تعقيبا على خطاب الرئيس .. اصدار العملة الوطنية اولى خطوات مناكفة الاحتلال
قبل الخوض في تفاصيل اصدار العملة الوطنية الفلسطينية، هناك حقائق لا بد من معرفتها، ان لغياب العملة الوطنية الفلسطينة وتوفر ثلاث عملات أجنبيه للتداول في أراضي السلطة انعكاسات سلبية قدرت خسائرها السنوية بقيمة 500 -600 مليون دولار سنويا، واقتصاديون اخرون قدروا تلك الخسائر بارقام اعلى بكثير من ذلك وهذه خسائر سنويه تفقدها خزينة السلطة ، وهو ما يسمى بريع الاصدار او سك العملة ( السينيوريج ) وهناك ايضا العديد من الفوائد والمكاسب التي يمكن ان تجنيها السلطة الوطنية جراء اصدار عملتها ، حيث انها تمثل رمزا من رموز السيادة الوطنية فانها ايضا تحقق الاستقرار الاقتصادي والنقدي وتحرر الاقتصاد الفلسطيني من التبعية وتخول السلطات النقدية من ممارسة ادوات السياسه النقدية التي بموجبها سوف تكافح التضخم وتعمل على خفض معدلات البطالة وتشجع فرص الاستثمار ناهيك عن فوائدها الغير حصرية في التمويلات المصرفية للمشاريع الاستثمارية، و ساكون في طرحي اكثر تفاؤل ولست متشائما كباقي الاقتصاديين ممن عارضوا اصدار العملة مبررين ذلك بان الوقت ما زال مبكرا لاصدار العملة الوطنية وان الظروف السياسيه والاقتصادية تحول دون ذلك، ولكنني اطرح تصوراتي من زوايا اخرى تفاؤليه لها مسببات ودوافع وافاق عديدة وواقعية ودون الخوض في المحددات او المعوقات :
1. ان اتفاقيات باريس الاقتصادية 1994 -1999 والتي قيدت السلطة من اصدار العملة واشترطت على السلطة ضروره التفاهم والتشاور مع الكيان الصهيوني قبل اصدار العملة وبمعنى اخر ضرورة اخذ موافقتهم المسبقه لاصدار العملة، فان الاصل في هذه الاتفاقية قد الغيت وجمدت منذ اكثر من عقدين لانها وضعت لفتره خمس سنوات تنتهي في العام 1999 ،ونحن غير ملتزمين بها ( وهذه اولى خطواتنا نحو عدم الالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات مع الجانب الاسرائيلي استنادا الى خطاب الرئيس )
2. عوضا ان يكون الاحلال الكامل للعملة الوطنية في السوق الفلسطيني فانه يمكن لنا ان نطرح عملتنا للتداول تدريجيا اي الاحلال الجزئي للعملة الوطنية وابقاء العملات الثلاث في التداول. ( تلك النقطه كانت وما زالت اكبر معضلة سلبية للاقتصاديين الاخرين الذين طالبوا بتاجيل اصدار العمله حيث افترضوا الاحلال الكامل للعملة الوطنية والتخلص بالكامل من باقي العملات المتداوله فور اصدار العملة )
3.وعوضا عن التكوين الكامل للاحتياطيات بالعملات الاجنبية او بسلة عملات اجنبية او بحقوق السحب الخاص الصادرة عن صندوق النقد الدولي لتغطية قيمة العملة الفلسطينية المصدرة ، فانه يمكننا ان نكون احتياطي جزئي اي فقط بالقيمة المصدرة، ولتكن القيمة المصدرة من النقد في الربع الاول من العام فرضا بقيمة نصف مليار دولار من اصل اجمالي 2 مليار دولار ( حيث وبدراسات سابقه لي شخصيا تم تقدير عرض النقد المنوي اصداره بقيمة 2 مليار دولار) وبالربع الثاني من العام نصدر نصف مليار دولار وهكذا ..لحين وصولنا الى القيمة المقدرة من النقد المصدر 2 مليار على مدار العام، ويمكن لنا ايضا ان نجزأ الفترة لمدة اطول ولا داعي من الاستعجال في المراحل الاولى ( اي ان ندخل عملتنا للتدوال مع الابقاء على العملات الاخرى ) شريطة اصدار فقط 2 مليار للمرحلة الاولى التي قد تمتد لسنوات ، والابتعاد ما امكن عن تمويل عجز الموازنة باصدارات جديدة تفقد العملة قيمتها وايضا عدم ممارسة المقرض الاخير للبنوك التجارية.
3. لنا ان نحدد قيمة عملتنا الوطنية بسعر صرف ثابت ولا نتركه معوما لنظرية العرض والطلب لان لها مساوئ عديده او يمكن لنا ان نديره بمرونة managed flexible، وربطها بعملة قوية مثل الدولار او الجنيه الاسترليني او بعملة شركائنا التجاريين كالاردن واسرائيل مثلا وبسهوله يمكن لنا تحديد قيمتها من خلال متوسط قيمة الواردات /متوسط قيمة الصادرات =قيمة العملة الوطنية
4. يمكن لنا ان ندير العملة من خلال مجلس نقد فلسطيني عوضا عن انشاء بنك مركزي والابقاء على سلطة النقد تمارس نشاطاتها الرقابية على القطاع المصرفي والمالي دون ادارة و/أو اصدار العملة، ويطول الحديث هنا عن بيان الفروق بين مجلس نقد وبنك مركزي، وباختصار شديد فان مجلس النقد له قوانين وانظمة وتعليمات صارمة في ادارة النقد اكثر من ليونه البنك المركزي في التعامل مع النقد وايضا قد نتجنب الكثير من المشاكل من الدول التي لها عملات متداوله في فلسطين .
5. نترك قرار تسمية العملة لصناع القرار (دينار فلسطيني يعبر عن القومية العربيه والاسلامية ام جنيه يعبر عن التاريخ الفلسطيني ولكنه منبثق بتسميته عن الانتداب البريطاني )
6. وبما ان فلسطين اصبحت عضوا مراقبا في الامم المتحدة، فان عملتها الوطنية ستصبح لها القبول العام اقليميا ودوليا كباقي العملات الدوليه وبموجب العضويه في الامم المتحده فان دولة فلسطين ستصبح عضوا ايضا بحكم القانون في العديد من المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية والتي من خلالها تمكن فلسطين من تكوين الاحتياطيات لعملتها وايضا تستطيع ان تنال القبول العام والابراء الدولي للعملة.
7. القبول العام والابراء القانوني محليا واقليميا، تستطيع السلطة الوطنية ان تلزم البنوك المحلية والوافده وشركات الصرافه بقبول عملتها للتدول بموجب القانون، وايضا ان تقوم وزارة المالية الفلسطينية بجني ايراداتها بالعملة الوطنية وتدفع نفقاتها بالعملة الوطنية وبهذا تصبح العملة بمتناول كافة افراد الشعب. (باختصار شديد جدا فان اولى خطواتنا نحو تجسيد عدم التزامنا بالمعاهدات مع اسرائيل هو اصدار عملتنا الوطنية او على الاقل تطبيقها واستخدامها وفورا كوحده حسابيه ومطالبة اسرائيل عبر المحاكم الدولية بتعويض السلطة عن الخسائر التي تتكبدها سنويا جراء حرمانه من اصدار عملتها الوطنية وبأثر رجعي.
للمزيد يمكن للقارئ الرجوع الى الدراسات من خلال موقع ملتقى اصدار النقد الفلسطيني.