غرامات مصلحة المياه تفرض على 60 ألف مشترك بلا قانون
عند تاخرك عن دفع فاتورة المياه الخاصة بك والصادرة عن مصلحة مياه القدس لمنطقة رام الله البيرة، فانك ستدفع غرامة على هذا التأخر. برغم أن هذه الغرامة الجارية منذ سنوات غير قانونية ولا يحق للمصلحة جبايتها منك بحسب القانون الاساسي الفلسطيني الذي يمنع جباية رسوم دستور بلا نص.
يحصل الفرد الفلسطيني بالمتوسط على 72 لتر شهريا من المياه بينما يحصل المستوطن في اراضي الضفة على 300 لتر، هذه النسبة تعكس وضع قطاع المياه السيئ في فلسطين وسيطرة الاحتلال على 90% من مصادر المياه.
بدأت القصة عند تأسيس السلطة، اذ سلمها الاحتلال انظمة مالية مدمرة للمياه وفي المقابل ركزت سلطة المياه على بناء شبكات ومصادر مياه واهملت تنظيم الخدمة وتحصيل الحقوق المائية من الاحتلال وهذا ما قاد قطاع المياه الى ما هو عليه الان.
عبد الكريم اسعد رئيس مجلس تنظيم قطاع المياه يقول: استمر قطاع المياه بلا تنظيم وبلا سياسات رغم وجود قوانين تنظمه حتى عام 2010 عندما قام مجلس الوزراء وبناءً على دراسات اعدت مسبقا بايجاد جسم اخر لتنظيم القطاع وهو مجلس تنظيم قطاع المياه الذي يعنى بالرقابة على تقديم الخدمة، واناط بسلطة المياه مسؤولية التخطيط ووضع الاستراتيجيات للقطاع واقرار السياسات وادارة مصادر المياه .
الا انه وبالرغم من تاسيس المجلس منذ اكثر من عام الا انه لم يبدأ بالعمل على ارض الواقع حتى اللحظة وما زالت انظمته التي يجب ان يعمل بها قيد الدراسة والمصادقة، وفي ظل هذا الوضع تتصرف شركات وجهات توزيع المياه بناء على قرارتها الخاصة بدون وجود هيئة تراقب وتنظم وتحد من المخالفات المرتكبة، وواحدة منها فرض مصلحة مياه القدس غرامات التاخير على المشتركين .
عبء على المواطن.. ورقابة غائبة
غرامة التاخير والفائدة وجهان لعملة واحدة إلا انه يطلق عليها غرامة لتجميلها قليلا، وعادة لا تجبى هذه الغرامة على السلع والخدمات الاساسية والانسانية لانها حق طبيعي وانساني لا يحق لاي طرف كان استغلالها لتحقيق(ارباح) او استرجاع امواله حتى.
نايف مواطن يقطن في رام الله طالبته مصلحة مياه القدس تسديد غرامة تأخير بقيمة 28 ألف شيكل بسبب تخلفه عن دفع فواتير المياه الخاصة بوحدته السكنية لسنوات طويلة، وبعد نقاشات طويلة توصل الطرفان لاتفاق يقضي بتسديد نايف ما ترتب عليه من فواتير مقابل الغاء فوائد التاخير، الا انه وبعد انهائه تسديد فواتيره المتاخرة والبالغة 56 الف شيكل طالبته المصلحة بتسديد مبلغ 8الاف شيكل كفوائد تاخير.
يقول عبد الكريم اسعد رئيس مجلس ادارة مجلس تنظيم قطاع المياه "من المفترض ان تقدم الجهات الموزعة للمياه اي غرامة او زيادة في الرسوم للمجلس للموافقة عليها كما من المفترض ان تقدم للمجلس الاتفاقية الموقعة بين المواطن والمصلحة لدراستها والمصادقة عليها والغاء بنود منها ان لزم الامر".
ويضيف اسعد: "المجلس بانتظار نظام التراخيص الذي يحدد التزامات وواجبات كل طرف في النظام، الذي اجتمعنا من اجله مع موزعي المياه الذين ابدوا ملاحظاتهم عليه ويتم العمل على دمجها في النظام ومن ثم ارسالها للوزارة المعنية وبعدها سيتم تقديمها لمجلس الوزراء للمصادقة".
مؤسسة امان: الغرامات غير قانونية
المستشار القانوني لمؤسسة "امان" بلال البرغوثي، قال أن نظام مرافق المياه الاقليمي يتضمن بندا يمنح المزود فيه حق فرض غرامات تاخير ، ويوضح "هذا النظام غير دستوري لان المادة 88 في القانون الساسي تقول لا ضريبة ولا رسوم الا بقانون. ومن هنا استطيع القول ان المادة سبعة من نظام مرافق المياه الاقليمي غير دستورية".
ويضيف البرغوثي "اتفاقية الاشتراك مع مزود المياه من المعلوم انها عقود اذعان يفرض فيها الطرف القوي كافة شروطه وبالتالي تستطيع المحكمة ان تطعن بصحة هذا العقد”.
وعن بنود العقود الاخرى يقول البرغوثي إن هناك الكثير من البنود التي يجب مراجعتها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن بند الحد الادنى يجيز للمصلحة تحديده كيفما تشاء وهذا غير عادل ويجب مراجعته.
ويرى بأن البوابة الاولى للنظر في هذه الاتفاقيات هي مجلس المياه اذ انه يستطيع فرض وجهة نظره بصفته الجهة الرسمية ويستطيع ان يفرض على المزود كيف يقدم الخدمة. ويؤكد البرغوثي على ان اي مواطن يستطيع التوجه الى القضاء للطعن باي بند في العقد بينه وبين الموزع .
من جانبه، ناشد اسعد المواطنين الى التوجه للقضاء لحل اي اشكالية مع مزودي المياه خاصة في ما يتعلق بغرامات التاخير الى حين تمكن المجلس من مراجعة هذه الاتفاقيات وانصاف المواطنفيها.
وتعد مصلحة مياه القدس لمنطقة رام الله والبيرة هي الوحيدة بين موزعي المياه في فلسطين عموما التي تفرض غرامة تاخير على خدماتها وكانت قد اضافت هذا البند الى فواتيرها قبل عدة سنوات بناء على قرار صادر من مجلس ادارتها فقط.
(نور الدين مرزوق، السفير الاقتصادي)