الانضمام إلى التجارة العالمية.. طريق لإنجاز أم لوهم؟
ضمن توجهها للانخراط في المنظمات والمؤسسات الدولية، تسعى فلسطين للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. فهل سيحقق الانضمام مكاسب اقتصادية لفلسطين؟
أسماء مرزوق- بوابة اقتصاد فلسطين
يتجدد الخلاف حول الأهمية الاقتصادية للمساعي الفلسطينية للانضمام لمنظمة التجارة العالمية، بعد تصريح وزيرة الاقتصاد عبير عودة قبل أيام بالعزم على تقديم طلب لحصول فلسطين على صفة المراقب في المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية في أقرب فرصة مناسبة.
بدأ سعي فلسطين للانضمام إلى المنظمة منذ عدة أعوام، وتقدمت فعلا بطلب لذلك لكن إسرائيل وقفت بالمرصد لتفشل الطلب كونها عضوا في الهيئة العامة للمنظمة تشترط موافقته، وكانت الحجة بأن فلسطين كيان سياسي غير معترف فيه. وبعد حصول فلسطين على صفة عضو بالأمم المتحدة وعلى اعترافات دولية شُكل فريق وطني انبثق عنه فريق فني لدراسة مسألة الانضمام والخيارات المتاحة بهذا الخصوص.
مزايا .. ومحاذير
يختلف الاقتصاديون حول جدوى الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، فاستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح بكر اشتية يعتقد بأن الانضمام سيحقق مزايا كثيرة، وسيخلص الفلسلطينيين من الغلاف الجمركي الواحد مع إسرائيل الذي يخلق التبعية الاقتصادية لها.
"تلقائيا ستصبح اتفاقية باريس بحكم اللاغية، سيصبح لنا الحق بوضع سياسيات جمركية خاصة بنا، قد نحمي صناعة معينة لدينا بزيادة الجمارك عليها ونخفض الجمارك على سلع أخرى لا ننتجها" يقول اشتية مشيرا إلى أنه في حال انضممنا لمنظمة التجارة العالمية سيكون بمقدورنا طلب تواجد تمثيل فلسطيني على المعابر والحدود، أو وجود مراقبين من المنظمة حال الشك بتلاعب إسرائيل بإرادتنا الضريبية.
إلا أن الباحث والمؤسس لمرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية "المرصد" فراس جابر، يخالف هذه القراءة نافيا أي أهمية للانضمام لمنظمة التجارة العالمية "حسب اتفاقية باريس تعتبر التجارة مع دولة الاحتلال تجارة داخلية، بالتالي لن تشملها اتفاقية التجارة الحرة التي لا تطبق على مناطق الجمارك الموحدة".
ويؤكد جابر، الذي أوصى في دراسة أعدها حول الموضوع بوقف مساعي الانضمام إلى حين وجود استقلال سياسي واقتصادي، على أن الانضمام لن ينعكس بأي شكل على العلاقة التجارية مع إسرائيل كونها تسيطر على كل المعابر التي تمر بها تجارتنا "بالعكس ممكن من خلال الانضمام أن تُفرض علينا شروط إضافية كون إسرائيل عضوا مؤسسا بالمنظمة."
وتعتبر إسرائيل الشريك التجاري الأول لفلسطين، فنسبة التبادلات التجارية معها تصل لحوالي 80% من مجمل التبادلات التجارية الفلسطينية، إذ بلغ حجم الواردات من إسرائيل عام 2014 حوالي 3.3 مليار دولار في حين بلغت الصادرات لها حوالي 700 مليون دولار.
ويستبعد جابر إمكانية الضغط على إسرائيل للسماح بوجود مراقبين فلسطينيين أو دوليين كون منظمة التجارة ليست منظمة تابعة للأمم المتحدة بالتالي ليس لديها حق بطلب مراقبين أو غيره.
اقرأ المزيد: عودة: فلسطين تعتزم الانضمام لمنظمة التجارة الدولية
تعرفة جمركية
وتطرح شروط الانضمام لمنظمة التجارة العالمية تساؤلات حول قدرة الاقتصاد الفلسطيني الهش على تحملها. من هذه الشروط التعهد بتعديل التعرفة الجمركية، علما أن إيرادات المقاصة التي تجبيها إسرائيل نيابة عن الفلسطينيين، تشكل حوالي 70% من مجمل إيرادات السلطة الوطنية.
هذا ما يقلل من شأنه داوود الديك عضو وحدة منظمة التجارة العالمية في وزارة الاقتصاد الوطني، كون فلسطين تسعى لأن تكون عضوا مراقبا ليس عليه أي التزامات وبالمقابل يستفيد من المساعدات الفنية. إضافة لكون المنظمة تمهل الدول النامية فترة قد تصل لعشرة سنوات قبل الانضمام للإعفاء الجمركي.
خطوة سياسية
من جانبه، اعتبر المحلل الاقتصادي نصر عبد الكريم المساعي الفلسطينية للانضمام لمنظمة التجارة العالمية خطوة سياسية لا أهمية اقتصادية لها.
"اتفاق باريس جاء في إطار سياسي أمني من خلاله يتم السيطرة على المناطق الحدودية كيف يمكن للفلسطينيين الاستفادة من الانضمام لأي منظمة في ظل السيطرة الإسرائيلية على الحدود؟" يتساءل عبد الكريم.
وقلل عبد الكريم من شأن أي مبادرة لتغيير الوضع الاقتصادي من دون تغيير المشهد السياسي ككل. مطالبا أولا بتمكين الناس اقتصاديا وبتوفير فرص عمل للخريجين وبمعالجة مسألة عمل أكثر من 100 ألف فلسطيني في سوق العمل الإسرائيلي.