ما سر تكرار حوادث الطائرات في إندونيسيا؟
دفع حادث تحطم الطائرة الإندونيسية مؤخرا مجلة "أتلانتيك" الأمريكية إلى البحث عن أسباب تكرار حوادث الطيران في الدولة الآسيوية، خاصة وأن الحادث يعد الثالث من نوعه في إندونيسيا خلال الاثني عشر شهرا الماضية.
تاريخ حافل بالحوادث
وشهدت إندونيسيا التي تضم رابع أكبر عدد للسكان على مستوى العالم سلسلة من حوادث الطائرات مؤخرا، فشركة الطيران "تريجانا" التي تمتلك الطائرة المنكوبة الأخيرة سجلت وحدها نحو 14 حادثاً كبيراً منذ تأسيسها في عام 1991.
وفي يوليو/تموز الماضي تحطمت طائرة عسكرية تقل 122 شخصا في مدينة "ميدان" مما نتج عنه مصرع جميع ركابها إضافة إلى مقتل 21 شخصاً على الأرض.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي تحطمت طائرة تابعة لشركة "Air Asia" بعد فترة وجيزة من إقلاعها من مدينة "سروابايا" الإندونيسية في اتجاهها إلى سنغافورة، ولقي جميع ركابها الـ 162 أيضا مصرعهم.
ويحفل تاريخ قطاع الطيران الإندونيسي بمثل هذه الكوارث، لذلك كان الاتحاد الأوروبي يحظر دخول طائرات شركات الطيران الإندونيسية إلى أي من دوله حتى عام 2009.
وأرجع تقرير "أتلانتيك" أسباب تكرار تلك الحوادث إلى مزيج من العوامل الجغرافية والاقتصادية والسياسية.
جغرافيا
تعتبر إندونيسيا أرخبيلا من الجزر الممتدة جنوب غرب المحيط الهادي مما يزيد صعوبة التنقل بين تضاريسها الوعرة، ويعد النقل الجوي أفضل وأسهل وسيلة للانتقال الداخلي، وتتسم الأماكن الفقيرة مثل إقليم "بابوا" بفقر أو انعدام البنية التحتية للطرق والسكك الحديدية.
وقد وقع الحادث الأخير الذي نتج عنه مقتل جميع ركاب الطائرة الأربعة والخمسين في إقليم "بابوا" الذي يعد أحد أكثر المناطق النائية في العالم، ويعتبره العلماء بمثابة "العالم المفقود" نظرا لبعده واحتضانه للعديد من فصائل الحيوانات الغريبة وغير المعروفة.
السياسة
وقد نتج النمو الاقتصادي الكبير الذي سجلته الدولة الآسيوية خلال العقدين الماضيين في أعقاب انهيار أسواق المال الآسيوية في عام 1998 عن زيادة أعداد الطبقات الوسطى، وهو ما جعل تكاليف النقل الجوي في متناول جزء كبير من المواطنين، فأصبح أحد وسائل الانتقال الداخلية الرئيسية، ومع كثرة الرحلات تزيد احتمالات وقوع الحوادث.
ما زالت إندونيسيا ديموقراطية ناشئة، لذلك تعاني الدولة من زيادة معدلات الفساد في جميع القطاعات ومنها قطاع الطيران، ويحصل العاملون بالقطاع سواء الطيارين أو التقنيين أو مراقبي الحركة الجوية على أجور زهيدة.
كما أن الحكومة لا تسمح باشتراك فرق خارجية في عمليات البحث عن الضحايا وإنقاذهم خوفا من فضح مستويات المهارة المتدنية للعاملين بقطاع الطيران الإندونيسي من جميع الفئات.