مكفوفون.. صناع مكانس
شادي جرارعة -تتردد مجموعة من المكفوفين إلى إحدى المباني في أطراف نابلس القديمة.. وفي كثير من الأيام ينجزون صناعة تقليدية تعرف بصناعة المكانس الخشنة.
مستدلّين إلى المكان من رائحة الأسماك المنبعثة في عمق شارع حطين التي ترشدهم إلى زقاق لا يتجاوز عرضه المتر، ويصعدون على سلّم من 18 درجة ليدخلوا إلى غرفة مشغلهم في مقر جمعية للمكفوفين.
في الداخل هناك ثلاث طاولات تمتد على طول الغرفة يعمل إلى جانبها مكفوفان بهذه الصناعة التي تحتاج إلى جهد عضلي وذهني.
وعرفت المكانس الخشنة كواحدة من أدوات تنظيف الشوارع في فلسطين تاريخا، وخلال العقود الماضية انحسر الاعتماد عليها كثيرا.
بالنسبة لعماد سلامة (24 عاما) رئيس هيئة الإدارة لجمعية المكفوفين في نابلس، يعد هذا المشغل متنفسا لهم، يقضون فيه وقتهم ويعملون لكسب قوتهم اليومي.
ينتسب إلى الجمعية 81 عضوا من الذكور والإناث. وتحصل الجمعية على دخلها من خلال التبرعات الخارجية، وما تحصل عليه من خلال بيع ما تنتجه من مكانس.
ويقول سلامة 'أعمل في هذه المهنة منذ ست سنوات'. حتى العام 2002 كان سلامة مبصرا، لكن بعد تعرضه لانفجار خلال اجتياح قوات الاحتلال لمدينة نابلس في نسيان 2002 أصبب بالعمى.
ويعمل المشغل على صناعة مكانس التنظيف بأنواعها المختلفة 'للسجاد والبلاط والدهان'. وقال سلامة 'نقوم بصناعة المكانس للشوارع، وفي حالات نادرة نقوم بصناعة الكراسي'.
بدأت فكرة صناعة المكفوفين للمكانس منذ عام 1932 في جمعية المكفوفين في عكا، التي تأسست عام 1919، حسبما يقول الصُنّاع. ولكن في نابلس بدأت هذه الفكرة ودخلت حيز التنفيذ مع تأسيس الجمعية في عام 1955.
وقال سلامة: إن المبني كان في مقر قديم، لكن مع زيادة الطلب على المكانس التي نصنعها لم يعد المكان يستوعبنا مع المصنوعات، لذلك انتقلنا إلى هذا المكان.
هناك أربعة عمال يقومون بإنتاج المكانس بمعدل ست ساعات يوميا، ولكن لفترة ليست بعيدة كان العمل بالمشغل بنظام الورديات.
,ويقول سلامة: يتقاضى العامل مبلغ ثلاثة شواقل مقابل كل مكنسة يصنعها، ولكن في كثير من الأحيان لا نسطيتع بيع ما ننتجه بسبب شح الطلب على المنتج، ما يسبب ضعفا ماديا لدى العمال.
وتباع المنتجات بأسعار متفاوتة تتراوح ما بين 6 إلى 17 شيقلا للقطعة، يطلبها التجار بشكل متفاوت، وبلدية نابلس بشكل دائم، وبعض الأشخاص يأتون لشرائها بشكل فردي.
يقول صابر طلال (45 عاما) من قرية الفندقومية شمال الضفة الغربية، وهو متزوج ولديه 5 أبناء، 'أنا منتسب للجمعية منذ عام 1985، بدأت العمل بالفراشي والمكانس منذ 29 عاماً'.
ويضيف أنه يعمل بهذه المهنة ليس لكسبها المادي فهو قليل، وفي أغلب الأوقات يذهب دخله للمواصلات التي يأتي بها من قريته.
ويستخدم طلال في صناعة الفراشي التي تستخدم في طلاء الجدران، القش المصنوع من نبات البرسيم والأسلاك والأخشاب، وينتج يوميا ما يقارب 10 قطع من المكانس ومثلها من الفراشي.
ويقول 'أعمل هنا بشكل متقطع وليس بشكل دوري، فأنا بائع متجول في قريتي، وأحصل على دخل جيد'.
(وفا)