائيل أو مناطق السلطة الوطنية. وأرجع عبد الكريم فرق السعر بيننا وبين إسرائيل في البنزين نتيجة الدعم أو ما سماه التخفيض من قبل هيئة البترول الفلسطينية، والسبب الآخر يعود للقيمة المضافة، وهي الفرق بيننا وبين إسرائيل والبالغة 2%.

واعتبر أن ما تقدمه هيئة البترول من تخفيض لسعر المحروقات للمستهلك الفلسطيني ليس دعما، بل هو تحت ما يسمى تخفيض نسبة أرباح هيئة البترول. مشيرا إلى أن هيئة البترول عندما تحدد السعر تحدده بأقل مما هو مطلوب منها في تحمل الفرق، وتتسامح الهيئة بجزء من أرباحها أو تكاليف توزيعها وتخزينها أو شحنها أو في عمولتها، وهذا يؤدي إلى خفض السعر قليلا عن إسرائيل. ويرى عبد الكريم أن الدعم للمحروقات لا يكون كما تفعل السلطة، بل شراء المحروقات بالتكلفة ثم بيعه بأقل من تكلفته، فالدعم لا يكون بفرض ضريبة البلو والقيمة المضافة ورسوم وضرائب ثم تتسامح بـ 2- 3% وتقول إنها دعمت المحروقات، فالدعم هو التكلفة ناقص، وليس سعر البيع ناقص. ويسمي عبد الكريم ما تقوم به السلطة، تخفيضا هامشيا في سعر بيع المحروقات للمستهلك النهائي، وهذا يخسر خزينة السلطة ملايين الدولارات لكن الخسارة ليست جوهرية، والدليل أن فرق السعر بيننا وبين إسرائيل في البنزين، فرق بسيط محدود جدا، مشيرا إلى أن دعم المحروقات في مصر يكلف الحكومة 112 مليار جنيه.

وتستورد السلطة المحروقات من إسرائيل، التي تعد المزود الوحيد لها في الأراضي الفلسطينية، وهي تبيع المحروقات للسلطة على أنها محطة وقود كبيرة في تل ابيب. ويوضح أن إسرائيل هي من يقرر التخفيض وبناء على حجم تخفيضها من المصدر الإسرائيلي تخفض السلطة المحروقات، فيما أن إسرائيل تخفض الأسعار بناء على التخفيض العالمي للمحروقات. ويقول عبد الكريم: "عند انخفاض أسعار المحروقات في العالم ينعكس ذلك على المحروقات عندنا وبشكل واضح بعد فترة لا تقل عن شهرين، وذلك بسبب التعامل مع شراء المحروقات بالعقود الآجلة، فهي تحتاج فترة زمنية منذ لحظة التعاقد حتى الاستلام، ولا يظهر الانخفاض مباشرة". من جانبه، يقول المحاضر في قسم الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية د.بكر اشتية، إن السلطة الوطنية لا تلتزم بخفض نسبة الـ15% من سعر البنزين،

وهي تحاول بهذه النسبة تمويل عجز الميزانية الفلسطينية، وبالتالي في أحيان كثيرة يكون الفرق في السعر بين إسرائيل وفلسطين أقل بكثير من 15%. ويضيف أن نسب التخفيض غير إلزامية على السلطة، وهذا يعتمد على حجم العجز الموجود في الموازنة العامة، وبالتالي أحيانا كثيرة يكون الفارق أقل بكثير من 15%.

ويشير اشتية إلى أنه في فترة الأزمة المالية العالمية ارتفع سعر النفط عالميا، لكن السلطة ضحت بجزء من الإيرادات الضريبية التي تجبيها من المحروقات، لذلك لم ترتفع المحروقات بنفس الدرجةـ فيما أنه عندما انخفضت أسعار النفط العالمية لم تنخفض كثيرا في فلسطين، لأن السلطة أرجعت الضريبة مرة أخرى. ويذكر أن 54% من ثمن المحروقات التي يدفعها الفلسطيني هي ضرائب للسلطة الوطنية وتعود لخزينة السلطة، واحتكرت السلطة المحروقات من أجل منع التهرب الضريبي، والبقاء على المحروقات تابعة وخاضعة لها.

ويوضح اشتية أن السلطة معنية على إبقاء هذا الهامش من الضريبة لأن أكبر ممول لخزينة السلطة هي مقاصة المحروقات. واعتبر أن هذه السياسة سلبية لأن أسعار المحروقات في إسرائيل تتناسب مع مستوى الدخل فيها، لكن أسعارها في الضفة لا تتناسب مع دخل الفرد الفلسطيني. ويوضح أن المنتج الصناعي في إسرائيل يعفى من كامل الضريبة على المحروقات سواء في الانتاج الصناعي أو في النقل والمواصلات، لكن عندنا المنتج الصناعي يدفع ثمن المحروقات كالمستهلك العادي، وبالتالي يوجد قصور من قبل السلطة الفلسطينية.

بدوره، يقول مدير عام هيئة البترول فؤاد الشوبكي: "إن سعر البنزين يتم تحديده بداية كل شهر من خلال الاتفاق عليه في نهاية الشهر الذي يسبقه من قبل مجلس وزارة المالية برئاسة الوزير، ومن خلال المجلس يتم تقدير المبلغ الذي ستخسره هيئة البترول من نسبة الـ15% والذي ستعوضه لها وزارة المالية، وبامكان خزينة السلطة تغطيته لها". ويوضح أن هيئة البترول منذ فترة وهي تحافظ على نسبة خسارة تتراوح ما بين 40 – 50 مليون شيقل، وذلك ارتباطا مع وضع خزينة السلطة وما تستطيع تغطيته لها.

ويؤكد الشوبكي أن خزينة السلطة وموازنتها تلعب دورا مهما في نسبة تخفيض وتحديد سعر البنزين والمحروقات في الأراضي الفلسطينية مقارنة بأسعارها في إسرائيل، لأنها هي المسؤولة في النهاية عن تغطية خسارة هيئة البترول لكل شهر نتيجة تخفيض المحروقات، وذلك حسب وضع موازنة السلطة بشكل عام. وحول حفاظ السلطة على سعر أقل للبنزين من إسرائيل، يقول الشوبكي إن ما يساعد السلطة على ذلك هو أنها تشتري البنزين من إسرائيل شاملا رسوم الضرائب، وتبيعه بالأراضي الفلسطينية بسعر أقل، وبالتالي هذا يساعدها على الحفاظ على سعر أقل. وحول كمية الاستهلاك من البنزين،

يقول الشوبكي إننا نستهلك 92 مليون لتر من البنزين شهريا، وتبلغ قيمة الفاتورة الشهرية كاملة من المحروقات حوالي 500 – 550 مليون شيقل. وحول دعم السلطة للمحروقات، يقول الشوبكي إن هيئة البترول كهيئة مستقلة تدعم المحروقات عن طريق تخفيض على نسبة الضريبة، لأن العائد يأتي للخزينة وبالتالي هي تقوم بدفع جزء من العائد عوضا عن التخفيض الذي تقوم به الهيئة العامة للبترول. 

\

ميساء بشارات- حياة وسوق

مواضيع ذات صلة