بسطات نابلس تنتفض..
تتجدد احتجاجات أصحاب بسطات وسط مدينة نابلس على قرار المحافظة بنقل بسطاتهم إلى منطقة ثانية في المدينة. البائعون محتجون على المكان الجديد والمحافظة مصرة على قرارها.
حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين
محاولات انتحار متكررة خاضها إياد صاحب بسطة ملابس من مدينة نابلس، أب لستة اطفال، فضل الانتحار على رؤية عائلته جائعة ومعرضة للذل كما يقول. والسبب، قرار البلدية والمحافظة بازالة "البسطات" من شوارع المدينة، وتجميعها في مكان واحد بدعوى تنظيم المدينة وضبط الفوضى فيها.
حالات إنسانية
"ما ضل الا أذبح أولادي.. أهاجر وأترك هالبلد، جربت الانتحار من قبل واليوم حاولت الانتحار، ما تغير اي شيء بحياتي، صاحب البيت ضايل ينام عنا بسبب ديونه عليّ، والفواتير تراكمت، وبنتي مريضة بالسرطان وتحتاج ابر كل 10-12 يوم قيمتها 600 شيقل، البنت تكاليف علاجها 100% مؤمنة، لكن الأدوية غير موجودة، ومواصلات للمشفى ومصاريف أخرى.. ما ضل حكي ينحكى"، فيض من غيظ ما تحدث به إياد، الذي أصيب بعجز نتيجة سقوطه من علو أثناء عمله، كما أنه تعرض للاعتقال عدة مرات من الاحتلال، وبالتالي كل الأبواب مغلقة بوجهه حسب قوله، الباب الوحيد اغلقته البلدية بوجهه حين تم اقرار ازالة البسطات من شوارع المدينة.
إياد لا يريد أن يصبح غنيا كما يقول، هو فقط يرغب بالعيش "مستورا"، ويعد بالالتزام بالقانون ويفضل الحل السلمي، لكن الجهات الرسمية تتمسك بقرارها الذي يحظى برفض 50-60 صاحب بسطة حسب اياد.
مراد عبيد (37) عاما، صاحب بسطة أيضا، وهو معيل لأربعة أطفال اضافة لأمه وأبيه المسنين، وهو صاحب بسطة محتج على قرار إزالة البسطات من الشوارع، مرفوض أمنيا من قبل إسرائيل، وبالتالي ليس لديه إلا بسطته كمصدر للرزق.
عبيد ينقل لموقعنا آلام أصدقائه قبل ان يتحدث عن نفسه، فمنهم صاحب بسطة عطور وهو مريض سكري وسرطان بالدم، يتعالج ويعالج ابنه من عمله على البسطة، وهناك قصص كثيرة تقشعر لها الأبدان كحالة صاحب بسطة لديه عجز بسبب إصابته في الانتفاضة، "مشلول ولديه عين واحدة".. وعلى ذلك قس.
"حاولنا منع 4 حالات من الانتحار، فأصحاب البسطات حوالي 35 منهم فوق ال55 عاما، اضافة إلى ذوي الاحتياجات الخاصة والمرفوضين أمنيا ومنهم من كان صاحب محل وتراكمت عليه الديون فترك محله وفتح بسطة، ومنهم اصحاب الشهادات العليا الذين اغلقت ابواب العمل بوجههم ففتحوا بسطة ليترزقوا بها." يتحدث عبيد.
وعن حالته الشخصية يقول عبيد إنه يحتاج يوميا لابرة لمنع تجلط الدم لزوجته الحامل وتكلفتها 83 شيقل لا توفرها الصحة فيضطر هو لشرائها لحين ولادة زوجته.
رفض العقاب الجماعي
ويقترح عبيد على الجهات المختصة منع البسطات غير المرخصة من التواجد في شوارع المدينة، لكن البسطات الملتزمة "يجب عدم قطع رزق اصحابها" ومكافأة التزامهم بهذا القرار.
ويقترح إياد حل مشكلة الفوضى بمحاسبة القائمين بها، لا بعقاب الجميع ووضعهم في سلة واحدة.
وتعليقا على المكان الذي اختارته الجهات الرسمية لهم في سوق العدل يقول اياد ان المكان لا يصلح لتربية الدجاج، وهو مكان مشبوه لمتعاطي المخدرات وفيه فئران، ولا يوجد "سيدة محترمة" تقبل الذهاب اليه حسب وصفه.
ويشير إياد الى الخسائر الكبيرة التي تكبدها منذ ازالة بسطته، حيث توقف عن البيع في الوقت الذي لديه التزامات تجاه عائلته وابنته المريضة رغم انه كان ملتزما بسداد اجار بيته وفواتير الخدمات وتسديد شيكاته.
معالم ستختفي
ويوضح عبيد ان في ذلك القرار تلاعب أيضا بمعالم المدينة، فهناك بسطات موجودة منذ 35 عاما، حيث أنها أصبحت معالم مميزة في المدينة، ويرى أن إزالتها تعني العبث بمعالم لها عشرات السنين في أماكنها، كعربة بائع الكعك والعصير وبائع العطور.
حلول مرفوضة
وينتقد عبيد الحل المقترح بالحديث مع الشؤون الاجتماعية لصرف مساعدات لهذه العائلات، فالأخيرة لا ينقصها الضغط حتى يضاف إليها عائلات جديدة، داعيا لفتح مشاريع استثمارية لتشغيل هؤلاء بدلا من التضييق عليهم وزيادة عبئهم.
بينما يرد أكرم الرجوب محافظ نابلس، بالقول "لا مشكلة لدينا مع أصحاب البسطات، فالمكان موجود وهو ليس كما يصفون، فهو مكان جيد ومناسب لوجود البسطات، وهم وافقوا عليه".
مراسل بوابة اقتصاد فلسطين في نابلس قام بزيارة المكان المنوي نقل البسطات اليه، وقال إن المكان نوعا ما ليس سيئا بالنهار، لكنه مفتوح أمام الحيوانات والزواحف، وعند زيارته ليلا لاحظ مراسلنا انتشار الفئران في المكان.
تشكيك بالاعتصام
ووصف الرجوب ما يجري بأنه محاولة من قبل فئة قليلة لإثارة الفوضى، متهما هؤلاء بوجود جهة تقف وراءهم وهي معنية بذلك، وخاصة أن أصحاب البسطات سكتوا على القرار، وتساءل "لماذا في هذين الأسبوعين تحديدا قاموا بالاحتجاج؟!!".
كما أشار إلى إن المحتجين هم فئة قليلة، فالبقية وافقوا على القرار ولا مشكلة لديهم.
من جانبه، يشير عبيد إلى أن عدد المحتجين يصل لـ 60 محتجا، رغم أن عدد البسطات الموجودة في الاحتجاج 12 بسطة لكنها تمثل البقية، فلا يمكن وضع كل البسطات في الاعتصام فانها تسبب إغلاق الشوراع. وانتقد مقترح وضعهم في سوق العدل، مشيرا إلى انه لا يمكن جمع بسطات الخضار والملابس في مكان واحد، فلن تقوم أي سيدة بدخول سوق خضار للبحث عن بسطة ملابس.
وعن سكوتهم لفترة طويلة يقول "تم تسكيتنا ولم نختار السكوت، فالوعود الكثيرة التي تلقيناها جعلتنا ننتظر حلولهم، لكن عندما تبين ان الوضع لن يتغير وان المحافظة والبلدية والغرفة التجارية مع الشرطة يصرون على موقفهم قمنا بالاعتصام.
ويبقى السؤال المطروح، هل "المظهر العام للمدينة" هو من سينتصر بوجه هؤلاء البسطاء الباحثون عن لقمة عيشهم على الارصفة وفي الشوارع؟!!