منيب المصري: سأتبرع بثروتي لفلسطين
"عمدة نابلس" و"الأب الروحي" و"روتشيلد الفلسطيني" إضافة إلى "ملك الضفة الغربية"، ألقاب عدة أطلقتها صحف عالمية على رجل الأعمال الفلسطيني منيب المصري. إلا أنه حين خيّر بينها اختار أن يلقب بـ"خادم فلسطين".
المصري من مواليد نابلس عام 1934، وهو أصغر أفراد عائلته المكونة من 8 إخوة وأختين. كان حلمه أن يصبح طيارا حربيا، وتوجه فعلا إلى الولايات المتحدة عام 1952 لدراسة الطيران في جامعة تكساس "لما طلعت عالطيارة خفت، وقررت أنزل على الأرض أدرس جيولوجيا، فعلم طبقات الأرض مهم جدا ويكشف ثروات المعادن والماء والبترول" يقول المصري.
وقصة تفكيره بتعلم الطيران الحربي جاءت حينما كان يرى الطيران الإسرائيلي يشن غاراته على المدن والقرى الفلسطينية إبان حرب عام 1948 وما تلاها "كنت أحلم بالعودة لمجابهة هذه الطيارات المحملة بالموت والدمار للشعب الفلسطيني".
الدراسة والعائلة
عام 1955 حصل على بكالوريوس في "جيولوجيا البترول" من جامعة تكساس بمرتبة الشرف، وحصل على درجة الماجستير في الإدارة الحكومية والجيولوجيا من جامعة سول روس في ولاية تكساس.
تعرف المصري خلال دراسته على زوجته الأمريكية أنجيلا مهندسة الجيولوجيا أيضا، تزوجا هناك وانتقلا إلى الأردن عام 1956 ليعمل منيب في شركة "فيليبس بتروليوم"، إحدى أهم 6 شركات أمريكية بالتنقيب عن البترول وبيع مشتقات النفط. ثم أسس الزوجان شركة مجموعة الإعمار الهندسية (ادجو).
للمصري أربع ابناء ذكور وابنتين هم: مي ودينا وربيح ومازن وعمر وليث. "لم يعودوا بحاجتي كلهم أصبحوا عظيمين، لذا أريد أن أموت فقيرا، سأعطي كل ثروتي لفلسطين، للشعب الفلسطيني".
الثراء
مجلة أرابيان بيزنس الاقتصادية المتخصصة أشارت في تقرير لها عام 2012 إلى أن المصري يأتي في المرتبة 33 في العالم العربي. واختارته في وقت لاحق كأحد أهم أربع شخصيات من بين 500 شخصية عربية على مستوى العالم لها إسهامات خيرية مميزة، وكرمته من بين هؤلاء الأربعة على دوره في خدمة الإنسانية للعام 2013.
لم يجمع المصري ثروته "بالسّاهل" خلال سنوات عمله الطويلة في التنقيب عن البترول والغاز "بدأت حياتي بالصحراي، في الجزائر أول ما استقلت ومصر والأردن وليبيا. ثم أصبحت عام 1965مشرفا على جميع أنشطة شركة فيلبس في ستة عشرة دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".
في عام 1970 عيُّن منيب المصري وزيرا للأشغال العامة في الحكومة الأردنية "بعد أحداث أيلول تم التواصل معي بخصوص تسلم هذه الحقيبة لبناء ما هدمته الحرب، وكان ذلك بتوافق بين الملك حسين وياسر عرفات. ولم اتقاضى برغبتي قرشا واحدا عن عملي خلال تولي الوزارة لمدة 10 أشهر".
شارك المصري في أول وزارة فلسطينية شكلت بعد اتفاق أوسلو وقبل العودة إلى الأراضي الفلسطينية، إذ عينه عرفات وزيرا للمال والإعمار.
إمبراطورية باديكو
بعد أوسلو، قررت مجموعة من رجال الأعمال الفلسطينيين، حوالي 200 مستثمر بمن فيهم المصري، تأسيس جسم لتنفيذ مشاريع هامّة لبناء الدولة الفلسطينية، فكانت شركة فلسطين للتنمية والاستثمار (باديكو). "أخذت على عاتقي جزءا كبيرا من المشروع، والغاية الأساسية للمجموعة منذ ذاك تطوير البيئة الأساسية لفلسطين برأسمال 200 مليون دولار".
وكان الهدف أن لا تكون القطاعات التي ستعمل عليها هذه الشركة تنافس أي قطاع موجود في فلسطين لان الهدف هو المساهمة في بناء الاقتصاد الفلسطيني الذي يعتبر أحد الاعمدة الاساسية في بناء الدولة.
يترأس المصري مجلس إدارة "باديكو" التي ساهمت بتأسيس شركة الإتصالات الفلسطينية، وشركة فلسطين للإستثمار الصناعي، وشركة فلسطين للإستثمار السياحي، وشركة فلسطين للإستثمار العقاري، وشركة المدن الصناعية، وشركة سوق فلسطين للأوراق المالية (مؤشر القدس)، وشركة الكهرباء الفلسطينية.
"وظفنا 6-8 آلاف شخص في المشاريع، والآن حوالي 700 ألف شخص يستفيدون من هذه الاستثمارات بشكل مباشر وغير مباشر"، يقول المصري بفخر عن باديكو التي تشكل 20-25% من حجم الاقتصاد الفلسطيني.
المسؤولية الاجتماعية
حوالي 2-4 ملايين دولار تدفعها مؤسسة "مؤسسة منيب رشيد المصري للتنمية" لتنفيذ مشاريع تنموية خيرية منذ تأسيسها عام 1970. وهي مؤسسة، تعمل في قطاعات التعليم، والرعاية الصحيّة، والثقافة، ودعم الريف الفلسطيني، ولصالح ذوي الاحتياجات الخاصة "أعرف معاناتهم جيدا، لدي حفيد ذا احتياجات خاصة".
تنفذ المؤسسة حاليا عدة مشاريع منها: مدرسة في يعبد في محافظة جنين، ومدرسة أبو قش في محافظة رام الله والبيرة، ومدرسة في العيزرية في محافظة القدس، ومستوصف الرحمة في نابلس، وكلية الاقتصاد في جامعة خضوري في محافظة طولكرم، وتقدم الدعم وتتبنى نادي المواهب في قطاع غزة، وستباشر قريبا في مشروع في جامعة بولتكنيك فلسطين في محافظة الخليل.
وللمؤسسة مساهمات في القطاع الصحي مثل تجهيز مختبرات مستشفى جامعة النجاح، وأيضا تقدم مئة منحة جامعية للطلاب والطالبات المتفوقين أكاديميا، وتسعى لأن يكون لها انتشارا في كل المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية.
أحلامه
"أحلم بتقديم شيء للقدس وبإنهاء الانقسام وحلول الوحدة الوطنية" ويوضح المصري أنه عمل منذ أعوام لجمع مليار دولار لتنمية القدس وتنفيذ مشاريع حيوية تعزز صمود أهل المدينة وتعزز عربيتها، لكنه جهودة لم تنجح حتى الآن، إلا أنه متفائل بتنفيذ حلمه قريبا من خلال "صندوق وقفية القدس" الذي تأسس بمرسوم رئاسي منذ أكثر من عام ويترأس المصري مجلس إدارته.